جدد وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي التأكيد بالتزام المملكة العربية السعودية تجاه النمو الاقتصادي في آسيا، مشدداً على أن زيادة الطلب على الطاقة في المملكة لن يكون لهذا الطلب تأثير في الصادرات، معتبراً أن الاعتقاد بأن السعودية تخطط لوسائل تحافظ على السعر عند مستوى معين لتمويل مشاريعها «أمرٌ غير واقعي». وقال النعيمي في كلمة ألقاها في المؤتمر السنوي ال16 للاستثمار في آسيا، الذي ينظمه كريدي سويس آسيا باسيفيك في هونغ كونغ، أمس، إن إجمالي الصادرات السعودية من النفط إلى المنطقة زاد بنسبة50 في المئة، كما أصبح لدى المملكة مشاريع مشتركة في كوريا الجنوبية واليابان والفيليبين والصين. وتطرق وزير البترول عما وصفه بالمفاهيم الخاطئة التي تؤثر في استقرار سوق الطاقة العالمي والاقتصاد العالمي بأسره، وقال إن أول هذه المفاهيم الذي يتعلق بالطاقة الإنتاجية الاحتياطية للمملكة «من حين لآخر تصدر تقارير عن مؤسسات مالية مرموقة تشكّك في هذه الطاقة، وتطرح تساؤلات حول مدى توفرها وإمكان الحفاظ عليها»، موضحاً أن مزاعم نضوب المخزون العالمي من النفط لم تتوقف منذ بدء استخراجه من باطن الأرض، فيما لم تتوقف الاحتياطات النفطية عن الزيادة خلال تلك الفترة، على رغم استهلاك البلايين من براميل النفط، بفضل الإبداع البشري والتطور التقني». وأكد أن مهندسي المملكة وعلماءها في مجال التنقيب والإنتاج يتحدثون عن استمرار إنتاج النفط والغاز حتى فترة متقدمة من القرن المقبل، لافتاً إلى أن المسألة الأكثر أهمية في هذا الصدد تدور حول مدى تأثير التقنيات والأساليب والاحتياطات الجديدة على سوق الطاقة العالمية. وشدد على أن الاحتياطات الجديدة الناجمة عن أنشطة التكسير في الولاياتالمتحدة، وأنشطة الحفر في المناطق البحرية في البرازيل، وتزايد أعمال التنقيب في القطب الشمالي تدل على أن بشائر الوفرة تدحض فكرة النضوب، إلى جانب أن الاحتياطات التجارية الجديدة كالزيت الصخري تحمل في طياتها أخباراً سارة للاقتصاد العالمي الذي يعتمد في نموه على مزيد من التنوع في مصادر الطاقة. وتابع: «ليس السؤال هو عن تملك المملكة طاقة احتياطية من عدمه، بل ما إذا كنّا بحاجة إلى إنفاق البلايين للحفاظ على هذه الطاقة الفائضة أم لا، والإجابة بالطبع هي أننا في المملكة نحافظ على الطاقة الإنتاجية الفائضة لضمان استقرار سوق النفط وتوفير الإمدادات اللازمة للاقتصادات العالمية، إدراكاً منّا للدور المحوري الذي تلعبه هذه الطاقة في حماية استقرار الاقتصاد العالمي، وهي مسؤولية أخذناها على عاتقنا بكل جد وأديناها بكل أمانة وموثوقية على مدى عقود عدة». وأشار النعيمي إلى أن المفهوم الثاني الخاطئ هو ما يسمى بنقطة التعادل في سعر النفط، مبيناً أن هذه النقطة السعرية تتعلق في الأساس بالاقتصاد العالمي أكثر مما تتعلق بحكومة بعينها، وقال: «لو هبط سعر البرميل إلى 40 دولاراً لن تقتصر تداعيات ذلك على المملكة وحدها، بل ستتجاوزها إلى الاقتصاد العالمي، وستنعكس على الاستثمار في المصادر غير التقليدية للطاقة، كما ستكون لذلك عواقبه الوخيمة على الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة». واعتبر أن الاعتقاد بأن المملكة تخطط لوسائل تحافظ على السعر عند مستوى معين لتمويل مشاريعنا المحلية هو أمرٌ غير واقعي، فمستوى إنفاقنا الحالي على البنية التحتية لن يشهد ارتفاعاً كبيراً. وذكر وزير البترول والثروة المعدنية أن المفهوم الخاطئ الثالث يتعلق بالطلب على الطاقة داخل المملكة ومدى تأثيره في صادراتنا، وقال: «لن يكون لهذا الطلب تأثير في الصادرات، فزيادة استهلاك الطاقة من الأمور المتوقعة في الاقتصادات النامية، والدول الآسيوية تدرك ذلك جيداً، ونحن نستثمر الآن في البنية التحتية، وننوّع موارد اقتصادنا بعيداً عن مبيعات النفط، كما نسعى إلى إيجاد فرص عمل مستدامة، ونحن نعتمد في مواجهة هذا الطلب على تنويع مزيج الطاقة عبر التوجه نحو الغاز ومصادر الطاقة المتجددة». وحول أسعار النفط رأى النعيمي أن «مستويات الأسعار الحالية ستبقى كذلك في المستقبل المنظور، غير أن هذه المستويات لن تحُول دون مزيد من النمو الاقتصادي في آسيا، والمملكة بطبيعة الحال لا تحدد السعر، بل تحدده السوق»، داعياً الخبراء إلى تحري الدقة فيما ينشرونه من تقارير، «فالسوق بحاجة إلى انتهاج أسلوب أكثر نضجاً إزاء التوقعات المستقبلية».