أنهى رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، زيارة لوحدات عسكرية قرب الحدود الجزائرية - المالية جنوب ولاية تمنراست، ناقش خلالها مع كبار القادة العسكريين المخطط الأمني المطبّق في المنطقة منذ أسابيع. ويربط مراقبون بين الزيارة واقتراب القوات الفرنسية من جبال «أفوغاس» القريبة من الجزائر في محاولة على الأرجح ل «إطباق الحصار» على قادة «القاعدة» المتحصنين هناك والممكن أن يفروا من شمال مالي إلى الجنوبالجزائري. وفي خضم التطورات الجارية في الحرب التي تقودها القوات الفرنسية والمالية ضد الجماعات المسلحة في منطقة شمال مالي، وتزامناً مع إعلان باريس عن المرحلة النهائية للعملية العسكرية الجارية في جبال أدرار، في سلسة جبال أفوغاس الحدودية مع الجزائر، توجه رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إلى ولاية تمنراست لمتابعة أداء وحدات مرابطة قرب الحدود تتابع تحركات المسلحين في مدينة الخليل التي لا تبعد عن الحدود الجزائرية سوى 18 كيلومتراً. وظلّت منطقة تساليت وكيدال في شمال مالي خاضعة لسيطرة مشتركة بين حركة «أنصار الدين» و «حركة تحرير أزواد»، إلا أن تطورات الوضع في الأسابيع الأخيرة سمح لمقاتلين منهما ومن التنظيم المسلح «التوحيد والجهاد» من التقدم إلى منطقة الخليل غير البعيدة عن الحدود الجزائرية. ويعني وصول القصف الفرنسي إلى منطقة لا تبعد إلا أقل من عشرين كيلومتراً عن الحدود الجزائرية، إمكان تسلل مسلحين إلى الحدود الجزائرية حيث تغيب إلى حد الساعة معطيات عن أي اشتباك بين أتباع «القاعدة» والجيش الفرنسي والقوات المالية، ما يشير إلى أن الكتائب المسلّحة غادرت إلى وجهات مختلفة مما سهّل على الفرنسيين والقوات الحكومية المالية استعادة السيطرة على كبرى المدن في الشمال. ويتابع الفريق قايد صالح إغلاق السلطات العسكرية الجزائرية الحدود البرية مع مالي والذي يتم من خلال تعليمات بإطلاق النار على أي محاولات تسلل لا تستجيب الأوامر بالتوقف الفوري عن السير. ويشمل القرار الجزائري كل المنافذ البرية بين البلدين. وطلبت رئاسة أركان الجيش من قيادات عسكرية عاملة في الجنوبالجزائري موافاتها بتقارير حول حركة الأشخاص والمركبات قرب الشريط الحدودي، وشددت على مسألة التدقيق في هويات الفارين للتأكد مما إذا كانوا مقاتلين في تنظيمات مسلحة أم لاجئين مدنيين. وتردد أن الفريق أحمد قايد صالح راجع الإجراءات بنفسه في زيارة لمناطق حدودية. ورفعت قيادة الجيش الجزائري من درجة الإستعدادات عبر شريطها الحدودي منذ بداية العمل العسكري الفرنسي في مالي، كما دخلت القيادة السياسية الجزائرية في حوار مع عواصم غربية في شأن احتمالات هروب زعماء في تنظيم «القاعدة» يحتمون على الأرجح في جبال أفوغاس أو قرب الحدود مع النيجر، فوجّهت الجيش العامل على الحدود ب «ترجمة هذا الإنشغال الدولي» والتحرك لاعتقال قادة التنظيم إذا هربوا إلى الجزائر، كما توضح مراجع موثوق بها. واعترف وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان بأن «المرحلة النهائية للعملية العسكرية الجارية في جبال أدرار، في سلسة جبال أفوغاس الحدودية مع الجزائر، تعد الأصعب في العملية الفرنسية في مالي، إذ لا بد من مواجهة المسلحين وجميع العصابات الموجودة في المنطقة التي تُعد ملاذاً إرهابياً، وأن العناصر الأكثر أصولية والأكثر تنظيماً وقوة تتواجد في تلك المنطقة من شمال مالي، والقتال فيها هو الأعنف». وأضاف لودريان في تصريح صحافي، الخميس، أن «انسحاب القوات الفرنسية من مالي ما هو إلا مسألة أسابيع»، لكنه لم يحدد تاريخاً لذلك، مؤكداً أن «الوحدات الأولى ستعود بسرعة»، وأن «انسحاب القوات الفرنسية يتوقف على الانتشار الفعال للقوات الأفريقية المشتركة في شمال مالي، وهي ليست حالياً في وضع يسمح بتسلم المسؤولية من القوات الفرنسية».