واجهت الدورات الاقتصادية في العالم تغيرات جذرية في السنوات الماضية، وبدلاً من خضوعها لقرارات مهمة تُجمع عليها حكومات الدول الصناعية، فهي تنجر وراء رغبات الشركات المتعددة الجنسية والمؤسسات المالية الكبرى. وتسببت تلك الشركات في نحو 80 في المئة من موجات المضاربات في الأسواق المالية الدولية العام الماضي. وحالياً، تقود شركة «وول مارت»، التي تأسست عام 1962، شعار عظمة الشركات المتعددة الجنسية أمام الدول الغربية، فعدد موظفيها بلغ 2.2 مليون، أي سبعة أضعاف عدد سكان إيسلندا. واعتبر محللون سويسريون أن المعارك التي تخوضها اليوم الدول الصناعية وصناديقها الاستثمارية السيادية في وجه الشركات المتعددة الجنسية، ومن ضمنها الشركات النفطية، كانت متوقعة منذ عام 2007. بيد أن حدة هذه المعارك تشتد يومياً لمصلحة هذه الشركات التي تريد الهيمنة على العالم، لا بل إن الدول الصناعية تقود البنية التحتية للاقتصاد «القديم» غير المرغوب فيه، بينما تقود الشركات الاقتصاد «الجديد» الذي يحتضن عدداً تنافسياً من الموظفين. وأشار خبراء اقتصاد في جامعة برن إلى أن المعاشات التي يتقاضاها الموظفون التابعون للاقتصاد القديم تبقى الأفضل، إلا أن نوعية العمل أفضل لدى الشركات المتعددة الجنسية التي تعتبر المحرك الأساس للاقتصاد الجديد. ومن الشركات التابعة «آي بي ام» التكنولوجية التي تشغل حوالى 434 ألف موظف في العالم، متفوقة على شركات تابعة للاقتصاد القديم مثل مطعم «ماك دونالدز» الذي يوظف حوالى 420 ألفاً، و«غازبروم» الروسية التي لديها 400 ألف موظف. وتُعتبر شركة «هيوليت باكارد» من شركات الاقتصاد الجديد وتوظف 332 ألف شخص، أي أكثر من بعض شركات الاقتصاد القديم مثل «تويوتا» التي لديها 326 ألف موظف و«بيبسي» للمشروبات الغازية التي توظف 297 ألفاً. يُذكر أن شركة «بيبسي»، التي تعتبر رسملتها في البورصة أضعف من منافستها «كوكاكولا»، لديها ضعف عدد موظفيها. ويشمل الاقتصاد الجديد مؤسسات مالية تتألق بمكانة مرموقة لجهة القدرة المالية وعدد موظفيها. وأفاد مصرفيون سويسريون بأن مصرف «اتش اس بي سي» البريطاني لديه 267 ألف موظف، في حين ان لدى مصرف «بي ان بي باريبا» الفرنسي 200 ألف، و«يوني كريديت» الايطالي 157 ألفاً. ولافت أن مصرف «اينتيزا سان باولو» الايطالي لديه 97 ألف موظف، أي أكثر من مصرفي «يو بي اس» و«كريدي سويس» السويسريين، كما أن عدد موظفيه يمثل ثلاثة أضعاف عدد موظفي مصرف «غولدمان ساكس» الأميركي الذي يعتبر المصرف الأقوى والأكثر تأثيراً في القرارات الاقتصادية والمالية في العالم.