استمرت المعارك بين الناشطين المعارضين للحكومة السورية وقوات النظام على مسارها اليومي، من دون أن يتمكن أي طرف من تحقيق مكاسب ملموسة، وسط استمرار الجهود الديبلوماسية لإقناع الطرفين بالجلوس إلى طاولة حوار من دون شروط مسبقة كما ينادي عدد من الوسطاء. وقال نشطاء أمس، إن صاروخاً سقط على مركز قيادة وحدة رئيسية لمقاتلي المعارضة قرب دمشق فجر أمس، ما أسفر عن إصابة القائد الكبير مؤسس «لواء الاسلام» الشيخ زهران علوش. كما قُتل لاعب كرة قدم عندما ضربت قذيفة هاون استاداً رياضياً في وسط العاصمة. ويوجِّه الهجوم على لواء الإسلام، الذي يقود حملة منذ ثلاثة أسابيع منحت مقاتلي المعارضة موطئ قدم داخل دمشق، ضربةً لجهود إضعاف سيطرة الرئيس بشار الأسد على العاصمة. وذكر متحدث باسم مقاتلي المعارضة، أن علوش أصيب في الهجوم لكنه لم يذكر تفاصيل أو ما إذا كانت الإصابة مميتة. وقال المتحدث اسلام علوش، ابن عم الشيخ زهران علوش، إنه «لا يمكن الكشف عن حالة الشيخ». لكن نشطاء قالوا إن الهجوم وقع في الساعات الأولى من الصباح قرب منطقة دوما شمال دمشق، وإن الصاروخ الذي يُحتمل أن يكون باليستياً من طراز «سكود»، دمر المنطقة وقتل أو أصاب مقاتلين آخرين. وقال قائد لمقاتلي المعارضة في صفوف «لواء الإسلام» في دمشق: «ستكون خسارة كبيرة إذا قُتل الشيخ علوش. «لواء الاسلام» الأقوى على الأرض، والشيخ علوش هو العقل وراء قوته». وذكر نشطاء ووسائل إعلام حكومية في وقت لاحق، أن قذيفة هاون ضربت استاد تشرين وسط دمشق، ما أسفر عن مقتل اللاعب يوسف سليمان من «نادي الوثبة» لكرة القدم ومقره في حمص. وعرض التلفزيون السوري لقطات لمكان يبدو أن لاعبي الفريق يستخدمونه في النوم، وظهرت في اللقطات جدران عليها بقع دماء إلى جانب زجاج مهشم على الأسرة. وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن «سقوط قذيفتي هاون في حديقة ملعب مدينة تشرين الرياضية في منطقة البرامكة أطلقها إرهابيون، ما أسفر عن استشهاد أحد لاعبي فريق الوثبة وإصابة عدد من اللاعبين أثناء التدريب». وقال مسؤول رياضي ل «فرانس برس»، إن مهاجم فريق الوثبة لكرة القدم الحمصي يوسف سليمان توفي، وأصيب اربعة لاعبين آخرين من فريق النواعير بجروح، إثر سقوط قذيفة على فندق «تشرين» الموجود داخل المجمع الرياضي، بينما كان اللاعبون لا يزالون في غرفهم. وتم إلغاء مبارة بين فريقي النواعير والوثبة كانت مقررة بعد الظهر ضمن إطار مباريات الدوري السوري التي تأجلت إلى وقت لاحق. وبين اللاعبين المصابين إبراهيم المصري، الذي يخضع لعملية جراحية بعد إصابته بكليته. ويعتبر سليمان (23عاماً) من أبرز لاعبي الفريق، حيث سجل هدفين في المراحل السابقة، أحدهما في مرمى فريق الشرطة والآخر في مرمى الجزيرة. وسليمان متأهل وله طفلة عمرها أربعة شهور. وقتل تسعة أشخاص أمس الأربعاء في غارة جوية لطائرة حربية على بلدة حمورية في ريف دمشق، فيما سقطت في المنطقة ذاتها بعد وقت قصير على الغارة، طائرةٌ حربية بنيران مقاتلين معارضين، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»، إن «تسعة أشخاص قتلوا وأصيب عشرات آخرون بجروح» في غارة بعد الظهر على بلدة حمورية في الغوطة الشرقية. وأشار إلى أنه لا يعرف بعد ما إذا كان القتلى من المقاتلين أو من المدنيين. وبعد اقل من ساعة على الغارة، أسقط مقاتلون معارضون للنظام طائرة حربية كانت تقصف مناطق في الغوطة الشرقية بنيران أسلحة رشاشة ثقيلة. وبث ناشطون على موقع «يوتيوب» على شبكة الإنترنت شريط فيديو تظهر فيه طائرة في سماء مدينة حورية، وفق ما يقول التعليق، وهي تطلق ثلاث قنابل على الأقل، قبل أن تسمع أصوات رشاشات، ثم يصرخ أحدهم «اشتعلت»، وتشاهد الطائرة وقد اندلعت فيها النيران من الخلف وهي تهوي إلى الأمام نحو الأرض بسرعة هائلة. وتزامنت الغارات مع معارك ضارية في مناطق الغوطة الشرقية، وفق المرصد، وعمليات قصف واسعة تستخدم فيها راجمات الصواريخ. في حلب، أفاد المرصد عن غارات جوية على عدد من أحياء المدينة. كما تدور اشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية في محيط مطاري النيرب وكويرس العسكريين شرق مدينة حلب، في إطار «حرب المطارات» التي أعلنتها المجموعات المقاتلة منذ أكثر من أسبوع في محافظة حلب. في حلب، أفاد المرصد عن غارات جوية على عدد من أحياء المدينة، كما تدور اشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية في محيط مطاري النيرب وكويرس العسكريين شرق مدينة حلب، في اطار «حرب المطارات» التي أعلنتها المجموعات المقاتلة منذ أكثر من أسبوع في محافظة حلب. في جانب آخر توقفت المعارك بين المقاتلين العرب المعارضين للنظام وبين المقاتلين الأكراد في مدينة رأس العين شمال سورية بعد ثلاثة شهور من التوتر، بعد التوصل إلى اتفاق بين الطرفين بوساطة المعارض المسيحي ميشال كيلو. واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين بعد دخول مقاتلين إسلاميين مدينة رأس العين ذات الغالبية الكردية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وسيطروا على معبر استراتيجي على الحدود التركية. واستمرت المعارك تعنف حيناً وتتراجع أحياناً حتى أسبوع مضى. والمدينة التي تسكنها غالبية من الأكراد كانت موطناً لحوالى 55 ألف شخص من إتنيات وإديان مختلفة من بينهم عرب سنة ومسيحيون وأرمن. ويقول ناشطون إن نسبة 65 في المئة من سكان المدينة فروا بسبب القتال، ومن بقي في المدينة يعانون نقصاً في الطعام والمواد الأساسية. وبدأت المفاوضات بوساطة المعارض السوري المستقل ميشال كيلو بين الطرفين المتحاربين قبل 15 يوماً، وانتهت باتفاق اعلن عنه الأحد بين المجلس العسكري في المنطقة التابع للجيش السوري الحر وبين لجان الحماية الشعبية الكردية. وقال كيلو ل «فرانس برس»، إن «الجيش السوري الحر وقّع اتفاقاً بالنيابة عن جميع الجماعات المسلحة باستثناء جبهة النصرة، التي لم تشارك في الجولة الأخيرة من القتال. لكن جبهة النصرة شاركت في المحادثات، وهي موافقة على مضمونها، وهي الضامنة لعدم انتهاك الاتفاق». وقال كيلو إن كتيبة «غرباء الشام»، ثاني اكبر مجموعة إسلامية مسلحة بعد «جبهة النصرة» في المنطقة، تؤيد الاتفاق أيضاً. ومن أبرز النقاط الواردة في الاتفاق «إعادة انتشار القوات العسكرية وإزالة المظاهر المسلحة من المدينة». وأكد كيلو أنه «لا يوجد حالياً سوى عدد قليل جداً من المقاتلين في رأس العين». واتفق المقاتلون الأكراد والمسلحون المعارضون على توحيد جهود قواتهما ضد القوات السورية النظامية. ومثل الجيش الحر في المفاوضات العقيد حسن العبدالله وفهد الجاعد من «جبهة النصرة»، بينما مثل الأكراد جوان إبراهيم من لجان الحماية الشعبية، ومحمد صالح عطية من المجلس الوطني الكردي، إضافة إلى ممثلين عن الهيئة الكردية العليا. وشارك الأكراد بحذر في الحركة الاحتجاجية ضد الأسد، لكنهم حملوا السلاح لطرد المعارضين المسلحين من مناطقهم، خشية أن يجلب ذلك عليهم أعمال عنف كمعظم أنحاء البلاد. وقال كيلو إن اتفاق الأحد يعد خطوة مهمة رغم أنه أقر بأن «أي اتفاق يمكن أن يتعرض لخروقات». وقال ناشط كردي من رأس العين قدم نفسه باسم هافيدار، إن الأحزاب الكردية تأمل في أن يضمن «الائتلاف الوطني السوري» المعارض التزام المقاتلين الاتفاق لتبديد مخاوف السكان. غير أن منشقاً كردياً بارزاً يدعى مسعود عكو، شكك في صمود الاتفاق. وقال إن «غرباء الشام يعتقدون أن جميع الأكراد موالون للنظام وليسوا إسلاميين بالشكل الذي يرضيهم». وأضاف بعد مشاركته في المحادثات التي أدت إلى الاتفاق: «يمكن أياً من الجانبين أن ينتهك الاتفاق في أي وقت». وتابع: «المجلس العسكري للجيش السوري الحر ليس قوياً في المنطقة، وقيادته أطلقت تصريحات متضاربة في الماضي، وفي رأيي أن هذا الاتفاق فارغ».