وسط تحذيرات من قرب انطلاق «ثورة جياع» في مصر في ظل الوضع الاقتصادي المتردي والمرشح لمزيد من التدهور في ظل الأزمة السياسية المستعرة، يتظاهر غداً سكان مناطق عشوائية عدة معروفة بفقرها المدقع في القاهرة احتجاجاً على خطط الحكومة لخفض دعم السلع الأساسية، خصوصاً الخبز، فيما امتد العصيان المدني من مدينة بورسعيد إلى مدينتي الإسماعيليةوالسويس. ودعا ناشطون إلى تظاهرات في ميدان التحرير تحت شعار «محاكمة النظام»، وسط تحركات لقوى شبابية لتنفيذ عصيان مدني في الإسكندرية وكفر الشيخ والغربية، لكنه لم يلق صدى واسعاً في هذه المحافظات مقارنة بمدن القناة. واستمر إغلاق المؤسسات الحكومية في بورسعيد وتوقفت الدراسة لليوم الرابع على التوالي وأغلقت غالبية المصانع في المنطقة الاستثمارية أبوابها، فيما توقف العمل نسبيا في ميناء شرق بورسعيد بعدما قطع الأهالي الطريق المؤدية إليه، ولم تفلح قوات الجيش في إقناع المحتجين بفتح الطريق. وحذر رئيس هيئة ميناء بورسعيد اللواء أحمد شرف من توقف العمل تماماً في الميناء في حال استمر الأهالي في قطع الطرق المؤدية إليه، لافتاً إلى أن هذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى «هروب الخطوط الملاحية إلى ميناء أشدود الإسرائيلي». وانضم عمال في شركة قناة السويس للحاويات إلى العصيان المدني وشاركوا الأهالي في قطع الطريق إلى الموانئ، ما سبب توقف العمل نسبياً فيها. وهددت قوى ثورية بتصعيد تحركها بدءاً من غد. ونظم ناشطون وقفة احتجاجية أمام مقر ديوان محافظة الإسماعيلية للمطالبة بإعلان العصيان المدني والتضامن مع بورسعيد حتى تتم الاستجابة لمطالب المعارضة خصوصاً إقالة الحكومة وتوفير ضمانات سياسية لنزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة. وتجمهر مئات أمام مبنى مجلس مدينة الإسماعيلية، رافعين لافتات تدعو إلى إسقاط الرئيس محمد مرسي وحكومته. وأعلنت قوى عدة تنظيم مسيرات ليلية لدعوة المواطنين إلى الانضمام للعصيان المدني، وهو التحرك نفسه الذي حدث في محافظة السويس، إذ أغلق متظاهرون مقار حكومية ودعوا موظفيها إلى الانضمام إلى العصيان المدني. وعرض مجلس الوزراء في جلسته العامة أمس تداعيات العصيان المدني في بورسعيد والأوضاع الأمنية في المحافظة. وناشد المجلس الأهالي «إعادة الحياة إلى طبيعتها والعودة إلى العمل من أجل تنمية المدينة». وفي مؤشر لنذر «ثورة جياع» طالما حذر منها مراقبون وخبراء اقتصاديون، ينظم أهالي مناطق الخصوص وعزبة النخل والمرج ومؤسسة الزكاة مسيرات في القاهرة غداً تحت شعار: «يا واكل قوتي يا ناوي على موتي»، احتجاجاً على خطط الحكومة خفض الدعم على سلع أساسية وتحديد حصة لكل مواطن من الخبز المدعم. وكان ناشطون اجتمعوا مع أهالي هذه المناطق التي ينتشر فيها الفقر على نطاق واسع لتوعيتهم بخطر الخطط الحكومية. وقال بيان ل «التحالف المصري للأقليات» إنه تم اختيار هذه الأحياء كعينة للمناطق الفقيرة في القاهرة. وينذر هذا التحرك في حال نجاحه باندلاع أعمال عنف واسعة في ظل تردي الوضع الاقتصادي وخفض قيمة العملة المحلية الذي أجبر مستوردي اللحوم على وقف الاستيراد، ما سبب ارتفاع أسعار اللحوم المنتجة محلياً، فضلاً عن خفض حجم احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي إلى حدود «خطرة»، ما يمهد لارتفاعات متتالية في قيمة الدولار ويسبب ارتفاع أسعار السلع ويدفع باتجاه زيادة الفقر، خصوصاً في ظل عدم وجود أي أفق لحل الأزمة السياسية وهو ما ينعكس سلبياً على النشاط الاقتصادي. من جهة أخرى، يُنظم ناشطون في أحزاب وحركات شبابية وثورية تظاهرات غداً تحت شعار «محاكمة النظام». وقالت 24 حركة وحزباً إن «جماعة الإخوان المسلمين لا تمتلك رؤية لمستقبل الوطن، ولم تحترم القانون، ما أفقد النظام السياسي شرعيته عندما تعدى على القانون». وطالبت هذه الحركات في مؤتمر صحافي استضافته نقابة الصحافيين بمحاكمة مرسى وجماعته «على ما اقترفوه من جرائم في حق الشعب المصري». وأكدت في بيان «ضرورة القصاص لقتلى الأحداث الأخيرة، ومحاكمة قيادات الإخوان لتحريضهم أنصارهم على قتل المتظاهرين السلميين أمام قصر الاتحادية الرئاسي، وخطف الناشطين وتعذيبهم». وبين الموقعين على البيان «الجبهة الحرة للتغيير السلمي»، «ثورة الغضب الثانية»، شباب حزب «الدستور»، «اتحاد شباب الثورة»، و «ألتراس برادعاوي». وستنظم هذه الحركات مسيرات إلى دار القضاء العالي وميدان التحرير. من جهة أخرى، انتهت نيابة مصر الجديدة من التحقيقات في أحداث العنف التي جرت في محيط قصر الاتحادية الرئاسي في 8 شباط (فبراير) الجاري، وشرعت النيابة في إعداد مذكرة بإحالة 19 متهماً على محكمة الجنايات، بعدما أسندت إليهم تهم «تخريب الممتلكات العامة والبلطجة والتجمهر وإحراز مفرقعات».