كشف مستثمرون في قطاع الدواجن عن خطط تقودها شركات الدواجن الكبيرة لاحتكار السوق، من خلال السيطرة على المزارع الصغيرة، وذلك عبر إغراق تلك المزارع بالديون، حتى تتفاقم عليها ومن ثم شرائها بأسعار رخيصة. وأوضح المستثمرون في حديثهم ل«الحياة»، أن الشركات الكبيرة تبرم عقود مقايضة مع المزارع الصغيرة، بإعطائها العلف والصوص وذبح وسلخ الدواجن في مسالخها، في مقابل الحصول على الدجاج، مشيرين إلى أن عقود المقايضة تؤدي إلى تفاقم الديون على أصحاب المزارع الصغيرة، وبالتالي لا يكون أمامهم سوى خيار بيع المزارع للشركات الكبيرة للوفاء بديونهم. وأكدوا أن قطاع الدواجن يعاني من عدم توافر الحماية اللازمة له من وزارة الزراعة، ومساعي شركات الدواجن الكبيرة للاستيلاء على مزارع الدواجن اللاحم، ومزارع الدجاج البياض التي يمتلكها صغار المستثمرين. وقال المستثمر في قطاع الدواجن فهد الحمودي: «إن قطاع الدواجن يواجه عدداً من التحديات، أهمها عدم توافر الحماية اللازمة له من وزارة الزراعة، خصوصاً أن غالبية أصحاب مزارع اللاحم لا يمتلكون مسالخ، ما يجعلهم فريسة لشركات الإنتاج الكبرى، التي تمتلك مصانع أعلاف وصيصان ومسالخ». وأضاف: «الشركات الكبيرة توقع عقود مقايضة مع المزارع الصغيرة، تقدم تلك الشركات بموجبها العلف والصوص وخدمات السلخ في مقابل الدجاج، ويجد أصحاب المزارع الصغيرة أنفسهم بعد مدة أنهم غارقون في الديون لهذه الشركات، ما يجبرهم على التنازل عن مزارعهم في مقابل الضمانات المكتوبة عليهم، وهذا هو أحد أسباب الخلل في إنتاج الدجاج اللاحم في السعودية، ووزارة الزراعة لا تهتم بالكيانات الصغيرة ولا تدعمها». وأشار الحمودي إلى أن «الشركات الكبرى حاولت السيطرة على مزارع الدجاج البياض، غير أنها لم تستطع، لأن مزارع البياض لها دورة أو دورتان بالنسبة لإدخال الصوص، بعكس مزارع الدجاج اللاحم التي تحتاج لشراء الصوص والذبح والأعلاف بشكل يومي». ولفت إلى أن الشركات الكبيرة ما زالت تحاول زيادة أسعار الأعلاف لإغراق مزارع البياض بالديون للاستيلاء عليها، مطالباً وزارة الزراعة بتهيئة مناخ الاستثمارات، وتوفير الأراضي، والإشراف على سلامة العمل البيطري، خصوصاً مع ارتفاع نسبة النفوق التي تصل أحياناً إلى 20 في المئة من الإنتاج، ما يؤدي إلى انخفاض كمية الإنتاج المحلي المعروضة في السوق. وشدد على أن قطاع الدواجن يعاني من العشوائية ويفتقر إلى الحماية اللازمة، إضافة إلى سطو الأقوياء على الضعفاء، في حين أن وزارة الزراعة ما زالت تدعم الشركات الكبرى، مضيفاً أن هناك عدداً من المستثمرين الصغار في قطاع الدواجن لم يتحملوا الظروف الحالية من ارتفاع أسعار الأعلاف والديون المتراكمة عليهم، واضطروا إلى الخروج من السوق من خلال بيع مزارعهم للشركات الكبرى، التي تعد أكثر المستفيدين من هذه الأزمة. ولم يحدد الحمودي عدد المستثمرين الذين خرجوا من السوق بسبب تلك الضغوط، وقال إنه لا يملك إحصاءً بعددهم، غير أنه أكد خروج العديد منهم من السوق. واتصلت «الحياة» بالمتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة الدكتور خالد الفهيد، إلا أنه رفض التعليق بسبب «ظروفه الخاصة». من جهته، قال الدكتور عبدالله المعمر صاحب إحدى مزارع الدواجن (سابقاً)، إن «مساعي شركات الدواجن الكبرى لاحتكار السوق ما زالت قائمة، فهي تسعى إلى الاستيلاء على مزارع الدواجن اللاحم، ولدى هذه الشركات طرق في التحايل والاستيلاء على مزارع صغار المستثمرين»، محذراً من مخاطر احتكار عدد قليل من الشركات لقطاع الدواجن. وتطرق المعمر إلى المصاعب التي تواجه صغار المستثمرين في قطاع الدواجن، وقال إنها تتمثل في «عدم توافر المسالخ الخاصة بهم، وهذا يجعلهم يلجأون إلى الشركات الكبرى التي تمتلك المسالخ، ما يضاعف الضغوط والمصاريف المالية، ويجعل خيار الخروج من السوق الأفضل لدى كثير من صغار المستثمرين بعد ضغط الشركات الكبيرة عليهم والمطالبة بالمتأخرات المالية والاستيلاء على مزارع الدواجن اللاحم بأسعار رخيصة». غير أن المستثمر في مسالخ الدواجن إبراهيم المحارب، اعتبر أن مزاعم أصحاب مزارع الدواجن اللاحم بالسعي إلى الاستيلاء على مزارعهم من جانبهم غير صحيح، «ولا يتم هذا الأمر تحت أي ضغط، ويكون البيع بالتراضي بين الطرفين». وأكد المحارب أن مسالخ الدواجن تقدم خدماتها بعد الاتفاق مع أصحاب مزارع الدواجن اللاحم، ويتم تحصيل المبالغ بعد انتهاء الاتفاق بين صاحب المزرعة والمسلخ. يذكر أن أعلاف الصويا شهدت ارتفاعاً كبيراً منذ بداية العام الحالي، وبنسبة 70 في المئة، بسبب التراجع الحاد في إنتاج الولاياتالمتحدة من الذرة الصفراء وفول الصويا، وذلك نتيجة لموجة الجفاف. وتعد السعودية من أعلى الدول استهلاكاً للدجاج، ويبلغ متوسط استهلاك الفرد 42 كيلوغراماً سنوياً، ويصل حجم استهلاك السعودية من الدجاج إلى نحو 1.3 مليون طن سنوياً.