يعتزم وسطاء الاتحاد الأفريقي دعوة مفاوضي دولتي السودان وجنوب السودان إلى جولة جديدة من المحادثات يُرجح أن تلتئم في منتصف آذار (مارس) المقبل للاتفاق على خطوات عملية لتنفيذ ترتيبات أمنية وإنشاء منطقة عازلة بين البلدين، فيما تزايد الاستقطاب في المشهد السياسي في السودان بعد توقيع أحزاب وقوى إسلامية «ميثاق الفجر الاسلامي»، رداً على وثيقة «الفجر الجديد» التي وقعها تحالف المعارضة وقوى «الجبهة الثورية السودانية». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية العبيد أحمد مروح إن وسطاء الاتحاد الأفريقي طرحوا أفكاراً مبدئية لاستئناف التفاوض بين الخرطوموجوبا، موضحاً أن الوساطة اقترحت مواعيد لمعاودة المحادثات تخضع إلى التشاور بين البلدين. وأكد «التزام الخرطوم تفكيك وإزالة العقبات كافة التي تعترض استكمال مصفوفة التعاون المشترك بين الدولتين»، مشيراً إلى أن حكومته ترغب في «بناء علاقات استراتيجية مع جوبا». وأضاف أن الخرطوم تعكف على قراءة المواقف الأميركية تجاهها. ورأى أن علاقة الخرطوم وواشنطن ستكون طبيعية إذا ما تخلت الأخيرة عن «أجندتها المتعلقة بمحاربة النظام الحاكم ومساعدة المجموعات المتمردة التي تريد إطاحته». واعتبر أن علاقات الولاياتالمتحدة والسودان لا تزال في طور التشكيل، «خصوصاً بعد تعيين وزير الخارجية الأميركي جون كيري وضغوط لوبيات الكونغرس إضافة إلى تأثرها بمجموعات أخرى ترى أن العلاقة مع الخرطوم تحتاج إلى إعادة نظر، وأن تكون عملية التطبيع بالتدرج». وكانت الوساطة الأفريقية رهنت استئناف المفاوضات بين دولتي السودان وجنوب السودان باتفاق الطرفين على أفكار لجسر هوة الخلافات في ملف الترتيبات الأمنية، وطالبت رئيسي البلدين عمر البشير وسلفاكير ميارديت بإجراء مشاورات والوصول إلى أفكار مشتركة . واحتجت الوساطة رسمياً لدى الخرطوموجوبا على استمرار اجتماعات اللجنة السياسية العسكرية المشتركة بينهما من دون نتائج، ورأت أن البلدين يسيران في دائرة مغلقة وطلبت من الرئيسين التشاور وإبلاغها بما توصلا إليه من تقارب في شأن ملف الترتيبات الأمنية لضمان إحراز تقدم في الجولة الجديدة من المحادثات. وكان كبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم طلب من الوساطة الأفريقية إرجاء المفاوضات ثلاثة أشهر حتى منتصف أيار (مايو) المقبل. هجوم على المعارضة إلى ذلك، تزايد الاستقطاب السياسي في السودان، إذ وقعت أحزاب وقوى إسلامية في تحالف «جبهة الدستور الإسلامي» في الخرطوم «ميثاق الفجر الإسلامي»، لمواجهة تحالف المعارضة وقوى «الجبهة الثورية السودانية» التي أبرمت ميثاق «الفجر الجديد» مطلع العام الحالي. ودعت القوى الموقعة إلى «إقرار دستور إسلامي مصدره الكتاب والسنّة غير قابل للاستفتاء الشعبي يقر بحرمة قيام أية أحزاب يقوم فكرها السياسي ونظامها الأساسي على تقويض الدستور الإسلامي». وكشفت خلال لقائها الأول الذي عقد في مقر الجبهة في ضاحية الرياض في الخرطوم أن اجتماعاً سيلتئم اليوم مع عدد من الكيانات السياسية الأخرى لانضمامها إلى الميثاق، كما وجهت انتقادات لاذعة إلى سياسات الحكومة في تعاملها مع قضية الحكم الإسلامي. ومن أبرز الموقعين على الميثاق رئيس «منبر السلام العادل» الطيب مصطفى الذي وجه خلال الاجتماع انتقادات إلى وثيقة «الفجر الجديد» وقال إنها «ترمي إلى إسقاط الإسلام وليس النظام الحاكم». وأضاف: «ستكون المعارضة الإسلامية بديلاً للمعارضة العلمانية... إذا سقط النظام فسيكون البديل إسلامياً»، مؤكداً أن «ميثاق الفجر الإسلامي سيحدث تحولاً كبيراً في المشهد السياسي في البلاد». ودعا الميثاق إلى «إقرار دستور إسلامي مصدره الكتاب والسنّة غير قابل للاستفتاء الشعبي أو الاجتهاد في ما هو معلوم من الدين بالضرورة ويقر ببطلان القوانين والتشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية وحرمة قيام أية أحزاب أو هيئات يقوم فكرها السياسي ونظامها الأساسي على تقويض الدستور الإسلامي». ودعا إلى «نشر ثقافة العفو والاعتذار والتسامح وتعزيز دور العلماء والدعاة في حل المشاكل القبلية، إلى جانب القضاء الفوري على جميع مظاهر الفساد في جميع صوره بشفافية ورفع الحصانات والضرب بيد من حديد على من ثبت فساده المالي والإداري في محاكمة شرعية عادلة وعلنية لتصبح عبرة للآخرين». ووصف مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع تحالف المعارضة والمتمردين لإطاحة نظام الحكم، بأنه «تحالف مع قوى البغي والعدوان والاستعمار الحديث والشيطان الرجيم». وأعلن تحالف حكومته مع تركيا «من أجل الخير والبركة وإعمار الأرض وخلافة الله فيها واستخراج خيراتها». وقال لدى افتتاحه أمس مركزاً لتطوير الثروة الحيوانية في مدينة المناقل في ولاية الجزيرة في وسط البلاد في حضور نائب رئيس الوزراء التركي بيكر أوزانق إن «الصفوف تمايزت في العالم كله، وضل ركب البغي وتاه... نحن في السودان نصرة للحق وبتراً للباطل في العالم كله». وأردف أن «التعاون والتعاضد والأخوة بين السودان وتركيا أوصد الباب أمام منظمات التجسس ومصاصي الدماء. هذا التحالف والصداقة هما اللذان يريدانهما أهل السودان وليس التحالف مع جيوش البغي والعدوان وأعداء الله ورسوله لتغير ديننا ووجهتنا». ودعا نائب رئيس الوزراء التركي إلى «التعاون بين الشعبين التركي والسوداني وتقوية العلاقات لمعالجة الهموم والمشاكل التي تواجه الشعبين». وأكد «دعم تركيا ووقوفها ومساندتها لكل الشعوب الإسلامية المظلومة والجائعة وإدخال نظم التقنية والتكنولوجيا في مختلف المجالات من أجل النهوض والرقي بالشعوب المسلمة». هجوم في دارفور وفي ملف دارفور، أعلن فصيل في «حركة تحرير السودان» الاشتباك مع قوات حكومية في منطقة العراديب العشرة شرق جبل مرة في ولاية شمال دارفور، وأكد قتله 17 من القوات الحكومية. وقال رئيس الفصيل أحمد عبدالشافي في بيان إن قوات الحكومة السودانية كانت في طريقها إلى مواقع حركته للبحث عن ستة أسرى بينهم رائد احتجزتهم الحركة الأسبوع الماضي قرب منطقة دار السلام . وزاد أن قواته بقيادة إسماعيل آدم يحيى أوقعت 17 قتيلاً بين قوات الحكومة ودمرت تسع سيارات واستولت على أربعة أخرى محملة بمدافع الدوشكا والرشاشات وأسرت خمسة جنود هم هارون يحيى جاموس وشمس الدين حامد جودة وحسب الكريم عبد النبي وجمال الدين محمود وسليمان قاسم، مشيراً إلى أن حركته فقدت قتيلين وثلاثة جرحى. وكان عبدالشافي انضم إلى «حركة التحرير والعدالة» التي وقعت مع الخرطوم على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور في تموز (يوليو) 2011 لكنه عاد وابتعد عن الحركة بعد الاتفاق. «متسللون» من مالي وفي دارفور أيضاً، أكد متمردو «حركة العدل والمساواة» دخول قوات من مالي إلى الإقليم عقب العمليات الفرنسية هناك. وقال الناطق باسم الحركة جبريل آدم بلال إن الميليشيات عبرت من ليبيا ونيجيريا ومالي فضلاً عن انضمام ميليشيات سودانية إليها. وقال في بيان: «بعد هزيمة مجموعات إسلامية في مالي تسلل منها 1460 عنصراً إلى دارفور بقيادة حيدر الطرابلسي، على متن 150 سيارة عسكرية وست شاحنات وحاملات وقود ومياه وكميات من الأسلحة الخفيفة والرشاشات والذخائر». وأضاف أن «20 من العناصر الليبية قدموا مع الميليشيات تمكنوا من العبور إلى ليبيا براً من طريق الصحراء، وتوزعت الميليشيات الأخرى في كل من جنوب دارفور وكتم في شمال دارفور وكبكابية والجنينة قرب الحدود التشادية». ودعا المجتمع الدولي إلى «التحرك وتحديد آلية للتعامل مع هذه الميليشيات الأجنبية التي لا تعرف العادات والقيم السودانية وحتى لا تستخدم مرة أخرى لارتكاب جرائم في حق الإنسانية». وكان الناطق باسم الجيش السوداني نفى عبور قوات من مالي إلى دارفور واعتبر حديث المتمردين «دعاية سياسية».