مع تسارع وتيرة الحياة المتصاعدة في تكاليفها المعيشية وغلاء الأسعار، يحاول الشاب فهد القحطاني مواجهة ظروف حياته، والتكيف مع مرتبه الشهري البالغ 3500 ريال. يسكن الشاب فهد في شقة سكنية يبلغ إيجارها السنوي 18 ألف ريال، يحاول الهروب من حدود الفقر لتأمين سبل البقاء والعيش لعائلته الصغيرة في هذه الحياة، روى الشاب فهد قصة تعايشه مع هذا المرتب. يقول ل«الحياة»: «لم أنل فرصة وظيفية مناسبة لعدم إكمال دراستي، كانت هناك وظيفة متواضعة في إحدى الشركات التجارية براتب 3500 ريال». على رغم أن المبلغ زهيد من وجهة نظر القحطاني، إلا أن أمله كان معلقاً بأن يترقى مع مرور الأيام، ويرتفع دخله «لعلي أسدّ به متطلبات الحياة المتسارعة». تزوج وسكن في شقة ب18 ألف ريال، يدفعها على قسطين (9000 لستة أشهر)، فضلاً عن مصاريفه اليومية بحكم مسؤوليته عن عائلة صغيرة «تحتاج شهرياً إلى متطلبات من طعام ولباس وغيره». عزل من مرتبه 1500 ريال قيمة الإيجار الشهري، وتبقي فقط 2500 ريال، هذا المبلغ سيعيش به مع عائلته شهراً كاملاً، يقول: «شقتي السكنية مكونة من ثلاث غرف، أثاثها بسيط، مجموعة من القطع، موزعة على أركان المنزل الصغير». يغادر القحطاني منزله كل صباح متجهاً إلى عمله، تاركاً منزله بعد أن يفطر رغيفاً من خبز مع كوب من الشاي، يصل إلى مكان عمله، لا يصرف تركيزه عن أداء عمله إلا تلك الأحاديث الجانبية بين زملائه حول بعض ما اشتروا من متاع لأسرهم وبيوتهم، «حديث الزملاء مع بعضهم عن مشترياتهم وبرامج حياتهم اليومية يثير بداخلي شعوراً بالعجز». بمجرد أن يحين وقت الغداء، ينتبذ مكاناً قصياً، بعيداً عن أعين زملائه، تجنباً للإسهام معهم في تكاليف وجبة غداء، مفضلاً مشاركة زوجتي في غداء أعدته، عادةً ما يتكون من بضعة صحون صغيرة من جبن وبعض «التونة» وشيء مما بقي من وجبة عشاء الليلة الماضية. لا يتوقف الصراع الداخلي لدى فهد بين الرغبة في توفير حاجات زوجته، والواقع الذي يعيشه، وأمنياته بالعيش كبقية زملائه في العمل، «كنت أتمنى أن أعيش مثل حياتهم، ولا أرى زوجتي تطلب شهرياً المساعدة من أهلها». ولا تسعه السعادة عندما يتكفل أحد الزملاء بإحضار وجبة الغداء، «حينها أقول في قرارة نفسي: سأوفّر بعض المال، لأهب زوجتي وجبة متكاملة». مع بداية كل شهر، يبدأ الشاب الذي لم يمضِ على زواجه أعواماً قليلة بإجراء حساباته، لتقسيم دخله 3500 ريال بحسب أولوياته، بعد أن يستثني قيمة إيجاره الشهري البالغ 1500 ريال، ليبقى له 2000 ريال، ثم يضع قيمة فواتير الماء والكهرباء والهاتف على حده، بقيمة متوسطة تصل إلى 500 ريال، ليتبقى له 1500 ريال. يقسم ما تبقى من راتبه على 30 يوماً، لتكون النتيجة أن عليه أن يقضي حياته اليومية مع زوجته بمبلغ 50 ريالاً، «أحاول به سد متطلباتي اليومية من المواد الغذائية التي تعتمد بشكل أكبر على بعض ما أشتريه من خارج المنزل، بسبب أن ثلاجتي خاوية تماماً من الخضروات والفواكه التي خصصت لها يوم الجمعة من كل أسبوع». تلك الورقة الخضراء التي تبلغ قيمتها 50 ريالاً، قسمها إلى ثلاثة أجزاء، الأول 10 ريالات، وهي مصاريف الفطور اليومي الذي عادة ما يوفرها بسبب فائض من خبز وجبن في ثلاجته الصغيرة، أما الثاني البالغ 20 ريالاً، فهو مخصص لغداء من الأرز والدجاج مع غلاء الدجاج في الفترة الأخيرة، فإن لم يستطع لطارئ ما، ذهب بالنقود إلى قناة صرف أخرى، فلا بديل عن «كبسة التونة» التي تعدها شريكة حياته. والثالث من أصل 50 ريالاً، هو ما يخصص لشراء الخبز والوقود للسيارة وأي متطلبات أخرى، لكن ما يقلل من ثقل المصاريف إلى حد ما، أن منزل فهد قريب من مقر عمله، أما بالنسبة إلى العشاء فتفاحة أو موزة كافية لسد جوعي. وعن محاولاته في تعديل وضعه، قال: «أبحث يومياً على وظيفة مساعدة تزيد من دخلي الشهري المتواضع، لكني لم أجد حتى الآن». ويتابع: «أحاول التكيف مع ظروف حياتي اليومية، والأخذ بالاعتبار عدم تحمل مصاريف أخرى، وأكثر ما يدخلني في دوامة إدارية زيارة أهل زوجتي لي، فذلك يتطلب أن أستدين من أصدقائي، كي أقوم بالواجب».