على رغم الخبرة التي اكتسبتها أم عبدالله، من مراجعاتها المستمرة إلى الجمعيات الخيرية، طوال أعوام مضت، إلا أنها تستهل حديثها بتذكر مواقف «شائكة» في مراجعة تلك الجمعيات، ما زالت راسخة في ذهنها. وتقول أم عبدالله، وهي أرملة، تعول أربعة أبناء، وتنتظر نهاية كل شهر المساعدة المخصصة لها من الشؤون الاجتماعية: «مشكلة الجمعيات الخيرية، هي عدم المعرفة الكاملة بحاجتنا، وانتظارنا طوال الشهر لمخصصاتنا، بل ربما لا نجد الموظفة المسؤولة عند مراجعتنا، أو اصطدامنا بإجراءات طويلة». وتضيف: «على رغم عثرات الزمان ومرارة الأيام، إلا أنني مُصرة على المجابهة، واخذ ما ليّ من حقوق، وتقديم واجبي إلى أبنائي». وترى أن المشكلة «تبرز تحديداً في المواسم، عندما أنتظر تسلم المعونات، فأقف مع النساء في طوابير، كل واحدة تحمل معها قصة مؤلمة، بعضها أشد إيلاماً من قصتي». وتتابع: «من أين نبدأ؟ فالجمعيات لها دور خيري، وتقدم خدمات اجتماعية، إلا أنها ما زالت تحرص على إنجاز إجراءات معقدة، وكأنها لا تعلم ما نواجهه من أزمات في المحاكم والإدارات الحكومية». وإذا كانت أم عبدالله من فئة الأرامل، فإن هناك فئات أخرى من المستفيدين من الجمعيات الخيرية، مثل المطلقات والمعلقات وأسر المعوقين، إلا أن ثمة قاسماً مشتركاً من الهموم، على رغم اختلاف فئاتهم، فالطريق أمامهم «مُتعثر» بحسب تعبير بعضهم. فالمشكلة التي تتجدد سنوياً، لعائلة نورة إبراهيم، هي «عدم الالتزام في سداد إيجار المنزل من الجمعية، وهذا ما يوقعني في حرج مع مالك الشقة، الذي يتردد دوماً علينا لأخذ الإيجار». وأكدت بالقول: «لم تقتصر الأمور على ذلك، فصدرت أخيراً، قرارات من مؤسسة رعاية الأيتام تنص على تقليص حجم الإعانات المالية، وقصرها على العينية فقط، ناهيك عن الصعوبات التي نواجهها في الدوائر الحكومية، لعدم موافقة الجمعيات على إصدار أوراق تثبت أننا نتبع لهم». مطالبة ب «إصدار لائحة تنص على تسهيل مهمات من يتبع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، خصوصاً فئة المعوقين». وللأسر المنتجة التي تدعمها الجمعيات مهنياً، حكايات أخرى مختلفة، فهم يواجهون مشكلة في تنظيم المعارض، وتصريف منتجاتهم، ما يؤدي إلى تكبدهم خسائر في أحايين كثيرة، وتشير أم إبراهيم، إلى أن «إنتاجي يتكدس أحياناً، وننتظر الجمعيات إلى حين إقامة معارض، وقد تعتذر أحياناً عن إقامتها، ما يجبرنا على بيعها بأسعار زهيدة». وربما كانت المعلقات أكثر المتضررات، إذ إن الجمعيات تشترط حصولهن على صك الطلاق لصرف إعانات نقدية وعينية لهن. وتقول إحدى المعلقات: «قامت مشرفات من إحدى الجمعيات، بزيارة المكان الذي أعيش فيه وأطفالي، وتأكدوا من عدم صلاحية الأثاث والمكان، وعدم توافر الظروف الآمنة فيه، وما زلت أنتظر رد الجمعية الذي يستغرق وقتاً، نتيجة الروتين الممل والإجراءات». وقد تختلف طبيعة مشكلة فاطمة عوض الله، عمن سبقنها، إلا أن المعاناة هي ذاتها في ملاحقة صرف الإعانات، والتردد على الإدارات الحكومية في شكل مستمر، موضحة «مشكلات عدة ما زالت متعثرة في ملفات المستفيدين من الجمعيات، أبرزها مراكز المعوقين التي ما زالت تستقبل فئة عمرية معينة، إضافة إلى تدني مستوى خدماتها». وتنتقل فاطمة إلى الحديث عن مشكلات أخرى، مثل «تسلم الإعانات، وعدم الإيفاء بالحاجات كافة، وعدم حصولنا على تسهيلات، فالمفترض أن تذلل الشؤون الاجتماعية الصعوبات كافة مع الجهات الحكومية، لتسهيل أجراءتنا وتعاملاتنا»، معتبرة أن الوضع «لا يحتمل أحياناً، لأن الأسر المستفيدة بطبيعتها تعاني من أزمة نفسية حيال ظروفها، فكيف ستكون الحال إذا تكالبت عليها الظروف المادة والنفسية، وافتقاد أبرز مقومات الحياة؟». قصص وحكايات ترويها أسر مستفيدة، من الجمعيات الخيرية، لمجرد البوح، وكأنهم يؤمنون بأن «الشكوى لن تفيد شيئاً، ما لم تكن هناك رقابة ذاتية من الجمعية أو الجهات المشرفة عليها»، هذه هي حال لسان رب أسرة فقيرة، لم يجد مسكناً يستقر فيه وأبناؤه. ويضيف: «مشكلات الجمعيات الخيرية، تحتاج إلى متابعة من المعنيين، للحصول على خدمات أفضل، والارتقاء في خدماتها الإنسانية، خصوصاً أن الطرف المستفيد غالباً ما يكون من الضعفاء».