نتحدث كثيراً عن العقول العربية المهاجرة التي تساهم في صنع تقدم علمي وتكنولوجي في الدول الغربية التي احتضنتهم، فيما تُعاني معظم المجتمعات العربية من الحاجة الماسة لهذه العقول كي تساعدها في التغلب على مشاكل الجهل والمرض والفقر. هل تظل المجتمعات العربية طاردة لهذه العقول المهاجرة، أم هناك أمل بالتغيير بعد ثورات «الربيع العربي»؟ أنجزت الجامعة العربية خطوة أولى في الإجابة عن هذا السؤال. ونظّمت مؤتمراً لهؤلاء العلماء تحت عنوان «عندما تتكامل العقول العربية». وأكّد المشاركون في المؤتمر ضرورة الاستفادة من خبرات العقول العربية المهاجرة، خصوصاً في ظل ما تشهده المنطقة من متغيّرات كبرى تتضمّن التشديد على بناء مجتمعات المعرفة. طريق باتجاه وحيد في سياق المؤتمر، تحدّث الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي عن ضرورة التواصل مع العقول العربية المهاجرة، مشيراً إلى أن 34 في المئة من أطباء بريطانيا ينتمون إلى جاليات عربية. وأورد أن 600 عالم مصري يعملون في الغرب في تخصّصات عاليّة، مع وجود 854 ألف اختصاصي مصري مهاجر وقرابة 4 ملايين من خيرة الكفاءات العلمية العربية في الغرب أيضاً. وتحدّث وزير التعليم العالي المصري الدكتور مصطفى مسعد عن ضرورة نسج شبكات تجمع العلماء العرب في الخارج. وأضاف أن 54 في المئة من الطلاب العرب الذين يسافرون للدراسة في الخارج، لا يرجعون إلى أوطانهم. ولفتت الدكتورة نادية زخاري، وزيرة البحث العلمي في مصر، إلى غياب إحصاءات دقيقة عن العلماء العرب والمصريين في الخارج. وأوضح رئيس «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا» الدكتور عبد الله عبد العزيز النجّار أن العلماء العرب في الداخل والخارج لبنة واحدة، لكنهم يحتاجون إلي البيئة المحفزة للتعاون المشترك. وأشار إلى أن الاقتصاد يجب أن يكون محور البحث العلمي والابتكار التكنولوجي، وأن هجرة العقول العربية كبدت الاقتصاد العربي أكثر من 200 بليون دولار. وقال رئيس «جمعية التقدم العلمي والتكنولوجي في أميركا الدكتور وائل الدليمي» إن العلماء العرب في الخارج ينظرون بألم وحسرة إلى العالم العربي، مقارنة بدول أخرى مثل الهند والصين وكوريا الجنوبية التي استطاعت الاستفادة من أبنائها المهاجرين، علماً أن نسبة المغتربين العرب أضعاف نسب المغتربين من هذه الدول. وذكر نائب رئيس «جامعة العلوم والتكنولوجيا» (الأردن) الدكتور عمر الجرّاح أن العلماء العرب في حاجة لبيئات الحرية والعدالة والانفتاح كي يُبدِعوا، مشدّداً على أن إنتاج المعرفة هو السبيل الوحيد للنجاح في عالم الأعمال. ولفت إلى أن إنفاق الدول العربية على البحث العلمي لا يتجاوز 0.5 في المئة من الناتج المحلي، بينما يلامس 6 في المئة في الغرب، مشيراً إلى أن معظم البحوث العربية أكاديمية، ولا تنتج براءات اختراع ذات جدوى اقتصادية. وأكد الدكتور أبو القاسم البدري، من «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» («إلسكو») أهمية التعاون بين مغتربي العلماء العرب ومقيميهم من جهة، وصُنّاع القرار في المنطقة من جهة ثانية، كي تربط البحوث العلمية بالتنمية ومساراتها.