تلقفت الرئاسة المصرية حكم القضاء الإداري أمس بوقف قرار الرئيس محمد مرسي الدعوة إلى الانتخابات النيابية التي كانت مقررة الشهر المقبل، إذ بدا أن الحكم مثل مخرجاً للنظام قد يسهم في تهدئة الأزمة السياسية المستعرة ويحفظ في الوقت نفسه ماء وجهه، خصوصاً أنه سيُمكنه من تلبية مطلب المعارضة إرجاء الانتخابات من دون أن يظهر في خانة «المتراجع» بل «احتراماً لأحكام القضاء». وجاء القرار في ظل تصاعد العنف في القاهرة وبورسعيد والمنصورة واحتدام الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في المدن الثلاث. ومعلوم أن إجراء الانتخابات وسط تمدد العنف في محافظات عدة كان مغامرة محفوفة بالمخاطر، فبورسعيد المدرجة ضمن المرحلة الأولى للانتخابات تشهد مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين سقط فيها مئات المصابين، فضلاً عن أنها مرشحة للتصاعد في حال قضت محكمة جنايات بورسعيد بحكم مشدد على المتهمين في قضية «مذبحة بورسعيد» بعد غد. وعزت محكمة القضاء الإداري وقف إرجاء الانتخابات إلى «مخالفة (قرار دعوة الناخبين) الدستور الجديد في الشكل والاختصاص المحدد لرئيس الجمهورية وكيفية ممارسته». وأمرت بإعادة قانون تنظيم الانتخابات إلى المحكمة الدستورية لتنظر في مدى تلبية مجلس الشورى للتعديلات التي كانت طلبتها في وقت سابق. وقالت: «كان يجب على مجلس الشورى تعديل القانون طبقاً لحكم المحكمة الدستورية، إلا أننا فوجئنا بصدور قرار من الرئيس بالدعوة إلى انتخابات مجلس النواب من دون أن يُعاد قانون الانتخابات مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية للنظر في مدى مطابقته للحكم الصادر منها». ويلبي القرار مطلباً لقوى أبرزها «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة وحزب «النور» السلفي، ما مثل مخرجاً سلساً للسلطة الحاكمة التي تواجه ضغوطاً متصاعدة لإرجاء الانتخابات. ورحب رئيس «النور» يونس مخيون بالحكم. وقال: «هذا ما طالبت به حتى لا يكون هناك أي مجال للطعن على البرلمان المقبل». وأشار مصدر رئاسي إلى أن «الدولة ملتزمة أحكام القضاء»، مرجحاً عدم قيام هيئة قضايا الدولة بالطعن على الحكم. وقال ل «الحياة»: «يبدو من حيثيات الحكم أن التوجه العام لدى القضاء الإداري يرى مخالفة صريحة في عدم إعادة قانون تنظيم الانتخابات إلى المحكمة الدستورية، ونحن ملتزمون بتنفيذ الحكم». وأكد المستشار الإعلامي لحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، مراد علي أن حزبه «يحترم أحكام القضاء». وقال: «لا نرى مشكلة في إحالة قانون الانتخابات على المحكمة الدستورية، والحزب لن يطعن على الحكم». وألقى بمسؤولية تحديد المواعيد الجديدة للانتخابات على اللجنة القضائية المشرفة على الاستحقاق. ميدانياً، استمرت الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في محافظات عدة، وتصاعدت حركة التذمر بين قوات الشرطة في مناطق المواجهات، ورفضت تشكيلات جديدة للأمن المركزي إطاعة أوامر قادتها بالخروج لمواجهة المتظاهرين، فيما شلت تظاهرات لضباط في الشرطة ومشجعي النادي الأهلي لكرة القدم العاصمة. وفي محاولة لتهدئة الغضب في بورسعيد، أطاح وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم مدير أمن المحافظة اللواء محسن راضي وكلف مساعده اللواء السيد جاد القيام بمهامه. والتقى قادة في الجيش وقيادات تنفيذية ممثلين للمتظاهرين في محاولة للسيطرة على الاشتباكات التي تنذر بمواجهة مفتوحة قد تؤدي إلى تداعيات كارثية، في حال جاء حكم المحكمة في قضية «مذبحة بورسعيد» بعد غد غير مرضٍ لأهالي المدينة. وتثور مخاوف من اندلاع عنف واسع النطاق في بورسعيد في حال جاءت الأحكام مشددة ضد المتهمين من أبناء المدينة، فيما تهدد روابط مشجعي الأهلي بإحداث «فوضى عارمة» في حال جاءت الأحكام مخففة. وكانت قوات الجيش عززت وجودها في محيط مديرية الأمن والمحافظة، وفرضت طوقاً أمنياً حولهما في محاولة لوقف الاشتباكات المستمرة بين المتظاهرين والشرطة منذ أربعة أيام، لكن من دون جدوى. وأحرق متظاهرون مرآب سيارات الأمن المركزي في المدينة.