تعهدت حكومات غربية وعربية أمس بتقديم مزيد من الدعم السياسي والمادي ل «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» وطالبت بالتوقف فوراً عن إمداد حكومة الرئيس بشار الأسد بالسلاح. ولم يتضمن البيان الختامي لمؤتمر أصدقاء سورية أي حديث عن حجم الأموال والتعهدات أو نوعية المساعدات التي ستُقدم وإلى أي أطراف في المعارضة. ولم يرد اسم أي فصيل متطرف، خصوصاً الجبهات «الإسلامية» في بيان عام صدر عن مؤتمر أصدقاء سورية، الذي قاطعه رسمياً المجلس الوطني السوري أحد مكونات «الائتلاف» لكن، شارك فيه بعض أركانه بصفة شخصية. وجاء في البيان أن على النظام السوري أن يتوقف فوراً عن القصف «العشوائي» لمناطق مأهولة بالسكان وأضاف أن ذلك يمثل جرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تمضي من دون عقاب. وقال إن وزراء دول مجموعة أصدقاء سورية تعهدوا بتقديم مزيد من الدعم السياسي والمادي ل «لائتلاف الوطني السوري» بصفته الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري وبإدخال مزيد من المساعدات الملموسة إلى سورية. ودعا رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب المؤتمر إلى «إلزام» النظام السوري ب «إيجاد ممرات إغاثية آمنة» لمساعدة الشعب السوري الذي يعاني من تداعيات الحرب المدمرة القائمة منذ سنتين. وقال الخطيب، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إنه طرح أمام وزراء خارجية المجتمعين في روما سلسلة مطالب أبرزها العمل على «إلزام النظام بإيجاد ممرات إغاثية آمنة تحت الفصل السابع (الملزم من ميثاق الأممالمتحدة) لحماية المدنيين». وأشار إلى أن هذه الممرات ضرورية خصوصاً «إلى حمص المحاصرة منذ حوالى 250 يوماً وداريا، مهد الحركة السلمية، وهي تحت الحصار والقصف المتوحش منذ 100 يوم». كما طالب «بإعطاء الشعب السوري وثواره كامل الحق في الدفاع عن أنفسهم». وقال «هناك قرار دولي أو إشارات دولية بعدم تسليح المعارضة السورية بأسلحة نوعية»، مضيفاً «إذا كنتم تريدون هكذا، أوقفوا إمداد النظام بأسلحة نوعية لا تزال تأتيه حتى اليوم تحت اسم صفقات قديمة»، في إشارة إلى السلاح الروسي الذي يصل إلى النظام. وكان كيري أعلن أن بلاده ستخصص مساعدات لا تشمل أسلحة قاتلة بقيمة 60 مليون دولار «من أجل دعم جهود الائتلاف في الشهور المقبلة». وقال رئيس الائتلاف إن «الكثيرين، وخصوصاً وسائل الإعلام، ينتبهون إلى طول لحية المقاتل أكثر من حجم الدماء التي تسيل من الأطفال». ودعا إلى النظر إلى هذا الأمر وإلى قصف النظام المخابز «قبل أن تنظروا إلى طول لحية المقاتلين». وقال في إشارة واضحة إلى الإسلامين المتطرفين إن «معظم إخوتنا الذين يقاتلون في الداخل مسالمون اضطروا إلى حمل السلاح، هناك البعض ممن يحملون أفكاراً خاصة غريبة عن مجتمعنا. نحن ننبذ هذه الأمور بكل صراحة ونحن ضد كل فكر تكفيري». وتابع «نحن لا نستحي أن نقول نحن مقاتلون مسلمون، لكن من الإسلام الذي يعيش مع الجميع ويطلب الخير للجميع». وجدد الخطيب التوجه إلى بشار الأسد «من هذا المنبر وربما للمرة الأخيرة»، داعياً إياه إلى الحوار. وقال «يا بشار الأسد، تصرف ولو مرة واحدة كإنسان. كفى هذا الشعب قتلاً ومذابح (...) اتخذ قراراً واحداً عاقلاً في حياتك من أجل مستقبل هذا البلد». وأكد أن الدعوة إلى التفاوض التي كان تقدم بها في نهاية كانون الثاني (يناير) يجب أن تحصل من «ضمن المحددات التي وضعها الائتلاف في جلسته الأخيرة والتي تتضمن صراحة رحيل النظام وتفكيك الأجهزة القمعية التي تحكم البلد». وقال كيري إن «الولاياتالمتحدة ستقدم المساعدة التي لا تشمل أسلحة قاتلة من أجل دعم جهود ائتلاف المعارضة السورية في الشهور المقبلة». وأردف «ستكون هناك مساعدة مباشرة» لعناصر الجيش السوري الحر في شكل «مساعدة طبية وأغذية». وجدد تأكيد أن الولاياتالمتحدة «مع حل سياسي»، وأن «كل السوريين يجب أن يعرفوا أنه يمكن أن يكون هناك مستقبل». وزاد أن «ائتلاف المعارضة يمكن أن ينجح في تحقيق انتقال سلمي». وقالت مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» إن تقديم إمدادات طبية ومساعدات غذائية مباشرة للمقاتلين يمثل تغيراً في السياسة. ويعكس ما يعتبر تغيراً في السياسة الأميركية رغبة في بذل مزيد من الجهود لمساعدة المعارضة في الصراع الذي تقول الأممالمتحدة إن أكثر من 70 ألف شخص قتلوا خلاله منذ اندلاع الانتفاضة السورية على حكم الأسد قبل عامين. لكن هذا التغير لا يشمل تدخلاً عسكرياً كاملاً لا ترغب فيه واشنطن فيما يبدو. غير أن هذه الخطوات ربما لن ترضي بعض أعضاء الائتلاف الذي قال في الأسبوع الماضي إنه سيقاطع المؤتمر بسبب الإحباط من عدم تلقي مزيد من المساعدات ولم يعلن موافقته على الحضور إلا الإثنين. ويقولون إن إحجام الغرب عن تسليح المعارضة لا يصب إلا في مصلحة الإسلاميين المتشددين الذين ينظر إليهم الآن على نطاق واسع على أنهم القوى الأكثر فاعلية في جهود إطاحة الأسد.