أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن ارتياحه الى ما تحقق في قمة الحلف الأطلسي (ناتو) التي إختتمت في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وصادفت الذكرى ال60 لتأسيس الحلف. وأعلن أوباما، خلال مؤتمر صحافي أن ما تحقق من دعم للمسألة الأفغانية «يندر تحقيقه في مثل هذا النوع من الاجتماعات»، مشيداً باستعداد الحلف لإرسال 5 آلاف جندي إضافي الى أفغانستان ومرحباً ب»تصميم» فرنساوألمانيا على دعم هذا البلد. (راجع ص 8) وقال أوباما ان للحلف قوات في أفغانستان، وتقرر خلال القمة إرسال حوالى 3 آلاف مدرب لتأهيل الجيش والشرطة الأفغانييَن وإنشاء صندوق بمئة مليون دولار لدعم القوات المسلحة الأفغانية، ولضمان عدالة الانتخابات المقبلة ونزاهتها، مشيراً الى الاستعانة بمهندسين وأطباء لتحسين أوضاع الشعب الأفغاني. وتوعد أوباما تنظيم «القاعدة» مشدداً على أنه «لن ينتصر على قوات الحلف التي ستنجز مهمتها بنجاح». وأكد أن نتائج قمة ستراسبورغ «دليل على التزام الحلف تحقيق هدفنا، خصوصاً أننا نواجه عدواً لا يعترف بأي حدود ويهدد باعتداءات جديدة». وفي شأن المفهوم الاستراتيجي للحلف، أقرّ أوباما بأن على الحلف أن يتغيّر ويكتسب مزيداً من الحداثة ليكون قادراً على مواجهة التحديات غير التقليدية. وزاد أنه جاء الى ستراسبورغ «للإصغاء والتعلّم والتوجيه»، لافتاً الى ان أوروبا في الوقت ذاته «أمام تحديات تصعب عليها مواجهتها من دون الولاياتالمتحدة». وشدد أوباما على حتمية بذل جهود ديبلوماسية حيال باكستان وتعزيز قدراتها على مواجهة «القاعدة» على حدودها، وأيضاً تعزيز إمكاناتها على تحسين معيشة شعبها، وكشف أن مساعدات مالية إضافية ستقدّم الى إسلام آباد لكنها مشروطة بتحسن مكافحة الإرهاب، مؤكداً انه سيحضّ الحلفاء على تقديم مساعدات اقتصادية لهذا البلد. وكانت القمة إنتهت الى توافق على استراتيجية جديدة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية، والى إقرار مبدأ تحديد مفهوم استراتيجي للحلف، وتأكيد التكامل بين الدفاع الأوروبي والحلف فضلاً عن اجماع على اختيار رئيس وزراء الدنمارك اندرس فو راسموسن أميناً عاماً للحلف. وأكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال مؤتمر صحافي عقده مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والأمين العام الحالي للحلف، الهولندي ياب دو هوب شيفر، ان «زمن القمم الدولية التي لا تتوصل الى نتائج قد ولّى». ونبّه الى ان القمة الأطلسية وقمة مجموعة العشرين الاقتصادية التي عقدت في لندن «ستغيّران مسار الأمور». وعبر ساركوزي عن ارتياحه الى إجماع أعضاء الحلف على تعيين راسموسن خلفاً لشيفر بدءاً من الأول من آب (أغسطس) المقبل، بعد تذليل الاعتراض التركي. وأوضح أن أوباما التزم العمل بقوة مع راسموسن، وان التعاون مع الرئيس الأميركي الجديد «كان سهلاً»، مشيراً الى أن الأخير أكد تأييده لأوروبا الدفاعية وإن رغبته في إيلاء هذه القارة مكانتها في إطار الحلف «مدعاة للسرور». واعتبر ان موافقة أوباما «على كل ما نطلبه منذ شهور وسنوات انتصار لأوروبا». و رداً على سؤال عبر ساركوزي عن قناعته العميقة بأن «مرحلة جديدة من العلاقات الأطلسية بدأت»، مشيراً الى ان «هناك خلافات لكننا أسرة وسنعمل على حلها، وولّت مرحلة الشك المتبادل». وأفادت أوساط مطلعة بأن أوباما وضع ثقله لإقناع تركيا بالموافقة على تعيين راسموسن، بعد أن بدت الموافقة متعذرة عقب بدء جلسات القمة، وتعهّد تقديم ضمانات للجانب التركي. وقالت مركل خلال المؤتمر الصحافي ان ما أنجِز يشكّل نجاحاً كبيراً «فلدينا مفهوم واستراتيجية جديدان في أفغانستان، كما أعدنا إحياء العمل مع روسيا». وشكرت لأوباما التفهّم الذي أبداه حيال التباين في وجهات نظر الأعضاء، معتبرة أن ذلك يؤكد ان الولاياتالمتحدة تريد فعلاً العمل من أجل مستقبل الحلف. وأعلنت أن ألمانيا سترسل قوات اضافية الى أفغانستان، لافتة الى أن «مفهوم الأمن المتداخل الذي نعتمده منذ مدة طويلة والذي أقرّته واشنطن في استراتيجيتها، سيسرّع وتيرة تقدّم الأمور ميدانياً».br / وتبنّى القادة في قمة «الأطلسي» بياناً تضمّن المواضيع التي بحثت، وفي مقدمها أفغانستان باعتبار ان «أمننا مرتبط بصورة وثيقة بأمن هذا البلد واستقراره». وأشار البيان الذي يقع في 16 صفحة، الى استمرار الجهوزية في مساعدة العراق على تأهيل قواته الأمنية. وعبّر عن «قلق أعضاء الحلف البالغ حيال العنف والفظائع المستمرة في إقليم دارفور». ودان «بأكبر مقدار من الحزم» أعمال الإرهاب «الإجرامية وغير المبررة، أياً تكن دوافعها». وشدد البيان على أهمية استمرار الحوار الأطلسي – المتوسطي على مستوى وزاري، خصوصاً في ظل التحديات المتعددة في المنطقة، وجدد التزام الأسرة الدولية العمل لتحقيق السلام. وشهدت ستراسبورغ سلسلة مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مناهضين للقمة، أسفرت عن جرح عشرات بينهم خمسة من رجال الأمن، وإعتقالات. كما أحرق محتجون فندقاً ومتاجر.