تؤشر إعادة انتخاب الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز لولاية ثالثة من ست سنوات، إلى أن فقراء البلاد لم يتخلوا عنه، على رغم أنه لم يفِ بكل وعوده لهم. وإذ تعهد تشافيز الذي سيواصل تزعمه حلف «مناهضي الإمبريالية» في أميركا اللاتينية، متابعة «ثورته الاشتراكية»، وعد المرشح الخاسر إنريكه كابريليس رادونسكي ب «مواصلة العمل من أجل فنزويلا»، ما يعني أن المعارضة التي حقّقت أبرز نتيجة لها، ستحاول البناء على ذلك لإسقاط الزعيم «البوليفاري» في الاقتراع المقبل. وبعد فرز 94 في المئة من الأصوات، أعلنت اللجنة الانتخابية نيل تشافيز نحو 54 في المئة، في مقابل 45 في المئة تقريباً لكابريليس. وسجّل الاقتراع نسبة مشاركة تاريخية، بلغت نحو 81 في المئة. لكن الفارق بين المرشحَين تضاءل كثيراً، إذ كان 27 نقطة في انتخابات 2006، حين نال تشافيز نحو 62 في المئة من الأصوات في مواجهة مرشح المعارضة مانويل روزاليس. ويعكس ذلك تنامي الاستياء من فشل الرئيس الفنزويلي في معالجة مشاكل جوهرية، مثل الجريمة وانقطاع الكهرباء والفساد. كما أن تشافيز (58 عاما) الذي انتُخب للمرة الأولى عام 1998، بعد انقلاب عسكري عام 1992، قد لا يستفيد من تعديل دستوري أقره خلال استفتاء عام 2009، يتيح للرئيس الترشّح لعدد غير مُحدّد من الولايات، إذ أنه يصارع مرض السرطان، وخضع لجراحتين في كوبا. وقال تشافيز: «كان يوماً لا يُنسى، وأتضرع إلى لله أن يعطيني الحياة والصحة لمواصلة خدمة الشعب الفنزويلي». وخاطب الآلاف من أنصاره من شرفة القصر الرئاسي، وهو يلوّح بنموذج لسيف الاستقلال لمحرر أميركا اللاتينية سيمون بوليفار: «كانت معركة نموذجية وديموقراطية، وستواصل فنزويلا مسيرة الاشتراكية الديموقراطية والبوليفارية في القرن الواحد والعشرين». لكنه تعهد أن يكون «رئيساً أفضل»، وزاد: «نبدأ دورة جديدة للحكومة، نلتزم فيها تلبية احتياجات الناس بفاعلية أكبر». ودعا المعارضة إلى «وحدة وطنية». وستتيح الولاية الجديدة لتشافيز تعزيز تأميم الاقتصاد ومواصلة برامج اجتماعية تستفيد منها الشرائح الأكثر تهميشاً في البلاد، ومساندة أنظمة يسارية حليفة في أميركا اللاتينية والعالم، مثل كوبا. لكنه سيواجه معارضة أكثر تماسكاً، ملتفّة حول كابريليس الذي حقّق نتيجة تاريخية، وأكثر إدراكاً لقدرتها على هزيمة الرئيس البوليفاري. وهنّأ كابريليس خصمه، معرباً عن «فخره بما بنيناه»، وخاطب أنصاره قائلاً: «على الشعب ألا يشعر بأنه هُزم. حتى نفوز، يجب أن نعرف كيف نخسر. سأواصل العمل من أجل فنزويلا، ولبناء بلد واحد». لكنه حذر من أن «التطرّف أضرّ دوماً بفنزويلا». وأمام المعارضة فرصة لتأكيد تعزيز نفوذها في البلاد، خلال انتخابات حكّام الولايات في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وهنأ قادة يساريون في أميركا اللاتينية تشافير بإعادة انتخابه، وبينهم رئيسا كوبا والأرجنتين راوول كاسترو وكريستينا كيرشنر. لكن ناطقاً باسم الخارجية الأميركية حضّ تشافيز على أن «يأخذ في الاعتبار رأي أكثر من 6 ملايين شخص صوّتوا للمعارضة». في الوقت ذاته، اتهمت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي إيلينا روس ليتينن الرئيس الفنزويلي بالاحتفاظ بمنصبه من خلال «الترهيب والتلاعب بالأصوات».