البريطانيون من الشعوب التي تحب المراهنات، فهم يراهنون على أي شيء يمكن أن يخطر في البال، وإن كان يُحتمل أن يحصل بعد عقود. وبعض المكاتب المتخصصة لا يزعجها ذلك، فهي تعرف أنها لا بد من أن تربح في نهاية المطاف، لأن غالبية المراهنين ينتهون بخيبة أمل وخسارة أموالهم. لكن المراهنين، خصوصاً المدمنين منهم، يتجاهلون هذه الحقيقة، وينتظرون إشارة ما توحي لهم بأن شيئاً قد يحصل كي يهرعوا إلى هذه المكاتب ووضع أموالهم عليه. كانت «الإشارة» هذه المرة عناقاً حميمياً في منتجع «فيربيير» السويسري للتزلج على الثلج بين الأمير هاري (28 سنة)، أصغر أبناء الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني، وبين صديقته الجميلة كريسيدا بوناس (24 سنة). ما كادت وسائل الإعلام البريطانية تلتقط صورة العناق، حتى أعلنت مكاتب فتح شبابيكها لتلقي عروض على إعلان الأمير هاري خطبته لكريسيدا قبل نهاية العام الجاري. ومن أفضل العروض الموجودة في السوق حالياً عرض مكتب «بادي باور» الذي يقدّم ثمانية جنيهات إسترلينية في مقابل كل جنيه يُوضع رهاناً على خطبتهما. توحي صورة العناق بين الأمير هاري وصديقته الثرية بأن علاقتهما - بلا شك - أكثر من أن تكون مجرد علاقة عابرة. ولكن بصرف النظر عن إمكان تطوّرها إلى خطوبة وزواج، فإن مشكلة مثل هذا الارتباط بين أمير عازب وأي فتاة يصادقها، أن الأخيرة تصبح وأفراد عائلتها مادة دسمة للصحف البريطانية التي تنبش كل شاردة وواردة في حياتهم. وكريسيدا، «المسكينة»، لم تشذ عن هذه القاعدة. فقد كان عناقها للأمير هاري - وقُبلات تردد أنهما تبادلاها في ملهى ليلي - كافياً لإثارة شهية الصحافيين وفتح شبابيك مكاتب المراهنات. كريسيدا لا تختلف عن «صنف» الفتيات اللواتي خرج معهن الأمير هاري في السنوات الأخيرة، مثل صديقته السابقة تشلسي ديفي التي انفصل عنها عام 2011، وقبلها فلورانس برودنيل-بروس. جميعهن خريجات إحدى أفضل المدارس الخاصة في بريطانيا: مدرسة «ستاو» في بكنغهام والتي تُكلّف عشرة آلاف جنيه في الفصل الدراسي الواحد. ذهبت كريسيدا بعد المدرسة إلى جامعة «ليدز» في وسط إنكلترا، لكنها بعد تخرجها عملت عارضة لمؤسسة «بيربيري» العريقة ثم مدرّبة على التزلج. لكن ذلك ليس ما تريده لنفسها كما يبدو، إذ إنها منخرطة حالياً في تعلّم الرقص. وصديقة الأمير هاري تنتمي أيضاً إلى عائلة أرستقراطية معروفة في بريطانيا. أمها ماري-غاي كيرزون كانت واحدة من فتيات المجتمع الراقي في حقبة الستينات، واشتهرت بارتيادها أماكن المشاهير إلى درجة أن فندق «كلاريدجز» ابتكر مشروباً على شرفها سمّاه باسمها «كيرزون كوكتيل». وإلى ذلك، قبلت ماري-غاي أن تتصور نصف عارية ومغطاة بالزيت لمصلحة كتاب دعائي. لكن حياتها العاطفية لم تخل من المشاكل. زوجها الأول كان كيفين كوبر-كي، وهو نجل نائب محافظ. تزوجها عام 1971 عندما كانت ماري-غاي في ال 23 من عمرها، لكنهما تطلقا بعد خمس سنوات بعدما أنجبا إبنة تدعى باندورا (38 سنة حالياً). وبعد سنة من طلاقها، تزوجت ماري-غاي مجدداً من رجل الأعمال جون أنستروثر-غف-غالثروب وأنجبا ثلاثة أطفال (صبي وابنتان إحداهما تدعى إيزابيلا وتبلغ حالياً 32 سنة). لكن زواجهما لم يدم، وتطلقا عام 1986. وفي تلك الفترة بدأت ماري-غاي علاقة عاطفية مع رجل متزوج يدعى جيفري بوناس، ما قاده وزوجته إلى المحاكم للتوصل إلى طلاق باهظ التكاليف. في العام 1988 تزوج جيفري وماري-غاي وأنجبا ابنتهما الوحيدة كريسيدا، قبل أن يتطلقا بعد خمس سنوات. وفي العام 1996 تزوجت ماري-غاي مرة رابعة، من رجل الأعمال والضابط السابق كريستوفر شو. لكن هذا الزواج لم يدم أيضاً وانتهى بطلاق عام 2000، بعدما ترك شو زوجته من أجل امرأة أخرى. لا يبدو أن المشاكل العاطفية للأم تنعكس على حياة ابنتها كريسيدا التي عاشت حياتها في شكل عادي في المجتمع الأرستقراطي الذي وُلدت فيه. فقد كان طبيعياً أن تلتقي في يوم من الأيام بالأمير هاري أو بغيره من أبناء الأسرة الملكية وبناتها، بحكم أن جميعهم يدورون في فلك واحد: يرتادون المطاعم والملاهي الراقية ذاتها، ويذهبون إلى المنتجعات السياحية عينها. وقبل تعرّف كريسيدا على الأمير هاري، كان مسار عائليتهما أمام احتمال ارتباط عاطفي بين فردين آخرين من كل من العائليتن: الأمير وليام، الشقيق الأكبر لهاري، كان معجباً بإيزابيلا، الأخت غير الشقيقة لكريسيدا (من زواج أمها الثاني). لكن علاقتهما لم تثمر، إذ تزوج وليام من صديقته كيت ميدلتون (الحامل حالياً). هل يعود مسار العائليتن إلى الالتقاء الآن بإعلان خطوبة هاري وكريسيدا؟ مكاتب المراهنات تبدو متأهبة لمثل هذا الاحتمال. لكن الأمير هاري لا يبدو من النوع المستعد للاستقرار بسهولة. فبعدما أمضى مع كريسيدا خلال الصيف الماضي عطلة سرية على جزيرة خاصة في البحر الكاريبي يملكها السير ريتشارد برانسون (ابنه سام سيتزوج إيزابيلا، أخت كريسيدا)، حزم الأمير هاري حقائبه وسافر مباشرة إلى لاس فيغاس حيث صُوِّر عارياً مع فتيات، ثم انتقل من هناك إلى أفغانستان ليخدم كمساعد طيار لمروحية أباتشي في المواجهات ضد مقاتلي حركة «طالبان». العناق الأخير في المنتجع السويسري أوحى بأن كريسيدا سامحت هاري على ما فعل في لاس فيغاس، وباتت مستعدة لإعلان خطبتها منه. هل هذا صحيح؟ المراهنون يبدون مقتنعين بذلك... لكن المكاتب المتخصصة تعوّل بدورها على أنهم، كالعادة، مخطئين مجدداً.