استمر الحوثيون أمس في التصعيد المسلح في صنعاء مستبقين نتائج المفاوضات التي يقودها لليوم الثاني المبعوث الأممي جمال بنعمر مع زعيمهم عبدالملك الحوثي في صعدة، وتوغلوا في الأحياء الشمالية الغربية للعاصمة وخاضوا اشتباكات عنيفة مع قوات حكومية يدعمها مسلحون موالون لحزب «الإصلاح» في سياق سعيهم للسيطرة على مقرات عسكرية ومنشآت دينية وأبرزها جامعة «الإيمان» ومقر الفرقة المدرعة الأولى. وفي مقابل هذا التدهور الأمني في محيط العاصمة توقفت أمس المواجهات في محافظة الجوف والمستمرة منذ ثلاثة أشهر بين الحوثيين وخصومهم القبليين الموالين لحزب «الإصلاح» والمدعومين بقوات حكومية، إثر نجاح وسطاء قبليين في إقناع الجانبين بالتوقيع على هدنة لوقف إطلاق النار والانسحاب من خطوط المواجهة. وأكد شهود ل»الحياة» أن مئات المسلحين الحوثيين توغلوا في الأحياء الشمالية الغربية للعاصمة وسيطروا على أحياء منطقة شملان وتقدموا إلى أحياء منطقة مذبح وشارع الثلاثين حيث بعض التلال الاستراتيجية المطلة على صنعاء مستخدمين الأسلحة المتوسطة والخفيفة في مواجهة قوات محدودة من الجيش يدعمها مئات المسلحين الموالين لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون). ومع عدم توافر معلومات دقيقة عن حجم الخسائر البشرية أمس يبدو من خط سير المواجهات أن الحوثيين يتقدمون للسيطرة على جامعة «الإيمان» الأهلية التي يديرها رجل الدين البارز والقيادي في حزب «الإصلاح» الشيخ عبدالمجيد الزنداني إلى جانب سعيهم للسيطرة على مقر قيادة الفرقة الأولى مدرعة والتي كان الرئيس اليمني أعاد دمجها في الجيش وأمر بتحويل مقرها إلى حديقة عامة لكن من دون أن يجد القرار طريقه إلى التنفيذ. وتسببت المواجهات العنيفة وأصوات الانفجارات في قطع الطرقات الرئيسة شمال غربي صنعاء وسط نزوح واسع للسكان إلى أحياء أخرى فيما انتشرت وحدات من الجيش في محيط مناطق المواجهات وحول المنشآت الحكومية، كما أفاد شهود بأن الحوثيين فجروا المباني والمساكن التي يملكها خصومهم في حزب «الإصلاح» والقادة العسكريين الموالين له. وجاءت هذه التطورات غداة اشتباكات ليلية بين الجيش والمسلحين الحوثيين في منطقة حزيز عند المدخل الجنوبي للعاصمة قبل أن تعود الأوضاع إلى الهدوء الحذر اثر وصول بنعمر إلى معقل الجماعة في محافظة صعدة للقاء زعيمها عبدالملك الحوثي أملاً في التوصل إلى اتفاق يوقف التصعيد الخطير للحوثيين ويلبي مطالبهم في تغيير الحكومة وإلغاء قرار الزيادة في أسعار الوقود ووضع جدول زمني لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. وقال بنعمر في نهاية اليوم الأول من المفاوضات أنه التقى الحوثي وبحث معه طيلة ثلاث ساعات» الحلول التي يمكن أن تحظى بتوافق جميع الأطراف وتكون مبنية على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني»، كما أشار إلى أن «المشاورات ستستمر» متمنياً «أن تفضي إلى نتائج إيجابية». وتتخوف مصادر مطلعة ضمن وفد المبعوث الأممي من انهيار المفاوضات بسبب تعنت الحوثي ورفعه سقف مطالبه. وأكد الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام أمس أن تصعيد جماعته لن يتوقف حتى تحقيق مطالبهم. وكشف على صفحته الرسمية في «فايسبوك» أن الحوثي أبدى استغرابه خلال لقائه بنعمر من»القلق المصطنع لبعض الأطراف الدولية من الحراك الثوري الشعبي»، كما أكد له أن «النشاط الثوري والشعبي لن يتوقف وسيظل مستمراً». وكانت جولة أولى من المفاوضات بين السلطة والحوثيين باءت بالفشل، كما رفضت الجماعة مبادرة سابقة للحل قدمتها لجنة التفاوض الرئاسية وأقرها هادي في لقاء وطني موسع ضم كافة قادة الدولة ومؤسساتها وزعماء الأحزاب والعمل الوطني. ويعتقد مراقبون «أن الحوثيين يستغلون التفاوض لكسب الوقت بينما يخططون لإسقاط صنعاء بالقوة تمهيداً لفرض واقع جديد على مسار العملية الانتقالية يؤسس لسلطة مذهبية في الشمال موالية لإيران».