يُتوقع أن يعلن اليوم أو غداً رئيس الوزراء التونسي المكلف علي العريض تشكيلته الحكومية، عشية انتهاء المهلة التي منحه إياها رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي عندما كلّفه تشكيل الوزارة في 22 شباط (فبراير) الماضي. واجتمع العريض مساء أمس مع ممثلي عدد من الأحزاب المتوقع أن تدخل الحكومة أو تقدم الدعم لها في المجلس التأسيسي، وذلك بهدف تذليل الصعوبات التي تقف أمام إعلان فريقه الوزاري الجديد. وأكد محمود البارودي النائب عن حزب «التحالف الديموقراطي»، في تصريح إلى «الحياة»، أن حزبه لم يحدد موقفه النهائي بعد من دخول الحكومة، وشدد على ضرورة مراجعة التعيينات الإدارية التي قامت بها الحكومة المستقيلة على رأس مؤسسات الدولة والإدارات العمومية. واعتبر أن مشاركة حزبه مرتبطة بالموافقة على شروط اعتبرها «الأساس في أي عملية انتقال ديموقراطي». وبالإضافة إلى المطالب التي اشترطها حزبا «التكتل» و «التحالف الديموقراطي» لدخول الحكومة والمتمثلة في «تحييد» وزارات السيادة وإعادة النظر في التعيينات الإدارية وحل رابطات حماية الثورة، أبدى حزب «التحالف الديموقراطي» رفضه للشخصية المستقلة التي من المنتظر أن تتولى وزارة العدل باعتبار أن القاضي المرشح لهذه الحقيبة محمد العفاس مقرّب من وزير العدل في الحكومة المستقيلة نور الدين البحيري، بحسب ما صرح به البارودي. كما أبدى حزبا «التكتل» و «التحالف» رغبتهما في «تحييد حقيقي» لوزارة الداخلية، وعبّرا عن رفضهما المرشح لشغل هذه الحقيبة الحبيب الجملي باعتبار أنه كان مقرباً من وزير الفلاحة القيادي في حركة «النهضة» محمد بن سالم إذ عمل معه في ديوان وزارة الفلاحة. ومحمد بن سالم كان من المرشحين لتولي منصب رئيس الحكومة، ويوصف بأنه من «الصقور» في حركة «النهضة». وتبدي المعارضة تخوفاً من أن يتم تسيير وزارة الداخلية في شكل غير مباشر عن طريق شخصيات قريبة في «النهضة»، وهو ما يفقد «تحييد» وزارات السيادة معناه. وفي تطور مفاجئ، أعلن وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة عبدالكريم الزبيدي، وهو من المستقلين، عدم رغبته في الاستمرار على رأس الوزارة بعدما كان من بين القلائل من الوزراء الذي يحظى بثقة المعارضة وجزء مهم من الرأي العام. وأحدثت استقالته حالة خوف في صفوف شرائح من المواطنين، وانطلقت حملات من شخصيات سياسية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لمناشدة الزبيدي العدول عن استقالته. ومن المتوقع أن تزيد هذه الاستقالة من تعقيد الوضع أمام رئيس الحكومة المكلف باعتبار حساسية وزارة الدفاع وصعوبة إيجاد بديل تتفق حوله مختلف الأطراف، بالإضافة إلى أن المؤسسة العسكرية هي التي تشرف على الأمن في تونس منذ هروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقال الزبيدي في تصريحات إنه يئس من حلّ الأزمة السياسية في تونس لتعنت السياسيين، وعدم إدراكهم أن الوضع في تونس الآن بحاجة إلى حلول سريعة تتمثل خصوصاً في تشكيل حكومة مستقلة بعيداً عن أي تحزب على غرار حكومة الباجي قايد السبسي التي قادت البلاد إلى انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) 2011، وهو الأمر الذي كان قد اقترحه رئيس الحكومة المستقيل حمادي الجبالي. كما أكد الزبيدي أنه حذّر منذ أشهر «مراكز القرار» في البلاد من خطورة الوضع على كل المستويات، ولكن دون جدوى، في إشارة إلى تزايد خطر ونشاط تنظيم «القاعدة» وجماعات مسلحة أخرى مرتبطة بفكره. وقال إن قدرته على التأقلم وصلت إلى ذروتها، ولم يبق أمامه سوى إعلام رئيس الجمهورية باستقالته التي لا يمكن اعتبارها هروباً من المسؤولية لكنها تهدف إلى إحداث هزة بين السياسيين ليتحملوا مسؤولياتهم. وأعلن أبو يعرب المرزوقي النائب المستقل في كتلة «النهضة» استقالته من الحياة السياسية، معبّراً في رسالة إلى الرأي العام عن أسفه للطريقة التي تتعامل بها حركته مع شركائها وخصومها في مسألة التحوير الوزاري، حيث وصف تصرفاتها بأنها تشبه «تقاسم الغنيمة».