في وقت تتجه غالبية قوى المعارضة المصرية إلى مقاطعة انتخابات مجلس النواب المقرر إجراؤها في 22 نيسان (أبريل) المقبل، أبدت مصادر قريبة من جماعة «الإخوان المسلمين» قلقها من اتخاذ المعارضة، خصوصاً «جبهة الإنقاذ الوطني»، قرارا بعدم المشاركة، لما ستكون له من تداعيات تفاقم الأزمة السياسية وبالتبعية الوضع الاقتصادي. وذكرت المصادر ل «الحياة» أن «الإخوان» يرغبون بتمرير الاستحقاق بهدوء، «أما إذا قاطعت المعارضة أول انتخابات بعد تولي الرئيس محمد مرسي الحكم وإقرار الدستور الجديد، فإن هذا الأمر من شأنه إثارة قوى دولية وتحريك احتجاجات شعبية في الشارع، فضلاً عن ملاحقة البرلمان بدعاوى قضائية خصوصاً في ظل تشكيك البعض في دستورية قانون الانتخابات»، بعدما لم يلتزم مجلس الشورى الذي يتولى سلطة التشريع موقتاً بكل توصيات المحكمة الدستورية العليا في شأن القانون. وفي محاولة لتجنيب الحكم مخاطر مقاطعة المعارضة الانتخابات، دعا الرئيس مرسي معارضيه إلى حوار اليوم للبحث في ضمانات نزاهة الانتخابات، وتحدث بإيجابية عن «جبهة الإنقاذ»، خلال لقاء تلفزيوني أُذيع مساء أمس. لكن بدا أن لا سبيل إلى تنفيذ مطلب المعارضة الرئيسي تشكيل حكومة محايدة تُشرف على الانتخابات، بعدما تحدث رئيس حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان» سعد الكتاتني عن «مخاطر تغيير الحكومة على الاقتصاد في هذه المرحلة». وتجتمع «جبهة الإنقاذ» غداً لاتخاذ قرار موحد في شأن خوض الانتخابات أو مقاطعتها والبحث في دعوة مرسي إلى الحوار، فيما عكف قادة الجبهة على إجراء اتصالات مكثفة تجنباً لانقسامها، في ظل اختلاف الآراء بين مكوناتها إزاء مقاطعة الانتخابات أو خوضها. لكن بدا أن خيار المقاطعة سيكون الأرجح في ظل استباق أحزاب وشخصيات رئيسة في الجبهة القرار بإعلان أنها تتجه إلى مقاطعة الاقتراع، وهو أمر اعتبره الحكم «فشلاً للمعارضة». واعتبر حزب «الوفد» المنضوي في الجبهة في بيان عقب اجتماع هيئته العليا مساء أول من أمس أن «قانون الانتخابات ما هو إلا حلقة في سلسلة الإجراءات التي تنتهجها جماعة الإخوان للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية والانفراد بحكم البلاد»، معتبراً أن «المشاركة في خوض هذه الانتخابات من دون الضمانات التي طالبت بها جبهة الإنقاذ، وفي مقدمها حكومة محايدة، ما هي إلا مشاركة في إجهاض ثورة واغتصاب وطن»، في مؤشر قوي لاتجاه الحزب إلى مقاطعة الانتخابات. وقال عضو الجبهة رئيس حزب «مصر الحرية» عمرو حمزاوي ل «الحياة» إن الجبهة ستجتمع غداً لاتخاذ قرار في شأن الانتخابات، مشيراً إلى أنه يرى أن المقاطعة هي «الخيار الأنجع». وكان منسق الجبهة محمد البرادعي سارع بالدعوة إلى مقاطعة الانتخابات ل «كشف الديموقراطية الزائفة»، كما أعلن «التيار الشعبي» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق القيادي في الجبهة حمدين صباحي مقاطعته الانتخابات. في المقابل، اعتبر حزب «الحرية والعدالة» في بيان أن تلويح المعارضة بمقاطعة الانتخابات «أكبر دليل على فشلهم في التواصل مع الجماهير». ميدانياً، تصاعدت حركة العصيان المدني في محافظة بورسعيد في يومها الثامن، وحاول متظاهرون اقتحام المقر الرئيس للحزب الحاكم في المحافظة، لكن الجيش منعهم، فيما اقتحم متظاهرون ديواني محافظتي كفر الشيخ والدقهلية. واندلعت مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين أمام مقرات أمنية في المحافظات، فيما تظاهر مئات أمام مقري محافظتي القاهرة والجيزة، بعدما نظموا مسيرات إليهما لدعوة المواطنين إلى الانضمام للعصيان المدني. وتواصل العصيان في بورسعيد، وأغلق متظاهرون منفذي الرسوة والنصر الجمركيين وطريق الشاحنات والطريق المؤدية إلى ميناء شرق بورسعيد، وقطعوا خط السكك الحديد لتنعزل المحافظة تماماً عن باقي المحافظات، بعدما كان الأهالي أوقفوا حركة النقل البري، ما أوقف العمل تماماً في المنطقة الاستثمارية التي يعمل فيها آلاف العمال من المحافظات المجاورة. وتوقف العمل في شكل كامل في مصلحة الجمارك وهيئة ميناء بورسعيد وجميع مدارس المحافظة التي زادت حركة الاحتجاج فيها، وواصل عمال هيئة قناة السويس في ترسانة بورسعيد البحرية اعتصامهم تضامناً مع مطالب الأهالي. ولجأت جماعة «الإخوان» في المحافظة إلى رجال دين للتفاوض مع المتظاهرين من عمال الترسانة البحرية من أجل فض عصيانهم والعودة إلى العمل، إلا أن المحاولة باءت بالفشل.