رحب اليمين الإسرائيلي بخطاب زعيم معسكره رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، فيما انتقده أقطاب المعارضة واعتبروه «فارغ المضمون» و»لم يأت بأية بشرى»، بينما اتهم الفلسطينيون نتانياهو ب»التلاعب بالوقائع»، خصوصاً مقارنته بين حركة «حماس» وتنظيم الدولة الإسلامية المتطرف وإيران. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون أن إسرائيل لن تنسحب من الضفة الغربية «لأننا لا نستطيع أن نسمح بنشوء نظام جهادي في الضفة الغربية يشكل خطراً على إسرائيل والأردن». وقال يعالون في محاضرة ألقاها أمام «معهد أبحاث الأمن القومي» في تل أبيب أمس إنه ينبغي على إسرائيل البحث عن أفق سياسي جديد «بعد أن سقطت كل المفاهيم القديمة التي سادت الشرق الأوسط في العقود الأخيرة». وأضاف أن إسرائيل لا يمكن أن تسمح لنفسها «بنشوء نظام جهادي في الضفة الغربية كما الحال في قطاع غزة»، مضيفاً أن انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية سيعرض مدنها ومطارها الدولي في اللد إلى إطلاق صواريخ، «فضلاً عن تعريض الأردن إلى الخطر». وأردف أنه «حيال سقوط المفاهيم والمقاربات، مرة تلو الأخرى، لا يمكن الحديث عن انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية في سياق أفق سياسي. يجب البحث عن اتجاهات جديدة، كما لمح إليها رئيس الحكومة في خطابه أمام الأممالمتحدة». ومن المتوقع أن يلتقي نتانياهو اليوم الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض وسط توقعات بأن يكون الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في صلب المحادثات، «على رغم عدم رغبة نتانياهو في التوسع في هذا الموضوع»، كما قال المحلل السياسي للإذاعة العامة. وأضاف إن ثمة انطباعاً في واشنطن بأن خطاب نتانياهو «أغلق تماماً نافذة المفاوضات مع الفلسطينيين وفتح باب المناوشة الديبلوماسية بينها وبين السلطة الفلسطينية». واختلفت ردود الفعل في الساحة الحزبية على خطاب نتانياهو في الأممالمتحدة. وأشاد أقطاب اليمين ب»الخطاب اللامع والمقنع»، فيما اعتبره سدنة المعارضة «فصيحاً لكن فارغ المضمون». وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن النائب زئيف الكين أن الخطاب شكل «رداً ملائماً لخطاب الأكاذيب والتشويه الذي ألقاه أبو مازن». ودعا رئيس الحكومة إلى ترجمة أقواله للغة الفعل «ليعلم أبو مازن أن مواصلة حرب الذم والتهجم السياسي على إسرائيل في الحلبة الدولية يكلفه ثمناً موجعاً سيدفعه هو وقيادة السلطة». من جهته رأى رئيس المعارضة اسحاق هرتسوغ أنه لم يعد يعرف أي نتانياهو يصدق، «ذلك الذي يلقي خطاباً حول تسوية سياسية، أم ذلك الذي اهتم في السنوات الخمس الأخيرة بعدم القيام بشيء لدفع مبادرة سياسية». وأضاف: «شبعنا خطابات تبقى حبراً على الورق». وقالت النائب شيلي يحيموفتش إن الخطاب لم يحمل أية بشرى «بل جاء متشائماً ومشبعاً بالكليشيهات من دون خطة حقيقية، حتى أنه لم يحاول رسم مستقبل يحمل أملاً بالتوصل إلى تسوية للصراع بل تذرع بأمور ليتفادى التفاوض المباشر مع السلطة الفلسطينية». وأضافت أن لا مفر أمام نتانياهو سوى التحدث إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «على رغم خطابه القاسي والفظيع» في الأممالمتحدة، «لأنه الشريك الوحيد المتاح في العالم الفلسطيني الذي تستطيع إسرائيل التحدث معه». واتهمت زعيمة حركة «ميرتس» اليسارية زهافه غالؤون رئيس الحكومة ب «بيع أوهام من دون القيام بأي عمل». وأضافت: «مرة أخرى جاءنا نتانياهو بخطاب ممجوج من التهديدات والتخويف ويشكل ختماً رسمياً لفشله في إخراج إسرائيل من دائرة الدماء والعنف». وقال رئيس كتلة «العمل» في الكنيست النائب ايتان كابل: «نعرف أن نتانياهو مؤلف بارع لخطابات بلاغية، لكن إسرائيل ليست بحاجة إلى واضع نصوص إنما إلى زعيم». وأضاف: «لم نسمع شيئاً حقيقياً إنما فقط خطاباً مليئاً بالفصاحة والبلاغة اللغوية لكن ذو فحوى مخيب للآمال». إلى ذلك، شبّه كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات نتانياهو بزعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو عمر البغدادي رداً على تشبيه نتانياهو حركة «حماس» بالتنظيم لتبرير الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وقال عريقات إن «نتانياهو أصرّ على تحويل الصراع في المنطقة من صراع سياسي إلى صراع ديني». وأضاف أن «نتانياهو حاول تصدير الخوف من «الدولة الإسلامية» التي يقودها البغدادي، لكنه تناسى أنه هو من يقود الدولة اليهودية». وأوضح كذلك أن «نتانياهو يصرّ على تسمية دولة إسرائيل دولة يهودية، ويؤيد ويدعم مجموعات المستوطنين الإرهابيين الذين يقتلون ويدمرون ويحرقون المساجد والكنائس، وهم من أحرق الفتى محمد أبو خضير، في القدس في تموز (يوليو)، مثلما تقوم مجموعات البغدادي بالقتل والإرهاب». وتابع أن «المستوطنين ترجموا خطاب نتانياهو بدعمهم في إرهابهم باحتلال منازل اليوم في بلدة سلوان في القدسالشرقيةالمحتلة». واعتبر عريقات أن «نتانياهو أغلق بخطابه كل الأبواب أمام حل الدولتين على حدود عام 1967، ويرفض أي حل سياسي جدي بل ويدعم إرهاب المستوطنين كما هو البغدادي». كما اتهمت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي مساء الاثنين نتانياهو ب»التلاعب بالوقائع». واعتبرت أن نتانياهو «حاول عبر خطابه أن يخدع الجمهور عبر توسل لغة الكراهية والافتراء والأعذار». ورأت عشراوي أن نتانياهو «فقد الإحساس بالواقع حين رفض الاعتراف بالاحتلال ومجازره وجرائم الحرب التي ارتكبها»، في وقت بدأ الفلسطينيون حملة ديبلوماسية في الأممالمتحدة لإصدار قرار دولي يضع حداً للاحتلال الإسرائيلي وينص على قيام دولة فلسطين ضمن حدود 1967. وقال نتانياهو من على منبر الأممالمتحدة مساء الاثنين إن «المعركة ضد الإسلام المتطرف واحدة (...) لهذا السبب فان معركة إسرائيل ضد حماس ليست فقط معركتنا. إنها معركتكم». بدوره، رد المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري على خطاب نتانياهو معتبراً أن «تصريحاته بأن حماس وداعش (الدولة الإسلامية) هما وجهان لعملة واحدة هي محاولة لخلط الأمور»، مؤكداً أن «حماس هي حركة تحرر وطني فلسطيني» في حين أن «الاحتلال الإسرائيلي هو مصدر الشر والإرهاب في العالم وإرهاب (إسرائيل) هو عملة بوجه واحد فقط». وأضاف أبو زهري أن «مزاعم نتانياهو بأن حماس استخدمت المدنيين دروعاً بشرية هي ادعاءات كاذبة وإلا كيف يبرر قتل أطفال عائلة بكر على شاطئ البحر وهم يلعبون، وكيف يبرر قتل أكثر من 500 طفل فلسطيني خلال العدوان الإسرائيلي. والحركة تنفي صحة الصورة التي أبرزها نتانياهو وهي صورة ملفقة ومدبلجة». وأكد أن «جرائم نتانياهو في غزة لا يمكن القفز عنها بخطاب فارغ المضمون. وما يجزم بكذب نتانياهو هو رفضه استقبال لجنة تحقيق دولية بجرائمه في غزة». واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعة إسرائيل بارتكاب «جريمة إبادة» في قطاع غزة، مؤكداً من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة أن المفاوضات فشلت وحان الوقت لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي و»لاستقلال دولة فلسطين»، ما أثار استياء واشنطن.