لم تمنع سيطرة جماعة الحوثيين على صنعاء سكانها من ممارسة طقوسهم الاجتماعية المعتادة في أول أيام عيد الأضحى، على رغم حالة القلق الطاغية من استمرار مسلحي الجماعة (اللجان الشعبية) في مهام الأجهزة الأمنية والعسكرية التي اكتفت بالمرابطة في ثكناتها باستثناء عناصر شرطة المرور الذين انتشروا في التقاطعات منذ الصباح الباكر لتنظيم حركة المركبات. وفيما أدى الرئيس عبدربه منصور هادي صلاة العيد بمعية عدد من المسؤولين في صالة للاجتماعات داخل القصر الرئاسي بخلاف المعتاد، أدى آلاف الحوثيين صلاة العيد في شارع المطار حيث مخيمات اعتصامهم المضروبة منذ نحو شهرين، كما شوهد مسلحو الجماعة يرابطون في نقاط التفتيش التي تنتشر في عموم شوارع المدينة من دون ورود أي أنباء عن تسجيل حوادث عنف. ولوحظت شعارات الحوثيين تغطي المنازل والجدران في كثير من أحياء صنعاء فيما حذر زعيمهم عبدالملك الحوثي في كلمة مكتوبة للتهنئة بالعيد من «مؤامرات خارجية» قال إنها تستهدف النيل من «وحدة اليمن وسيادته وكرامته» إضافة ما وصفه بأنه «مخططات تستهدف بعضَ المحافظات اليمنية منها حضرموت». وقال الحوثي إنه يثمن «جهود رجال الأمن والجيش واللجان الشعبية وما يقومون به من دور وطني كبير في حفظ الأمن وحماية مؤسسات الدولة» كما أكد على أهمية «تنفيذ اتفاق السلم والشراكة» باعتباره «منجزاً ثورياً» على حد قوله، في وقت لا تزال القوى السياسية عالقة منذ نحو أسبوعين في مشاوراتها لاختيار رئيس للحكومة المرتقبة بسبب اعتذار كثير من الشخصيات المقبولة لدى كل الأطراف عن قبول المنصب. وتباينت ردود المواطنين في التعبير عن مشاعرهم إزاء تطورات الأوضاع في صنعاء بحسب المزاج السياسي أو الانتماء الحزبي، ففي حين يعتقد البعض أن الحوثيين «قدموا خدمة للوطن بالقضاء على النفوذ العسكري والقبلي للإخوان المسلمين وأنه «لا خوف من انتشارهم المسلح الذي يهدف لحماية العاصمة حتى تعود الأجهزة الأمنية». يرى البعض «أن صنعاء باتت مجرد عاصمة محتلة من قبل ميليشيا طائفية مذهبية تنفذ أجندة خارجية وتفرض الوصاية بقوة السلاح على وظيفة الدولة ومهامها». ولوحظ تركز حركة السكان بكثافة في محيط أسواق المواشي لشراء أضاحي العيد، في وقت خلت فيه العاصمة من نحو نصف سكانها الذين غادروها قبيل العيد إلى قراهم في المحافظات التي ينتمون إليها كما جرت العادة لقضاء إجازة العيد. وذكرت مصادر حكومية أن وزيري الدفاع والداخلية قاما أمس منفردين بزيارات ميدانية إلى عدد من الوحدات الأمنية والعسكرية لتفقد منتسبيها نزولاً عند توجيهات الرئيس هادي الذي اكتفى هو الآخر باستقبال المهنئين من الوزراء وأعضاء البرلمان ومجلس الشورى في القصر الرئاسي حيث أدى صلاة العيد. إلى ذلك فضل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح هو الآخر عدم الظهور العلني في العيد وأصدر مكتبه بياناً مقتضباً اعتذر فيه عن عدم استقبال المهنئين بالعيد بسبب ما وصفه «الظروف الأمنية والاقتصادية» التي تعيشها البلاد، وهو ما استغله خصومه لبث إشاعات تقول إنه غادر صنعاء إلى دولة أفريقية خوفاً على حياته من الحوثيين. ونفى الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه صالح عبده الجندي تلك الأنباء وأكد أنه لا توجد قوة تُجبر صالح على مغادرة البلاد، مشيراً إلى وجوده في منزله، في حين نشرت وسائل الحزب الإعلامية كلمة منسوبة إلى صالح نفسه للتهنئة بالعيد عبر فيها أسفه لما تشهده البلاد من ظروف قال إنها «بالغة التعقيد والصعوبة محفوفة بالمخاطر والقلق النفسي خوفاً على الوطن وعلى أمنه واستقراره ووحدته». وفي ظل الاتهامات له بالتواطؤ مع الحوثيين للسيطرة على صنعاء والانتقام من خصومه العسكريين والقبليين الموالين لحزب «الإصلاح» (الإخوان المسلمون) أرجع صالح استمرار الأزمات في بلاده إلى ما وصفه ب»الأطماع والغوايات الصبيانية التي يمارسها أولئك الذين لا همّ لهم سوى مصالحهم الذاتية والأنانية والذين تجردوا من كل القيم النبيلة والمبادئ السامية».