استضافت ساحة القديس بطرس بالفاتيكان أمس، مراسم تنصيب البابا الجديد فرنسيس، الحبر الأعظم ال 265 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية. وتابع مئات الآلاف من الأشخاص بينهم وفود حكومية ورؤساء دول تسلم البابا الأرجنتيني شارات حبريته، وبينها درع ترمز إلى دوره الراعي، و «خاتم الصياد» الذي اختار، بخلاف الباباوات السابقين، أن يكون مصنوعاً من الفضة ومطلياً بالذهب، لتأكيد أن حبريته ستركز على «التواضع والإيمان الحقيقيين»، وأنه «بابا الفقراء». واستبق البابا الجديد مراسم التنصيب بجولة على متن سيارة مكشوفة، وليس سيارة واقية من الرصاص استخدمها البابا السابق بنيديكتوس السادس عشر خلال جولاته في ساحة القديس بطرس. وتوقف مرات لتحية الحشود وقبّل بعض الأطفال وترجل ليبارك رجلاً عاجزاً، علماً أن الفاتيكان فرض إجراءات أمن مشددة في المناسبة تمثلت في نشر 3 آلاف عنصر أمن، بينهم قناصة على السطوح، وخبراء متفجرات. وفي عظة تأثرت بتعاليم فرنسيس الأسيزي، القديس الذي اختار البابا أن يحمل اسمه، حض الحبر الأعظم المسؤولين الاقتصاديين والسياسيين على عدم السماح «لعلامات الدمار والموت بأن تواكب تقدم العالم». وأكد بتأثر واضح أن البابا «يجب أن يستقبل الجميع بعطف وحنان، خصوصاً المحرومين والضعفاء والمهمشين». وزاد: «وسط كل هذا الظلام يجب أن نرى نور الأمل». ويعتبر أسقف بوينوس أيريس السابق خورخي برغوليو من منتقدي صندوق النقد الدولي والأسواق الرأسمالية التي لا تخضع للرقابة، ما يمكن أن يجعله صوتاً مهماً في أوروبا التي تمر في مرحلة تقشف. وعلّق الكاهن الكولومبي رودريغو غراخاليس أن الكنيسة ستكون مع البابا فرنسيس أقرب إلى الناس وإلى العالم الحديث». وتوقعت الأخت روز، وهي راهبة إيطالية مسنة، أن يكون البابا «مثل قديس فرنسيس جديد على الأرض يدعو إلى المحبة والطيبة والفقر والتواضع». وقالت إسبانية تدعى أماليا ديل غريس: «ستكون بابويته مهمة، لأنه يتحلى ببساطة كبيرة تمس القلب». وكان البابا فرنسيس دعا بعد انتخابه إلى «كنيسة فقيرة تخدم الفقراء»، محذراً الكرادلة في العالم من السعي وراء الأمجاد، ومن انهيار الكنيسة الكاثوليكية «كقصر من الرمال»، إذا لم تمر بتجدد روحي عميق. وستكون التعيينات التي سينفذها البابا الجديدة في الإدارة المركزية للكنيسة خلال الأسابيع المقبلة، محط أنظار الجميع، في ظل تشديد المسؤولين على ضرورة إجراء إصلاحات لمعالجة مشاكل الفساد فيها. وشهد قداس تكريس أول بابا من خارج أوروبا منذ نحو 1300 سنة، مشاركة رسمية كبيرة من أميركا اللاتينية عبر رؤساء الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وكوستاريكا والمكسيك والباراغواي. وانضم إلى الحضور المستشارة الألمانية انغلا مركل ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي ورئيس الوزراء الفرنسي جان مارك ارولت، ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي، فيما تجاهل رئيس زيمبابوي، روبرت موغابي، حظراً أوروبياً على سفره بسبب اتهامه بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، لأن الحظر لا يشمل الفاتيكان. وحضر أيضاً مندوبون عن الكنائس الشرقية، بينهم بطريرك القسطنطينية برثلماوس الأول الذي اعتبر أول بطريرك للقسطنطينية يحضر قداس التنصيب منذ عام 1054 الذي شهد انقسام الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية. ولم ترسل الصين أي موفد، بعدما أعلن الرئيس التايواني ما يينغ جيو مشاركته. وفي الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، تجمعت حشود كبيرة أمام كاتدرائية بوينوس أيريس لحضور قداس التنصيب. وردد تلاميذ الثانويات الكاثوليكية شعارات تشيد بالبابا، بينما لوح طلاب اللاهوت وراهبات بأعلام الفاتيكان ولافتات تدعم البابا الجديد. وقالت سيليا فارياس: «أيقظ هذا البابا مشاعر قوية في داخلي، ليس فقط لأنه من الأرجنتين بل لأنه شخص ودود».