رسم محللو اسواق الاسهم ونشاطات المصارف، وبعد قراءة متأنية لبيان مجموعة العشرين في لندن الخميس الماضي، صورة قاتمة للمستقبل الاقتصادي المنظور في حين استمرت المصارف في التخلص من فائض موظفيها ومحاولة موازنة تقاريرها الدورية التي تنعكس عادة على اسعار اسهمها. وساهمت هذه التوقعات المتشائمة في خفض قيم اسهم المصارف والقطاع المالي على جانبي الاطلسي وفي دفع مؤشرات البورصات الى الادنى لليوم الثاني على التوالي منذ بداية الاسبوع. وتوقع مايك مايو الخبير السابق لاسهم المصارف في «دويتشيه بنك» ان تتجاوز نسبة خسائر القروض في الازمة الحالية نسبة الخسائر المسجلة في ركود 1934. وتوقع جدعون راخمان في تحليل لصحيفة «فايننشال تايمز» ان لا تستطيع القيادات التي شاركت في القمة «فرض الحلول النظرية» التي اقرتها. وقال مايو ان نسبة خسائر القروض في العام 1934 بلغت 3.4 في المئة في حين من المتوقع ان ترتفع النسبة على القروض في ازمة الائتمان من 2 في المئة من اصل الإقراض البالغ 7 تريليونات دولار حالياً الى 3.5 في المئة في نهاية العام 2010 اذا تم ضبط الخسائر وقد ترتفع النسبة الى 5.5 في المئة اذا ساءت الامور ولم ينجح القيّمون على ادارة الاقتصادات الدولية في تنسيق جهود مشتركة للتعامل مع «الاصول السامة». واعطى مايو تقويماً متدنياً لاداء كل من «بنك اوف اميركا» و «سيتي غروب» و «جي بي مورغن» ما انعكس على اسعار اسهمها في البورصات الاميركية. ولاحظ راخمان ان اوباما «هو الرجل الصحيح في الزمن الخطأ» واستطاع ان يوحد قادة المجموعة لاتخاذ قرارات صائبة، لكن «هذه القرارات لم تتطرق الى عمق المشكلة في المصارف وازمة السيولة في الاسواق المالية»، مشيراً الى انه «من غير المتوقع التزام الدول كافة بما اتخذ من قرارات كما هي العادة». ولاحظ ان قمة المجموعة التي عُقدت في واشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي قررت محاربة الحمائية «لكن مختلف الدول اتخذت قرارات حمائية فردية من دون اخذ قرارات قمة واشنطن في الاعتبار». ومع اعلان «رويال بنك اوف سكوتلند»، الذي انقذته الحكومة البريطانية وكفلت قروضه المصرفية حتى مبلغ 400 بليون جنيه استرليني، الاستغناء عن تسعة آلاف وظيفة، واقتراب بنك «اتش اس بي سي» من التخلي عن اربعة آلاف وظيفة، يتوقع ان يرتفع عدد «ضحايا» العاملين، من ذوي الكفاءة العالية، في القطاع المصرفي على مستوى العالم الى 350 الف خبير استثمار ومتداول ومتخصص بالقطع والمشتقات قبل ان تنتهي الازمة في آخر العام 2010، من نحو 125 الفاً خسروا وظائفهم حتى نهاية 2008. وتتوقع نقابات العاملين في المصارف ان يخسر «حي المال» في لندن نسبة تراوح بين 25 و35 في المئة من اصل قوة العمل فيه البالغة 350 الف شخص في افضل الظروف. وقد ترتفع النسبة الى 40 في المئة اذا امتدت الازمة بعد 2010. وأظهر استبيان تناول الجامعات الرئيسية في اوروبا والولايات المتحدة، عن اتجاهات التسجيل بين الطلاب الجدد ان اختيار دراسة الاقتصاد والصيرفة تراجع لصالح الهندسة الميكانيكية والزراعية والتكنولوجيا بعدما بدت الحاجة ماسة في هذا القطاع مقابل تراجع الطلب على الخريجين الجدد في القطاع المالي. وكانت نسب الرواتب في القطاع المالي الذي كان يعتبر اقصر الطرق الى تحقيق الثروات، تساوت مع رواتب القطاعات الهندسية والابتكار والتقنية حتى الثمانينات، لكنها ارتفعت بنسب عالية جداً مع بدء العولمة وتأسيس المصارف عابرة القارات والشركات المالية المتعددة الجنسية. وعكست الاسواق في اوروبا والولايات المتحدة سلباً المخاوف من ارتفاع حجم خسائر المصارف وتراجعت مؤشراتها بين نصف و1.5 في المئة. واظهرت احصاءات بريطانية تراجع الانتاج الصناعي الى ادنى مستوى منذ 40 عاماً، في وقت خسر «بنك انكلترا» (المركزي) «سلاح الفائدة» الذي كان يتحكم بواسطته في حفز الاقتصاد. في الوقت نفسه تراجع سعر صرف اليورو مقابل الدولار والاسترليني واغلق التداول في سوق لندن بانخفاض اليورو الى 1.32 دولار وسجل الاسترليني 1.1132 يورو.