زاد عادل صابر من نشاطه الجوال أملاً في تأمين مكسب يمكنه من اغتنام تخفيضات أعلنتها الحكومة على أسعار اللحوم قبل عيد الأضحى الذي يحل السبت المقبل. يجوب الرجل بدراجته النارية الملحق بها صندوق، شوارع وأحياء شرق القاهرة لينادي على بضاعته التي تبدأ من بطاريات الطاقة والأقلام ودفاتر الكتابة، وصولاً إلى ملابس الأطفال. لكن الركود الاقتصادي الذي أضعف القدرة الشرائية للمصريين، أصابه بالإحباط إذ لم يمكنه من جمع ثمن كيلوغرامين من اللحم (45 جنيهاً للكيلوغرام الواحد)، فأوصى بائعاً في الجمعية الاستهلاكية التابعة للحكومة بتخزينهما له على أن يدفع ثمنهما خلال يومين على أقصى تقدير. ويقول صابر ل «الحياة»: «يبدو أن العيد سيمر من دون أن يتناول طفلاي لحم الضأن، أغلب ما أستطيع جمعه من أموال بعد عناء اليوم يذهب إلى تاجر الجملة كجزء من ثمن بضاعتي، وما يتبقى من فتات يضيع في حاجات المنزل اليومية. عيد الأضحى جاء هذا العام متزامناً مع بدء الموسم الدراسي، وما كسبته الشهر الماضي ذهب في مصروفات وحاجات المدارس. لن أتمكن من شراء ملابس جديدة لابنَيّ». وعلى بعد أمتار من صابر في حي الحلمية حيث كان يتجول ببضاعته، نصب إبراهيم خليل، وهو تاجر لحوم كبير، شادراً لبيع الخراف والماشية للراغبين في شراء الأضحية، لكنه يتحسّر على ضعف الإقبال حتى إنه يلفت إلى أن العامين الماضيين شهدا تزايداً لظاهرة اشتراك عدد من جيران السكن أو الأقارب في شراء الأضحية بعدما تردت أوضاعهم المالية، مشيراً إلى أن «طرح الحكومة المصرية كميات كبيرة من اللحوم منخفضة الأسعار زاد من ركود تجارتنا هذا العام». وكانت وزارة الزراعة أعلنت توفير جميع أنواع اللحوم الطازجة والحية في منافذ الإنتاج التابعة لها بأسعار مخفضة، كما طرحت وزارة التموين لحوماً مستوردة في المجمعات الاستهلاكية التابعة لها بأسعار تقل عما يعرضه خليل وغالبية محال الجزارة. ويتساءل خليل: «كيف نبيع لحومنا وعلى بعد خطوات منا تبيع الحكومة اللحوم بأسعار أقل؟ هذا تمييز شديد يتسبب لنا في خسائر كبيرة». وهذا زيادة أسعار اللحوم إلى «زيادة أسعار العلف وارتفاع أسعار النقل بعد زيادة أسعار المحروقات». وفي حي روكسي العريق في شرق القاهرة، دخلت متاجر الملابس الكبرى والصغرى سباقاً على العروض الترويجية للتغلب على حال الركود التي أصابت البلاد بسبب ارتفاع الأسعار وموسم الدراسة. وقالت ل «الحياة» الموظفة في أحد المصارف الحكومية سعاد زكي التي كانت تصطحب ابنتها لشراء ملابس العيد: «على رغم العروض إلا أن الأسعار لا تزال مرتفعة. لم يعد بالإمكان شراء زي كامل لابنتي مثلما كان يحدث مع كل عيد. يبدو أنني سأشتري لابنتي قطعة أو اثنتين من الملابس على أن تستكملها من ملابسها القديمة». وأضافت: «حتى الطبقة المتوسطة لم تعد قادرة على تدبير حاجات المنازل ومصاريف الأبناء، فما بالنا بالفقراء والمهمشين؟ ربنا يكون في عونهم». أما يوسف محفوظ فيعتبر أن بعض العروض الترويجية «خدعة للإيقاع بالمستهلكين، فالمحال لا تعلن أسعار معروضاتها قبل التخفيض، كما يعلن بعضها عن العرض ليوم واحد، ما لا يترك وقتاً كافياً أمام المشتري لمقارنة سعر السلعة في الأسواق». لكن محمود عوض التاجر في أحد المحال الشهيرة لبيع الملابس يشدد على أن العروض «مراقبة من جانب الحكومة التي لا تتردد في سحب رخص المتاجر إذا وجدت تلاعباً في الأسعار». ويضيف أن «الإقبال ضعيف للغاية على رغم تعدد العروض. تزامن العيد مع دخول المدارس أصاب الحالة (الشرائية) بالتردي الشديد». ويوضح أن «معظم الزبائن يشاهدون المعروضات ويسألون عن الأسعار ثم ينصرفون، الزحام ليس دليلاً على الرواج... أقصى غاياتنا بيع قطعتين أو ثلاث من الملابس في اليوم بعدما كنا في الماضي نبيع معظم المعروض خلال الأسبوع الذي يسبق الأعياد».