على الرغم من إرتفاع منسوب الصراع السني – الشيعي في المنطقة، لا تزال مكونات المجتمع العراقي تتلاقى للدفاع بوجه الاخطار المحدقة بها من قبل مقاتلي "الدولة الاسلامية" (داعش)، وأسلافهم "المتشددين" بين العامين 2006 – 2007. ما حصل في مدينة الضلوعية أخيراً عندما حاول مقاتلو " داعش" اقتحامها، تصدى لهم تحالف من مقاتلي العشائر السنية في المدينة والشيعة من مدينة بلد على الضفة الأخرى من نهر الفرات. وبدأ الهجوم يوم الثلثاء واستمر الى يوم الخميس، وكان واحداً من معارك عدّة كبيرة في الأيام الماضية انضمت خلالها عشائر سنية إلى الميليشيات الموالية للحكومة ضد المقاتلين المتطرفين وهو ما تأمل بغدادوواشنطن أن "يكون علامة على تعاون متزايد بين الطوائف العراقية لإنقاذ البلاد". وقال رئيس المجلس البلدي في الضلوعية تركي خلف تركي لوكالة "رويترز" إن "هذا التعاون يمكن أن يكون نموذجاً يحتذى للعراق"، مضيفاً أن "نقطة البداية لوحدة العراق ستكون هي الضلوعية التي أرادت الوحدة بينما أرادت (الدولة الإسلامية) الفرقة". أما في غرب العراق، قاتلت عشائر سنية إلى جانب القوات الحكومية في "هيت" التي استولى عليها مقاتلو التنظيم، وحدث الشيء ذاته في منطقة حديثة التي يوجد فيها سد استراتيجي على نهر الفرات. وفي العلاقة مع الأكراد، قاتلت عشيرة سنية عربية أخرى إلى جانب القوات الكردية في الشمال، لطرد مقاتلي "داعش" من ربيعة وهي بلدة تسيطر على إحدى نقاط التفتيش الرئيسة المتاخمة مع الحدود السورية والتي يستخدمها مسلحو التنظيم الذين يتدفقون عبرها من سورية. وتمكنت قوات "البيشمركة" من طرد مقاتلي "داعش" من معبر حدودي استراتيجي مع سورية، وكسبت دعم عشيرة سنية رئيسة لتحقق أحد أكبر المكاسب منذ بدأت القوات الأميركية قصف المتشددين الإسلاميين. وتمثل مشاركة مقاتلي العشائر السنية في المعركة ضد "الدولة الإسلامية" تطوراً يحمل أهمية التقدم ذاته. وقالت شخصية عشائرية لوكالة "رويترز" إن أعضاء من عشائر شمر المؤثرة، وهي واحدة من أكبر العشائر في شمال غرب العراق انضموا إلى الأكراد في القتال. وقبل هجوم الأكراد على ربيعة، اتصل ياور بسكان البلدة لإبلاغهم بأن القوات المهاجمة "صديقة". وقال: "كل الشمر مع البيشمركة وبيننا تعاون كامل". وكان قائد قوات الصحوة في العراق وسام حردان أعلن لوكالة "الاناضول" في شهر أيار (مايو) عن بدء الحوار مع فصائل مسلحة داخل مدينة الفلوجة، بهدف توحيد المواقف والبدء بقتال عناصر "داعش"، التي تتخذ من المدينة إمارة إسلامية لها، مضيفاً أن "الجميع سيجتمعون لقتال التنظيم الذي أخفق قبل يومين من السيطرة على مساحات واسعة من عامرية الفلوجة بعد تصدي قوات الشرطة وعناصر الصحوات". وكانت استمالة العشائر السنية جزءاً أساسياً من الإستراتيجية التي ساعدت الجيش الأميركي على هزيمة اسلاف "الدولة الإسلامية" خلال حملة في الفترة من 2006 إلى 2007 وتأمل واشنطن أن تتمكن الحكومة العراقية الجديدة من تكرار ذلك. والجدير بالذكر، أن تحالفات المكونات المجتمعية في العراق لم تقتصر فقط على التهديدات الخارجية، إنما برزت بشكل واضح في وجه الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي، عندما سعت القوى السنية الرئيسة الى تشكيل تحالف يحاكي في تنظيمه وبرنامجه التحالفين الشيعي والكردي.