مبادرة «نبني» فكرة راودت شباناً جزائريين من اصحاب الملَكات العلمية والثقافية، يعتبرون قياديين في مجالات نشاطهم سواء في الجامعات ومراكز البحث العلمي أو يديرون مؤسسات اقتصادية، اجتمعوا على فكرة إحداث تغيير في الجزائر والمساهمة في تحسين المستوى المعيشي للفرد وأداء المؤسسات، عبر تقديم مخططات وأفكار عملية تطبق على المدى القصير. انطلقت «نبني» قبل نحو سنتين، وولدت في خضم الحراك الذي شهدته شوارع البلدان العربية وهبوب رياح التغيير. تطورت الفكرة وأصبحت في غضون سنتين تنظيماً شبابياً ينشط على أرض الواقع ويقدم مشاريع وأفكاراً تحظى باهتمام مختلف الجهات في المجتمع الجزائري وحتى مسؤولين كبار في الدولة على غرار الوزير الأول (رئيس الحكومة) الذي استقبل الأسبوع الفائت وفداً من أصحاب مبادرة «نبني» وناقش معهم على مدار ثلاث ساعات جملة من الأفكار. ويقول أصحاب مبادرة «نبني» إنها «ليست ذات طابع أكاديمي ولا هي تظاهرة سياسية، بل ثمرة جهود شابات وشبان جزائريين عزموا على تسخير كل طاقاتهم وتجاربهم الخاصة من أجل بعث أفكار جديدة تساهم في رسم مصير بلادهم، بخاصة في المجال الاجتماعي - الاقتصادي وذلك المتعلق بتسيير المؤسسات التي تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين». ويعرف هؤلاء أنفسهم على موقعهم الالكتروني بأن «لديهم الاقتناع نفسه وهو أن الأفضل لهذا الوطن ليس بمستحيل. بالعكس فهو ممكن إذا سمح للأشخاص ذوي الأفكار الجديدة والمعتقدات المختلفة والتجارب المؤكدة والإرادة الخارقة بأن يجسدوا أفكارهم لإيجاد الحلول المناسبة والحقيقية لرفع التحديات وتجاوز الأزمات التي تعيشها وتعاني منها حالياً الجزائر». جزائر ما بعد 2020 ويقول عبدالكريم بوذراع الناطق باسم مبادرة «نبني» وهو مدير مؤسسة خاصة، إن المبادرة رأت النور مع «بداية الأزمات في الوطن العربي وعمل على تطويرها جزائريون نصفهم يعيش في الخارج، وكان محركهم في ذلك البحث عن تقديم إضافة لبلادهم، ونصفهم يعمل داخل الجزائر». وأشار إلى ان المبادرة تحمل في طياتها عصارة دراسات وتقييم لتجارب في دول كثيرة، خصوصاً أنها تقوم بشكل أساسي على رجال اقتصاد وجامعيين. وأوضح في لقاء مع «الحياة» أن مبادرات وأفكاراً سياسية عدة قدمها رجال سياسة «مثل الزعيم التاريخي الراحل عبدالحميد مهري وحتى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي تحدث عن خطة سياسية شاملة، لكن نحن ارتأينا أن نقدم أفكاراً وحلولاً تقنية للمشاكل التي تعيشها البلاد بخاصة أن المؤسسات في الجزائر فقدت الكثير من كفاءاتها». ومن هذه الأرضية انطلقت مبادرة «نبني» التي هي في الأساس مقاربة شاملة تهدف إلى التغيير عبر مخططات ومشاريع متكاملة تمس مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والرياضية والثقافية. ويقول بوذراع: «قدمنا أفكاراً أولية أثرتها جميع شرائح المجتمع سواء عبر التواصل في الموقع الالكتروني للمبادرة أو على صفحتها الالكترونية أو عبر ملتقيات نظمت لهذا الغرض، وتوجت بتقديم مخطط من 100 ورشة على مدار 12 شهراً، اقترح حلولاً قصيرة المدى تخص سنة 2012». وفي كانون الثاني (يناير) الماضي قُدّمت ورقة تحمل رؤية للجزائر بحلول سنة 2020، تطرح أفكاراً تركز غالبيتها على الخروج من التبعية للنفط في الاقتصاد، من خلال زيادة الناتج المحلي خارج المحروقات ب50 في المئة، عبر مخططات ترمي إلى تدعيم النشاط الصناعي ورفع فعاليته وتنافسيته. وتضم الورقة أفكاراً تخص التعليم والصحة والثقافة، إلى جانب أفكار تتعلق بالحوكمة وإدارة الدولة والعلاقة بين فئات المجتمع. ويوضح بوذراع أن هذه المشاريع قُدّمت إلى الوزير الأول عبدالمالك سلال الذي وكذلك إلى الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية، من اجل إثرائها ومحاولة ترجمة أفكارها، بخاصة أنها تقترح وفقه حلولاً عملية للمشاكل التي تتخبط فيها الجزائر. ويعتبر الناطق باسم مبادرة «نبني» أن هذه المبادرة وكل ما تلاها من افكار الهدف منها هو تجنيب الجزائر مشاكل يمكن أن تنزلق إليها البلاد إذا لم تنفَذ إصلاحات عميقة، بخاصة أن الجزائر عاشت في الماضي القريب سنوات دامية لا أحد يرغب في أن تتكرر.