يواصل رئيس الحكومة التونسي المكلّف علي العريض مشاوراته النهائية مع الأحزاب السياسية تمهيداً لإعلان حكومته الجديدة التي كلّفه تشكيلَها رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي في 22 شباط (فبراير) الماضي، على خلفية أزمة سياسية حادة أدت إلى تنحي رئيس الوزراء السابق حمّادي الجبالي. وقال رياض الشعيبي عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» ل «الحياة»، إن رئيس الوزراء المكلّف سيقدم تشكيلته الجديدة غداً الإثنين أو بعد غد الثلثاء على أقصى تقدير إلى رئيس الجمهورية. ووفق التنظيم الموقت للسلطات في تونس، فإن رئيس الجمهورية يقدّم التشكيلة المقترحة إلى المجلس التأسيسي للمصادقة عليها في أجل لا يتجاوز 48 ساعة. ويضع علي العريض، الذي رشحته حركة «النهضة» لقيادة الحكومة خلفاً للجبالي المستقيل، اللمسات الأخيرة على التحالف الجديد الذي سيقود البلاد حتى الانتخابات المقبلة، وسط خلافات بين الأحزاب التي يتشاور معها حول أسس الحكومة الجديدة وتوزيع الحقائب الوزارية بين الأطراف السياسية والكفاءات. ووفق آخر التسريبات فإن الأحزاب المفترض مشاركتها في حكومة العريض هي «التكتل» و«المؤتمر» وحركة «وفاء» وكتلة «الحرية والكرامة»، في انتظار الموافقة النهائية لحزب «التحالف الديموقراطي» الذي يتمسك بمطالب على رأسها مراجعة التعيينات التي قامت بها «النهضة» على رأس مؤسسات الدولة وحل «لجان حماية الثورة» المدعومة من الحركة الإسلامية. وقال ل «الحياة» رئيس حزب «التحالف الديموقراطي» محمد الحامدي إن رئيس الحكومة المكلف مستعد للتجاوب مع مطالب التحالف، مضيفاً أن هناك تجاذبات داخل «النهضة» وخلافات بين قيادييها، خصوصاً في شأن مراجعة التعيينات في مؤسسات الدولة وحل لجان حماية الثورة. واجتمع رئيس الحكومة المكلف مساء أمس بالأحزاب المعنية بالمشاركة في حكومته لتذليل العقبات التي تعترض الانتهاء من التشكيلة. وأكد ناطق باسم كتلة «الحرية والكرامة» النيابية ل «الحياة» أن خلافات لا تزال تشق التحالف الحكومي الجديد، بخاصة بين حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» (حزب رئيس الجمهورية) وحزب «التكتل» (حزب رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر) بخصوص بعض الوزارات مثل المال والخارجية والعدل. وفي حين وافق «التكتل» على «تحييد» وزارات السيادة (عدم منحها لحزبيين)، يبدي «المؤتمر» بعض التحفظات. إذ إنه يرغب في أن تكون وزارة العدل من نصيبه، لكنه يريد في الوقت ذاته تحييد وزارة المال التي يعتبرها وزارة سيادية ويحبّذ إسنادها إلى شخصية مستقلة. ومن المتوقع أن تحظى حكومة العريض عند إعلانها بثقة المجلس التأسيسي باعتبار أنه تمكّن من ضمان تأييد غالبية النواب، لكن التحدي سيكون ضمان تأييد الشارع التونسي بخاصة أن قوى المعارضة الرئيسة (حركة «نداء تونس» و «الحزب الجمهوري» و «الجبهة الشعبية») فضّلت البقاء خارج التحالف الحكومي. وفي سياق متصل، تشهد حركة «النهضة» توتراً داخل قيادتها بعد تصريح رئيس مجلس الشورى فتحي العيادي إلى إحدى الإذاعات المحلية بأن الحركة تدعو كلاً من نائب رئيس «النهضة» عبدالفتاح مورو وسمير ديلو وزير حقوق الإنسان (من القيادات المعتدلة في الحركة) إلى «الانضباط» أثناء الإدلاء بتصريحات وحوارات صحافية، على خلفية حوارات أجريت مع الأخيرين وانتقدا فيها بشدة سياسة الحركة في إقصاء خصومها السياسيين، إضافة إلى دعوتهما «النهضة» إلى التحاور مع حركة «نداء تونس» بقيادة الباجي قايد السبسي التي تعتبرها «النهضة» من فلول النظام السابق.