تحبس مصر اليوم أنفاسها ترقباً للنطق بالحكم في قضية «مذبحة بورسعيد»، وسط مخاوف من اندلاع عنف غير مسبوق في القاهرة وبورسعيد، فيما ساد ارتباك مؤسسات الحكم التي سعت متأخرة إلى تدارك أزمة مفتوحة على احتمالات تُنذر جميعها بتفجر العنف في وقت تصاعدت حركة التذمر في مؤسسة الشرطة إلى حد «التمرد». ويُنتظر أن تُصدر اليوم محكمة جنايات بورسعيد حكمها في قضية «مذبحة بورسعيد» التي راح ضحيتها أكثر من 70 من مشجعي فريق النادي الأهلي لكرة القدم بعد مباراة مع فريق النادي المصري في بورسعيد العام الماضي. وبين المتهمين 9 من كبار القيادات الأمنية في محافظة بورسعيد تطالب روابط مشجعي الأهلي بتشديد العقوبة ضدهم، إضافة إلى 21 متهماً كانت المحكمة قضت بإعدامهم الشهر الماضي، ما أثار أعمال عنف في بورسعيد. وفي ما بدا محاولة لإرجاء المواجهة، قالت دار الإفتاء إن المفتي الجديد شوقي علام «لم يسعفه الوقت لدرس القضية في شكل واف وبصورة يطمئن إليها كي يرفع تقريره إلى المحكمة». وأوضحت أن المحكمة «لها الخيار أن تتسلم أوراق القضية من دون تقرير المفتي، أو أن تمهل فضيلته بعض الوقت لإبداء الرأي الشرعي فيها». ومعروف أن رأي المفتي في أحكام الإعدام استشاري. لكن يحق للمحكمة إرجاء الحكم لإمهاله وقتاً. ويتوقع أن تندلع أعمال عنف بعد الحكم في ظل تهديد روابط مشجعي الأهلي بأن «القصاص قادم» اليوم سواء بالحكم أو العنف، فيما يحذر أهالي بورسعيد من إدانة ذويهم وسط توقعات بتكرار اشتباكاتهم مع الشرطة التي أدت إلى سقوط عشرات القتلى. وأعلنت وزارة الداخلية إسناد مهام تأمين مقر مديرية أمن بورسعيد إلى الجيش الذي حرص على تأكيد أن عناصره تؤمن المحيط الخارجي لمنطقة ديوان عام المحافظة ومبنى مديرية الأمن فقط، ولن تقوم بمهام الشرطة في المدينة حيث شكل الأهالي لجاناً شعبية لتأمينها بالتعاون مع الجيش. وخلت المدينة تماماً من أي وجود للشرطة، والتزم الضباط والجنود الوجود فقط داخل مديرية الأمن بعدما أسقطت الموجة الأخيرة من الاشتباكات مساء أول من أمس قتيلاً واحداً وعشرات الجرحى. لكن ذلك لن يمنع تجدد الاشتباكات اليوم في حال صدر حكم مشدد ضد المتهمين، إذ عادة ما يتوجه الغضب ضد المنشآت الأمنية، وفي هذه الحال لن تدخل قوات الجيش على الأرجح في مواجهات مع المحتجين. وفي هذه الأجواء المضطربة، تصاعدت حركة التذمر في صفوف الشرطة بمختلف قطاعاتها، لتتحول إلى حركة عصيان وتمرد على أوامر قيادات الوزراة، فيما استمرت الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين في محيط ميدان التحرير ومدينتي المحلة والمنصورة. وانتقل التمرد في الشرطة من تشكيلات الأمن المركزي المكلفة التصدي للمتظاهرين إلى قطاع الأمن العام، وانتشر في محافظات عدة بينها القاهرة والجيزة والغربية والدقهلية وبورسعيد والإسماعيلية وشمال سيناء والاسكندرية. وامتنع ضباط وجنود في قطاعات الأمن المركزي فى هذه المحافظات عن تنفيذ أوامر قياداتهم بالتصدي للمتظاهرين. وأغلق ضباط أكثر من 50 قسماً للشرطة في مختلف المحافظات. وأصدر الضباط المعتصمون بيانات جمع بينها مطلب «عدم الزج بجهاز الشرطة في الخلافات السياسية» أو «دفع القوات إلى مواجهة مع الشعب»، فيما دعا بعضهم إلى زيادة تسليح الشرطة لمواجهة الاحتجاجات العنيفة واحتج آخرون على محاسبة زملاء لهم متهمين بقتل متظاهرين. واستدعى انتشار العصيان في الشرطة تدخل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الذي يطالب الضباط المحتجون بإقالته. وترأس إبراهيم اجتماع خلية «لإدارة الأزمة» أكد بعده في بيان أن «الأجهزة الأمنية ليست طرفاً فى المعادلة السياسية، وهي أداة الشعب لا سواه... ولن تكون أداة بطش أو عدوان فى مواجهة أبناء الوطن». وأطاح مساعده لقطاع الأمن المركزي (قوات مكافحة الشغب) اللواء ماجد نوح، وعين بدلاً منه اللواء أشرف عبدالله.