أعلن كبير الاقتصاديين في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) التابعة للأمم المتحدة عبدالله الدردري أن «الوضع الاقتصادي في سورية يمزقها وقد يصل إلى نقطة يصعب الإصلاح فيها في حال استمر القتال لعاميين إضافيين». وأضاف نائب رئيس الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية في مقابلة أجرتها معه وكالة «رويترز» في مكتبه ببيروت، أن حصيلة العنف حتى الآن قد تكون بلغت 80 بليون دولار، وهذه فاتورة يستحيل تسديدها من قبل حكومة ستصبح قريباً عاجزة عن دفع رواتب موظفي الدولة، ناهيك عن تنفيذ برنامج وطني لإعادة الإعمار. ورأى الدردري، الذي يعمل الآن على مشروع الأممالمتحدة لإعادة الاعمار، أن القوى التي تدفع البلاد نحو التفتت ستصبح أكثر فاعلية، بينما يُدفع ملايين السوريين إلى أعماق الفقر وتتلاشى قدرة الحكومة على توفير الاحتياجات الأساسية. وقال: «الوضع الاقتصادي وحده كفيل بتفتيت سورية إن استمر». ويترأس الدردري فريقاً يرسم خطة لما بعد النزاع، محاولاً جمع السوريين من كل أطراف النزاع ليضعوا أجندة شاملة لإعادة الاعمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وقال الدردري، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية لست سنوات حتى آذار (مارس) 2011: «في حال توقف العنف اليوم سنستطيع إنقاذ البلاد واقتصادها ومجتمعها ووحدتها وسيادتها، ولكن المشهد الاقتصادي قاتم جداً»، كاشفاً أن الاقتصاد تقلص بما بين 35 و40 في المئة خلال العامين الماضيين، والبطالة ارتفعت من 8.3 في المئة قبل الأزمة إلى 33 في المئة. وأكد أن الاحتياط الاستراتيجي الذي كان قبل الأزمة «تبخر»، بما في ذلك الاحتياط الضخم من العملات الأجنبية، وميزان المدفوعات الرابح، وانخفاض الدين العام الخارجي والداخلي، وعجز الموازنة البسيط الذي لا يتجاوز 1.7 في المئة من الناتج الإجمالي، والميزان التجاري السليم حتى بعد استثناء النفط. وأضاف: «لن تستطيع الحكومة السورية تمويل المدفوعات الجارية بكاملها في حال استمرت الأزمة بعد هذه السنة، وأقصد الرواتب والأجور في شكل رئيس». أما إذا استمرت الأزمة لعام 2015، فستصل نسبة البطالة إلى 58 في المئة، ما يعني غياب فرص العمل، بينما ستصل نسبة السوريين الذين يعيشون في فقر مدقع، أي بأقل من 1.25 دولار يومياً، إلى 44 في المئة مقارنة ب 12 في المئة قبل الأزمة. وأشار إلى أن «خط الفقر في مالي يبلغ 44 في المئة، وبذلك فإن المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي لا يبالغ عندما يتحدث عن صوملة سورية». وتابع الدردري: «على رغم الدمار الهائل، ما زلنا عند مفترق طرق، ولو استطعنا إنهاء الأزمة اليوم فهناك فرصة لإعادة الاعمار بمستويات مقبولة من الدين الداخلي والخارجي»، لافتاً إلى أن «سورية بحاجة إلى إنفاق 90 بليون دولار لمواجهة تحديات النمو حتى قبل الأزمة». ويهدف فريق الدردري إلى إنتاج «أجندة وطنية لمستقبل سورية» بحلول كانون الثاني (يناير) 2014، تشمل الانتعاش الاقتصادي، والمصالحة الاجتماعية، ووضع أسس الحكم الرشيد. ومبتعداً عن اتخاذ موقف شخصي، أشار شدد الدردري على ضرورة أن تعطي كل من الحكومة والمعارضة الاهتمام الكافي «للكارثة الاقتصادية» التي تواجه سورية، مضيفاً أن فريقه «لا يحاول أن يفرض رغبته، بل نحن نطرح خيارات، ودورنا ينص على توضيح الحقائق لكل أطراف الأزمة وداعميهم». وختم الدردري: «لا يمكن أن تغفل هذه الحقائق أو أن تدفن رأسك في الرمال وتقول فلنحقق هدفنا الاستراتيجي من هذا النزاع أولاً ثم نعيد بناء سورية، لأنني لست متأكداً أن سيكون هناك سورية لنعيد بناءها بحلول عام 2015».