واصل رئيس الحكومة التونسية المكلّف علي العريض مشاوراته مع الأحزاب السياسية قبل تقديم لائحة بحكومته الجديدة إلى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي. وأرجأ العريض اجتماعاً تشاورياً كان مقرراً عقده مساء أمس مع قادة الأحزاب السياسية التي ستشارك في التحالف الحكومي الجديد بسبب خلاف في وجهات النظر بين عدد من مكوّناته. ومن المنتظر أن يُعقد هذا الاجتماع مساء اليوم لاستكمال المشاورات الأخيرة قبل تقديم التشكيلة النهائية لرئيس الجمهورية. ويُذكر أن حزب «التحالف الديموقراطي» قاطع اجتماعاً تشاورياً مع الرئيس المكلف مساء الأحد بسبب «عدم الوضوح في الرؤيا حول المرحلة المقبلة وعدم الاستجابة للشروط التي قدمها الحزب إلى الحكومة». والاجتماع الذي عقده العريض مساء الأحد في العاصمة شهد تعثراً في المفاوضات بين رئيس الوزراء المكلف وعدد من الأحزاب المعنية بالمشاركة في الحكومة وهي حزب «التكتل» المشارك في الحكومة المستقيلة وحزب «التحالف الديموقراطي» المعارض. وأكد النائب محمد الحامدي رئيس حزب «التحالف الديموقراطي» ل «الحياة» أن حزبه قدّم تصوره للحكومة الجديدة من حيث التركيبة وبرنامج العمل وما زال لم يتلق الرد الرسمي. وشدد الحامدي على أن حزبه لن يتراجع عن شروطه لدخول الحكومة الجديدة وهي وضع حد للعنف وحل رابطات حماية الثورة «المتورطة في العنف» بحسب قوله، بالإضافة إلى مراجعة التعيينات التي قامت بها الحكومة السابقة في مناصب عليا في الدولة وهو ما اعتبره الحامدي سيطرة من «النهضة» على مفاصل الدولة. وقال الحامدي إن الأمر الآن موكول إلى رئيس الوزراء المكلف علي العريض وإن دخول حزبه إلى الحكومة مشروط بالاستجابة إلى مطالبه. لكنه لم يستبعد أن يلجأ رئيس الوزراء المكلف إلى إعلان حكومته من دون موافقة «التحالف الديموقراطي» باعتبار أن بإمكانه ضمان غالبية نيابية اعتماداً على حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» (حزب رئيس الجمهورية) وحركة «وفاء» وكتلة «الحرية والكرامة» النيابية. كما أن حزب «التكتل» لم يوضح بعد موقفه النهائي من المشاركة في الحكومة الجديدة لأنه يتمسك ب «تحييد فعلي وحقيقي لوزارات السيادة»، بالإضافة إلى مراجعة التعيينات الإدارية التي قامت بها الحكومة المستقيلة. وأكدت مصادر ل «الحياة» أن التكتل يتمسك بوزارة المال على رغم أن آخر الأخبار تفيد أن رئيس الوزراء المكلف يعتزم إسنادها إلى شخصية مستقلة. وأكد محمد الطاهر إلاهي رئيس كتلة «الحرية والكرامة» النيابية ل «الحياة» أن حزبه سيكون مشاركاً في الحكومة الجديدة باعتبار أن رئيس الوزراء المكلف وافق على غالبية شروطهم. وأضاف أن وزارة المال ستكون من نصيب النائب عبدالرزاق الخلولي وهو نائب مستقل ينتمي إلى كتلته النيابية المنتظر انضمامها للتحالف الحكومي الجديد. وعلى رغم أن مصادر إعلامية تشير إلى إمكان تقديم التشكيلة الحكومية إلى رئيس الجمهورية مساء اليوم، إلا أن المشاورات لا تزال متواصلة لوضع اللمسات الأخيرة على تركيبتها وبرنامج عملها. وتفيد آخر التسريبات أنه تم الحسم في وزارة العدل حيث من المنتظر أن يتولاها القاضي محمد العفاس الذي يتولى منصب وكيل الدولة العام. كما تم ترشيح شخصيتين لتولي وزارة الداخلية وهما الهادي مجدوب والهادي الجملي، وهما من الشخصيات المستقلة التي عملت بالدولة التونسية حيث عمل الأول في ديوان وزارة الداخلية والثاني في ديوان وزارة الفلاحة بعد الثورة. كما من المتوقع أن يتولى أحد الديبلوماسيين وزارة الخارجية مع التخلي عن منصب مساعدي وزير الخارجية في إطار تقليص عدد الوزراء. وكان قد استُحدث منصب كاتب دولة للشؤون الخارجية عقب الانتخابات الماضية في إطار المحاصصة السياسية بين الأحزاب المكونة للحكومة المستقيلة، إذ يوجد بالإضافة إلى وزير الخارجية «النهضوي» رفيق عبدالسلام، كاتب دولة من حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» وكاتب دولة من حزب «التكتل».