رداً على مقال الكاتب محمد المزيني، المنشور في «الحياة»، بتاريخ «13 آذار/ مارس 2013»، بعنوان: «معرض كتاب... وكفى!». ما كتبه الأستاذ محمد المزيني هو ما يمثل ضمير المثقف السعودي. لم تعد القضية قضية فساد إداري ولا مالي، ولا محسوبيات، ولا لعب على الذقون، ولم تعد كذلك مسألة تقصير في العمل، بل أصبحت المسألة: «إهانة للثقافة على المكشوف»، وأصبحت القضية قضية «مثقفين». الكل يعلم ما هي الأموال الطائلة التي تُجنى من وراء تأجير الأركان في معرض الكتاب، والكل يعلم قضيّة الإشكالات التي تتردد حول شراء وكالة الوزارة لبعض الكتب المخصوصة بعد التعاقد السري بين بعض موظفيها ومؤلفي تلك الكتب ودور النشر. ولم يبق إلا أن يقوم المسؤولون في الوكالة بإنشاء دار نشر وهمية باسم أحد المواطنين، ثم بعد ذلك تقوم الوكالة بشراء هذه الكتب لتقسم الأرباح على الموظف في الوكالة. في السابق حصلت سابقة مماثلة لهذا الفساد في بعض الأندية الأدبية، إذ كان النادي يطبع بعض الكتب ويقوم بعمل جائزة للكتاب، فيفوز الكتاب الذي طبعه النادي بجائزة الكتاب السنوية، التي تتنافس عليها دور نشر محلية غير النادي الأدبي، وكانت تلك فضيحة، لكن لما كانت الجائزة تذهب للكاتب، كان ذلك ما يمكن أن يغض الطرف عنه، لأن المستفيد هو الكاتب. أما أن تقوم الوكالة، بالتعاون من خلال أحد موظفيها ومستشاريها، بالتصويت على كتاب المستشار نفسه، فيفوز كتاب المستشار، وتفوز دار النشر التي يمتلكها المستشار نفسه، فهذا فساد ما بعده فساد. أعجبني ما نشرته صحيفة «الحياة» في يوم الثلثاء «12 آذار/ مارس 2013» عن أن كتاب الوزير عبدالعزيز خوجة، أو ديوانه الشعري الجديد، صدر من غير زخم إعلامي، فهذا يدل على أن الوزير ليس شخصاً فاسداً، ولا يطارد الصحف والتلفزيونات والإذاعات بطلب الدعاية لكتبه، وكان يستطيع أن يفعل ذلك من خلال أي من أصدقائه وموظفيه، أو حتى بعض الصحافيين الصغار في الصحف، ولكنه لما كان شخصاً نزيهاً وأستاذاً كبيراً لا يريد البهرجة ولا التلاعب لم يفعل ذلك لديوانه الخاص به، فلماذا يسكت الوزير عن مثل هذه التلاعبات الصبيانية التي تقوم بها الوكالة؟ إن محمد المزيني في هذه القضية، وفي هذه المقالة، كان يمثل ضمير المثقف السعودي، وينبغي لجميع المثقفين أن يقفوا معه صفاً مرصوصاً، وأن ترفع هذه المهازل ويطالب بالتحقيق فيها، حتى تعاد الأمور في مسارها الصحيح، وتعود الطيور إلى أوكارها، وتجازى كل نفس بما كسبت. [email protected]