طلب قاضي التحقيق العسكري الأول في لبنان رياض أبو غيدا عقوبة الإعدام لكل من الوزير السابق ميشال سماحة ورئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك ب «جرائم التخطيط لقتل شخصيات سياسية ودينية لبنانية بواسطة المتفجرات خلال آب (أغسطس) الماضي. وقرر تسطير مذكرة تحر دائم بحق مدير مكتب مملوك العقيد عدنان لمعرفة كامل هويته. وأحال أبو غيدا القرار الاتهامي إلى النيابة العامة العسكرية بعد صدوره في جزء منه خلافاً لمطالعتها على أن يصار إلى إحالته لاحقاً أمام المحكمة العسكرية لمباشرة محاكمة سماحة أمامها في حال لم تستأنف النيابة العامة القرار الاتهامي. ويكشف القرار عن الادعاء على سماحة بجرم التعامل مع إسرائيل بعد ضبط «مطرة» ماء إسرائيلية الصنع في منزله ومنعت عنه المحاكمة لهذه الجهة لعدم كفاية الدليل. كما يتطرق إلى مدى معرفة اللواء المتقاعد جميل السيد ومستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان بنقل سماحة المتفجرات إذ يعتبر القرار أنه لم يثبت ما يشير إلى معرفتهما بالأمر استناداً إلى أقوال سماحة الذي وصف مرافقة السيد له من سورية إلى لبنان ب «رفقة طريق». أما عن شعبان فاعتبر أن حديثه معها عبر الهاتف الذي تضمن ألغازاً هو طريقة في الكلام معها لأنه كان يخشى التنصت عبر الساتيلايت. وقال سماحة إن ما قام به هو لوقف التسيب الأمني في منطقة عكار الهدف منه إحداث صدمة في لبنان موجهة إلى الطاقم السياسي اللبناني لضبط الحدود ووقف تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى سورية.وأبدى ندمه على ما فعله مشيراً إلى أنه قام بذلك «من أجل لبنان»، فيما قال السيد عن سماحة «إن حماسته لسورية أعمت قلبه». ومما جاء في القرار الذي يقع في 64 صفحة أن سماحة قال انه «على معرفة بالمخبر ميلاد كفوري منذ أكثر من 30 عاماً، حين كان يعمل في جهاز أمن القوات اللبنانية. وبعد عام 1990 أصبح يتردد عليه من حين لآخر، وابتداء من آذار (مارس) 2012 فاتحني بموضوع يهم السوريين مفاده بأنه على استعداد للقيام بجمع المعلومات لهم عن عمليات تهريب السلاح وتجمعات المسلحين السوريين في عكار. وعلى اعتبار أنني كنت خلال زياراتي دمشق أسمع من المسؤولين السوريين شكاوى كثيرة عن تهريب السلاح من لبنان وبخاصة من الشمال، الأمر الذي شكل أذية كبيرة للداخل السوري، لذلك فاتحت في إحدى زياراتي خلال حزيران (يونيو) 2012 المسؤول الأمني العقيد عدنان باستعدادات ميلاد كفوري للقيام بعمليات تلغيم طرقات ومهاجمة مخيمات مسلحين وغيرها من العمليات على مسالك الحدود، فتحفظ بداية، وكان حذراً. وبعد طول تفكير، قمت بعرض الموضوع ذاته على اللواء علي مملوك الذي أجاب: سورية لا تريد القيام بأعمال عسكرية أو أمنية في لبنان، وقمع التهريب من مهمات السلطة اللبنانية. ولكن بسبب تكرار زيارات ميلاد كفوري وعرضه الدائم القيام بعمليات، تداولت مجدداً مع اللواء مملوك والعقيد عدنان وأخذت موافقتهما على التعاطي مع ميلاد حيث صرت ألتقيه في شكل متواصل. وفي أحد اللقاءات سلمني ميلاد الكفوري ورقتين مطبوعتين حول حاجته من المتفجرات ونقلتها إلى العقيد عدنان. ونهار الثلثاء في 7-8-2012 وأثناء تواجدي في مكتب اللواء مملوك سلمت مفاتيح سيارتي من نوع أودي إلى العقيد عدنان ليضع المتفجرات المطلوبة في صندوقها، وهو ما حصل فعلاً. ولدى عودتي إلى بيروت سلمتها إلى ميلاد كفوري في مرأب منزلي في الأشرفية». وأضاف أنه «خلال كل ذلك كنت على يقين بأن ميلاد كفوري هو مخبر لأحد الأجهزة الأمنية وهو لن ينفذ أي عملية تنتج منها أضرار مادية أو بشرية وكان يريد توريطي». وكرر سماحة في إجاباته عبارة أنه كان يريد إحداث صدمة للطاقم السياسي اللبناني لضبط الحدود مع سورية، وقال في إحدى الجلسات: «أنا قمت بذلك لأجل لبنان». وأوضح أن اللواء السيد الذي رافقه في طريقه من دمشق إلى بيروت «لم يكن على علم بوجود متفجرات في صندوق السيارة». وقال: «اللواء السيد اتصل بي نهار الاثنين وكنت وصلت إلى دمشق، وأخبرني أنه سيأتي إلى هناك لتقديم التعازي للواء إبراهيم صافي بوفاة ابنه وللسيدة بشرى بوفاة زوجها اللواء آصف شوكت. واتفقنا على اللقاء في أوتيل «شيراتون» نهار الثلثاء الساعة 10 صباحاً وهو ما تم فعلاً، وتوجهت وإياه بزيارة سريعة للواء مملوك والوزيرة شعبان وأبو سليم سكرتير الرئيس، ثم قدمنا التعازي للسيدة بشرى، وافترقنا بعد ذلك ليكمل هو زياراته، ولاحقاً اتصل بي، وعدنا والتقينا في «شيراتون» ورافقني بسيارتي إلى بيروت». جميل السيد وورد في إفادة جميل السيد أنه «ورد اتصال إلى هاتف سماحة من الوزيرة شعبان أبلغته أن اللواء محمد الشعار وزير الداخلية أصبح في مكتبه وستحضر لاصطحابنا إليه. وبالفعل حضرت بعد قليل، وصعدت معها بالسيارة بعد اعتذار الوزير سماحة عن عدم الذهاب معنا، وبحجة أنه مشغول ولا يستطيع مرافقتنا». وأنهى السيد إفادته بالقول: «لولا شفقتي على زوجته وبناته، ولو لم تكن عندي قناعة بأن حماسته أعمت قلبه، لبادرت إلى الادعاء عليه، كونه كان من الممكن زج اسمي بأمور خطيرة جداً لا ناقة لي فيها ولا جمل». وسئل سماحة أنه في إحدى الاتصالات بينه وبين الوزيرة شعبان «قلت أنك تمر عليها برفقة اللواء السيد ثم أردفت قائلاً: بس عندي شي بدي اعملو، لازم اعملوا تا يبلش الشغل، فماذا قصدت بذلك؟». وأجاب سماحة أن «الوزيرة شعبان كانت تكلفني بنقل رسائل ذات طابع سياسي وديبلوماسي لأصدقاء في الخارج وأن ما قلته كان في هذا السياق». ثم سئل: «عندما حضرت الوزيرة شعبان إلى فندق «شيراتون» لترافقك واللواء السيد إلى مكتب وزير الداخلية، اعتذرت عن عدم الذهاب معهما قائلاً لها: «عندي شي عم بعملو، ما بدي قللو عنو، وإلو علاقة بالموضوع الأساسي اللي كنا حكينا فيه» فما هو الموضوع الذي قصدته؟». أجاب سماحة: «ما قصدته هو موضوع زيارات الأجانب التي ذكرتها سابقاً». وأكد أن «الوزيرة شعبان لم تكن على علم بموضوع المتفجرات ولم أبحث معها به». وأورد القرار أنه «حيث تبين من التسجيلات والوقائع المعروضة اعترافات المدعى عليه ميشال سماحة أن المتفجرات التي نقلها بسيارته الخاصة من دمشق إلى بيروت والمذكورة تفاصيلها بمتن هذا القرار سلمه إياها العقيد عدنان بموافقة اللواء مملوك، وحيث أن المدعى عليهما المذكورين وافقا على عرض المدعى عليه سماحة تجنيد أشخاص مستعدين للقيام بعمليات تفجير في عكار تستهدف المسلحين والمهربين إلى الداخل السوري، وحيث أن المدعى عليه العقيد عدنان لدى مفاتحته بالأمر أجاب حرفياً أنه على اهتمام بكل ما يعرقل ويمنع التهريب من لبنان إلى سورية» (إفادة سماحة. الصفحة 50 من التحقيق الأولي لدى المعلومات)، وحيث أن المدعى عليه اللواء مملوك أجاب بدوره قائلاً: إن عرقلة التهريب إلى سورية وتنفيذ عمليات ضد السوريين المسلحين والمهربين أمر مفيد للنظام السوري (صفحة 53 من التحقيق الأولي)، وحيث على ضوء ما ورد بإفادة المدعى عليه ميشال سماحة عن لسان المدعى عليهما اللواء مملوك والعقيد عدنان، يقتضي التدقيق لمعرفة كيف تطور الأمر ليشمل عمليات اغتيال رجال دين وسياسيين ونواب ومفتين، وحيث بالتحقيق الأولي لدى شعبة المعلومات سأل الضابط المحقق المدعى عليه سماحة في الصفحة 64 السؤال التالي: «من خلال تفريغ التصوير وبجلسة 1-8-2012 بادرك ميلاد كفوري بسؤال حرفيته: في إفطارات عم بتصير، عم يحضرها نواب، هلق هون ما بعرف حضرتك حكيتن عن الأهداف؟ حكيت مع علي عن الأهداف؟ يحدد هو الأهداف أم لا؟ فأجبته: عندك إفطارات، في نواب، فيك تروّح نواب، فيك تروّح الضاهر، خيّو، حدا من قيادات الجيش السوري الحر، تجمع سوريين فيها مسلحين، مخزن ذخيرة، الطرقات اللي عم يمروا عليها، يأكلوها ضربتين، ثلاثة، هيدي الأهداف. ما يستدل منه أنك كنت تقوم بنفسك بتلقيمه الأهداف التي يجب ضربها، فما تفسيرك؟» جواب سماحة صفحة 65: «أفيدكم صراحة بأن الطرف السوري لم يدخل في تحديد أهداف، وإني أعتبر قيامي بذكر هذه الأهداف كالنائب الضاهر وشقيقه والمفتي غلطة مني ارتكبتها كي انتهي من الموضوع معه. وأؤكد أن الهدف الذي كان يهم النظام السوري ويهمني شخصياً من عمليات التفجير قطع طرقات التهريب وضرب السوريين المسلحين». وأجاب رداً على سؤال آخر: «لم أتداول مع اللواء مملوك والعقيد عدنان بالأهداف التي ذكرت مني في التسجيل». قرار القاضي ووفقاً للمطالعة وخلافها، قرر القاضي «أولاً، اتهام المدعى عليه ميشال سماحة بالجنايات المنصوص عنها في المواد 335/200، و308/200، و312/200، و549/200 عقوبات و5 و6 من قانون 11-1-1958. ثانياً، الظن به بالجنحة المنصوص عنها بالمادة 72 و76 أسلحة. ثالثاً، منع المحاكمة عنه لجهة المادتين 274 عقوبات و144 قضاء عسكري لعدم الدليل بالنسبة للأولى ولعدم توافر العناصر الجرمية بالنسبة للثانية. رابعاً، اتهام المدعى عليه اللواء علي مملوك بالجنايات المنصوص عنها بالمواد 335/200، و549/200، و312 عقوبات، و5 و6 من قانون 11-1-1958. خامساً، منع المحاكمة عنه لجهة المادة 308 عقوبات لعدم كفاية الدليل بحقه. سادساً، إيجاب محاكمتهما أمام المحكمة العسكرية الدائمة. سابعاً، تضمينهما الرسوم والمصاريف. ثامناً، إصدار مذكرتي إلقاء قبض بحقهما. تاسعاً، تسطير مذكرة تحر دائم لمعرفة كامل هوية المدعى عليه العقيد عدنان. عاشراً، إيداع الأوراق مرجعها».