ودّعت فنزويلا أمس، عهد الرئيس هوغو تشافيز الذي أعلنت وفاته عن 58 سنة، بعد معاناة مع مرض السرطان استمرت سنتين، قضى معظمها في كوبا للعلاج. وقوبل غياب تشافيز بمشاعر متفاوتة في العالم، بين الحداد والإشادة بمآثره وصولاً إلى التضامن مع الشعب الفنزويلي وإبداء التمنيات له. وسعت الحكومة اليسارية في كراكاس إلى تفادي السجال حول أحقية مواصلة نيكولاس مادورو نائب الرئيس مهماته على رأس السلطة، بمسارعتها إلى تأكيد الدعوة إلى انتخابات رئاسية خلال 30 يوماً، كما يقتضي الدستور، علماً أن المعارضة شددت على وجوب أن يتولى الرئاسة في هذه المرحلة رئيس البرلمان ديوسدادو كابيلو، كون تشافيز عجز عن أداء القسم الدستوري منذ إعادة انتخابه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأياً تكن الحال، يُتوقع ان يترشح مادورو للرئاسة في مواجهة هنريكي كابريليس الذي هزمه تشافيز في الانتخابات. ويستفيد مادورو من تعاطف في الشارع مع نهج تشافيز بعد غيابه، ما يرجح استمرار فنزويلا في موقعها المناهض للولايات المتحدة، وتحالفها مع كوبا التي كانت تعتبر تشافيز «ابناً روحياً» للزعيم فيدل كاسترو. وتجمع مئات من أنصار تشافيز أمام المستشفى العسكري في كراكاس حيث توفي. ورفعت أمام مدخل المستشفى لافتة كتب عليها: «تشافيز حيّ، الثورة مستمرة». ونقل جثمانه عبر شوارع كراكاس إلى الأكاديمية العسكرية حيث سجّي حتى موعد تشييعه غداً الجمعة في مراسم وطنية يحضرها قادة من دول أميركا اللاتينية وآخرون من خارجها. تشافيز الذي بقي بعيداً عن الأنظار خلال معاناته الأخيرة التي دامت ثلاثة أشهر، لم يتمكن من وداع مواطنيه، لكنه حضّر لخلافته، مكلفاً نائبه تولي الرئاسة بالوكالة وأيضاً الترشح عن الحزب الاشتراكي الحاكم في حال تنظيم انتخابات. وقال مادورو: «سنكون ورثة رجل عملاق». ووصل إلى كراكاس مبكراً أمس ثلاثة رؤساء من أميركا اللاتينية كانوا قريبين من تشافيز، هم البوليفي ايفو موراليس والأوروغواي خوسيه موخيكا والأرجنتينية كريستينا كيرشنر، وذلك تمهيداً للمشاركة في الجنازة، فيما أعلنت كوبا الحداد وكذلك إيران التي نعى رئيسها محمود أحمدي نجاد صديقه المقرب الذي اعتبره «شهيداً، لأنه خدم شعبه وصان القيم الإنسانية والثورية». ورأى نجاد في برقية تعزية إلى القيادة الفنزويلية أن تشافيز الذي كان «القائد الثوري لأحرار العالم» توفي بسبب «مرض مريب»، في موقف يحاكي كلام مادورو عندما قال إن أعداء الثورة في الخارج «تمكنوا أخيراً من النيل من قائدها». وفي تعزيته بوفاة تشافيز، قال الرئيس السوري بشار الأسد: «رحيل هذا القائد الفذ خسارة كبيرة لي شخصياً ولشعب سورية، بمقدار ما هي خسارة كبيرة لشعب فنزويلا الشقيقة ولشرفاء شعوب العالم وأحراره». وأبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما تضامن الولاياتالمتحدة مع الشعب الفنزويلي، معرباً عن الأمل بإقامة «علاقات بناءة» مع كراكاس. وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تشافيز كان «رجلاً استثنائياً وقوياً يتطلع إلى المستقبل». وقال في برقية تعزية إن «الزعيم البوليفاري صديق قريب لروسيا» سمح بإرساء «قواعد متينة لشراكة روسية فنزويلية، وإقامة اتصالات سياسية نشطة وإطلاق مشاريع إنسانية واقتصادية واسعة» بين البلدين. ووصفت بكين تشافيز ب «الصديق الكبير»، وأشارت إلى أنه «ساهم في شكل كبير في إقامة علاقات صداقة مثمرة» بين البلدين. وأعرب رئيسا مجلس أوروبا والمفوضية الأوروبية هرمان فان رومبوي وخوسيه مانويل باروزو عن «حزنهما» لوفاة تشافيز، وأشادا ب «التنمية الاجتماعية» التي طبقها في فنزويلا و «مساهمتها في الدمج الإقليمي لأميركا اللاتينية». وأثنى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على تصميم تشافيز «لإحقاق الحق»، مؤكداً أنه «ترك أثراً عميقاً في تاريخ بلاده»، فيما صدرت عن بريطانيا وألمانيا مواقف تعبر عن الأمل بصفحة جديدة من العلاقات مع فنزويلا. في نيويورك، وقف أعضاء مجلس الأمن دقيقة صمت حداداً على تشافيز بوصفه رئيس دولة عضو في الأممالمتحدة. وقدم السفير الروسي لدى المنظمة الدولية فيتالي تشوركين الذي ترأس بلاده المجلس حالياً، «أحر التعازي»، داعياً زملاءه إلى «تكريم ذكرى» الرئيس الراحل.