أكد رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، أن «الوضع السياسي الحالي في إيطاليا لا يُثير مخاوف أوروبا، كما أن الأسواق لا تهاب نتائج الانتخابات التي لم تُفضِ إلى غالبية حاكمة حاسمة». وشدّد على أن «لا أخطار لانتقال العدوى» إلى بلدان أوروبية أخرى. وأعلن دراغي، في المؤتمر الصحافي الشهري، أن «القواعد التي يعمل بموجبها البنك لم تتغير، وباتت الكرة في ملعب الحكومات على المستوى الوطني». وأوضح أن أسواق المال «عادت إلى أوضاعها قبل الانتخابات الإيطالية»، مشدداً على «فاعلية برنامج البنك المركزي الأوروبي لشراء السندات الحكومية لخدمة الديون، والذي بات داعماً جداً». واعتبر دراغي، أن «الإصلاح الهيكلي الطريق الوحيد للنمو الاقتصادي»، مشدداً على أن إيطاليا «تحتاج إلى اعتماد الترشيد المالي فيها في شكل كبير»، لأنه «سيُساهم في إعطاء إيطاليا الصدقية في أسواق المال». وأكد قناعته ب «مواصلة إيطاليا طريق الإصلاح». ويتزامن موقف رئيس البنك الأوروبي مع دعوات إيطالية قوية، من أحزاب وتيارات فاعلة في البرلمان الجديد، إلى إعادة النظر في السياسة الأوروبية، ويذهب بعضها إلى «ضرورة الخروج من منطقة اليورو والعودة إلى استخدام العملة الوطنية السابقة الليرة». الخروج من منطقة اليورو وعلى رغم اعتبار «التيار الأوروبوي» الإيطالي فكرة الخروج من منطقة اليورو «انتحاراً حقيقياً»، تشهد إيطاليا سجالاً سياسياً واسعاً حول «أهمية إعادة النظر في بعض الشروط الأوروبية التي تحول دون إطلاق العنان للاستثمارات والدعم الحكومي المساهم في إطلاق التنمية وتوفير مواقع عمل للشبيبة». هذا ما أكدّه أيضاً زعيم الحزب الديموقراطي الإيطالي بيير لويجي بيرساني، الذي أعلن أن «النقاش مع أوروبا في هذا الصدد سيكون الأولوية الرئيسة في البرنامج الحكومي الذي سأطرحه على البرلمان، في حال كلّفني رئيس الجمهورية جورجو نابوليتانو تشكيل الحكومة المقبلة». وفي سياق مُتّصل، أكد مجلس الوزراء الإيطالي، أن الحكومة ستقدم إلى الاتحاد الأوروبي برنامجها الوطني للإصلاحات التي تنوي القيام به، في نيسان (أبريل ) المقبل. جاء ذلك بعد اتفاق رئيس حكومة تصريف الأعمال الإيطالية ماريو مونتي والأمين العام للحزب الديموقراطي الإيطالي الفائز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بيير لويجي بيرساني. وكان مونتي، دعا قادة الأحزاب والتكتّلات الإيطالية الفائزة في الانتخابات الأخيرة للبحث في اجتماع المجلس الأوروبي المقبل في الرابع عشر من هذا الشهر في بروكسيل، ولبى بيرساني وحده الدعوة حتى الآن، فيما اعتذر عنها بيرلسكوني ولم يردّ عليها الممثل الكوميدي السابق بيبّي غريلّو زعيم حركة (5 نجوم)، الذي سيُحدّد بمواقفه لاحقاً مصير الحكومة الجديدة والدورة البرلمانية بأسرها. وعلى صعيد متصل بأزمة نتائج الانتخابات الإيطالية الأخيرة التي لم تُنتج غالبية حاسمة في البرلمان، طالب الأمين العام للحزب الديموقراطي غريمه زعيم حركة (5 نجوم) بيبّي غريلّو «أفصح عمّا تريد فعله لهذا البلد؟». وقال بيرساني في برنامج تلفزيوني مشهور «إذا ما فكرت حركة (5 نجوم) بالحكم وحدها، فإن قادتها يبالغون قليلاً، لأن عليهم التنبّه بأننا مَن يملك 460 برلمانياً، وعليهم ألاّ يُشيّدوا لأنفسهم أوهاماً». وكان بيرساني عرض في مؤتمر صحافي، بعد اختتام اجتماعات قيادة حزبه الديموقراطي مشروع قانون لمكافحة الفساد، وقال «ليس ممكناً لبلد يريد تحقيق النمو كبلدنا، أن يُصنّف في المرتبة الثانية والسبعين (على الصعيد الدولي) في الشرعية». وبطرحه هذا المشروع يمهّد الأمين العام للحزب الديموقراطي لوضع لمسات عملية لتنفيذ البرنامج الذي اقترحه، ووافقت عليه قيادة حزبه والمكون من ثماني نقاط رئيسة. في غضون ذلك، أصدر القسم الرابع في محكمة الجنائيات في مدينة ميلانو الإيطالية مساء أمس حكماً بسجن رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلسكوني سنة واحدة، بتهمة نشر معلومات حصل عليها في شكل غير قانوني خلال ترؤسّه الحكومة، تتعلق بالتنصّت على مكالمات هاتفية بين الأمين العام السابق لحزب اليسار الديموقراطي بييرو فاسّينو، والرئيس السابق لمجموعة (يونيبول) المالية جوفانّي كونسورتي، تناولت العلاقة بين المجموعة والبنك الوطني للعمل الإيطالي. وتُشير التهمة ضد بيرلسكوني أنّه مرّر نص المكالمة المذكورة إلى جريدة «إل جورنالي» المحافظة التي يملكها شقيق رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلوسكوني. وحكم على الأخير بالسجن لمدة سنتين وثلاثة أشهر. بيرلوسكوني وفي سياق متصل ببيرلوسكوني، أيّدت محكمة الاستئناف الإيطالية العليا حكماً بتبرئة بيرلوسكوني من تهمة التهرّب الضريبي، الخاصة بمؤسسة «ميديا تريد» التابعة لمجموعة «ميدياسيت» التي يملكها زعيم يمين الوسط الإيطالي، إذ حصلت على حقوق بث مواد سينمائية وتلفزيونية بأسعار كبيرة، اتّهم فيها بيرلسكوني ومؤسسته التلفزيونية بالتهرب من دفع عشرة ملايين يورو من ضرائب عام 2004. وينتظر بيرلوسكوني صدور قرار المحكمة الخاصة بقضية دفع أموال لممارسة الجنس مع فتاة قاصر، المتوقع في الثامن عشر من هذا الشهر. وتواجهه أيضاً محاكمة أخرى تتعلق بحقوق البث في الثالث والعشرين من الشهر ذاته. وفي وقت لاحق على صدور قرار الحكم الأخير، أصدر بيرلوسكوني تصريحاً قال فيه: «يستحيل التسامح مع مثل هذا الاضطهاد القضائي المستمر منذ عشرين عاماً، والذي يُعاد إحياؤه في كل مرة تظهر فيها ظروف معقدة في شكل خاص في الحياة السياسية للبلاد». وأضاف «وحده إجراء إصلاح كامل وحقيقي للقضاء، سيمكّن من الحيلولة دون السماح لتعرّض المواطنين الإيطاليين إلى مثل ما تعرّضت إليه أنا، وفي شكل مستمر منذ 20 عاماً». وكان الأمين العام لحزب «شعب الحريات» أنجيلينو ألفانو دافع عن زعيمه بيرلوسكوني ممّا أسماه محاولات إقصائه من الحياة السياسية الإيطالية، وقال تعليقاً على قرار حكم محكمة ميلانو «بات الآن أكثر وضوحاً وجود محاولة لإقصاء سيلفيو بيرلوسكوني عن طريق القضاء، بعدما فشلت المحاولات عن الطريق الانتخابية والديموقراطية». وأعلن أن «حزب (شعب الحريات) سيتحرّك بكل قواه للدفاع عن الديموقراطية الإيطالية من هذه المحاولة القضائية، بإزالة القائد السياسي الحاصل على أكثر الأصوات خلال السنوات العشرين الأخيرة». وكان بيرلوسكوني وقادة حزبه، أبدوا في وقت سابق الاستعداد لتنظيم تظاهرة واسعة للاحتجاج على قرارات القضاء الإيطالي والمطالبة بإصلاحه، في الثالث والعشرين من هذا الشهر.