الدعوى القضائية التي رفعها أحد المحامين المصريين بهدف منع عرض المسلسلات التركية على الشاشات المصرية كونها «تسبب مشاكل داخل البيوت المصرية»، تجدد الحديث حول دور هذه الدراما الذي لم يأفل بعد. فخلال العام الماضي، نجحت الدراما التركية في تسويق 29 مسلسلاً وعرضها على الشاشات المصرية، وبعضها تنافست عليه أكثر من شاشة. والعدد مهدد لكل من الدراما المصرية والسورية، ليس لأنه ازداد عن الأعوام السابقة، ولكن لأن مؤشرات العام الجديد تبين أنه قد يرتفع إلى 40 مسلسلاً، وقد تغزو هذه الأعمال شاشات التلفزيون المصري في رمضان، وهو الشهر الذي اعتبر منذ سنوات غير قليلة بمثابة شهر الدراما التلفزيونية السنوي. وأصبح مقياساً للمستوى العام للدراما التلفزيونية العربية. هذا الموسم أصبح مهدداً الآن بفعل تراجع الإنتاج المصري والسوري، وهما البلدان العربيان الأكثر إنتاجاً للدراما، ولا سبيل هنا للحديث عن أسباب هذا التراجع فهي معروفة، نظراً إلى الأوضاع السياسية في مصر التي لم تستقر بعد إلى درجة أن عدد الأفلام المصرية الجديدة في موسم إجازة نصف العام الدراسي لا يزيد عن فيلمين فقط وهو أقل عدد في تاريخ السينما المصرية في وقت كهذا، أما الأوضاع في سورية فهي أكثر خطورة على رغم بعض الإنتاجات المستمرة داخلها، وحركة التنقلات للفنانين السوريين في أعمال عربية تصور في مصر ولبنان والخليج. والخلاصة أن الانخفاض الكبير في عدد الأعمال المصرية والسورية تواجهه ساعات إرسال تبحث عن مادة متوافرة في البديل التركي الجاهز والذي يباع للفضائيات العربية بأسعار منخفضة كما يذكر المنتج صفوت غطاس. وعلى رغم أن الأتراك رفعوا أسعارهم لكنها ما زالت أقل من أسعار المسلسلات المحلية، وهو ما يغري الكثير من القنوات العربية، من المحيط إلى الخليج، بشرائها بل ربما التنافس عليها بعد أن أصبح لها سوق للمشاهدة وسوق للإعلان وسوق اجتماعية تجعل لنجومها وجوداً ملحوظاً على الساحة العربية. من هنا، استعان بعض صُناع المسلسلات المصرية بنجوم أتراك في أعمالهم المقبلة، ومنهم سونغول أودن الممثلة التي اشتهرت باسم «نور». سونغول ستشارك في مسلسل مصري بعنوان «تحت الأرض» وسواها مقبل، ولكن يظل التساؤل: هل يمكن منع كل هذا بحكم قضائي؟ وهل منع شراء المسلسلات التركية سيحل أزمة الدراما المصرية والسورية؟ وهل منع عرض هذه الأعمال سيعيد السلام والوئام إلى البيوت المتوترة؟ وهل عدم وجود رجال بوسامة السيد «مهند» سيدفع النساء للإقبال على رجالهن الفاقدي الوسامة والعكس؟ ثم لماذا لا يبحث المحامون عن الأسباب الحقيقية التي تثير التوتر والغضب في البيوت العربية فيضطر أهلها للتنفيس عن أنفسهم بتأمل الملامح التركية الجميلة... والبيوت والشوارع وما الذي يبقى للمحروم من الجمال إذا منعت عنه حتى الصورة؟