في الوقت الذي يشهد فيه الجار الجنوبي للسعودية اليمن أوضاعاً أمنية مرتبكة إثر التغييرات الجارية في نظام الحكم، ووجود عناصر «تنظيم القاعدة»، تشهد المناطق المحاذية للشريط الحدودي في المملكة استقراراً أمنياً، بحسب تأكيدات قطاعات أمنية تحدثت ل«الحياة». وباستثناء عمليات تهريب المخدرات والأسلحة والبشر في أحيان كثيرة، لم تشهد الحدود السعودية – اليمنية أي اضطرابات، وسط دعم الفرق الأمنية المنتمية لحرس الحدود السعودي بأفراد وآليات ومعدات، تزامناً مع موسم الحج. وكشف إحصاء حديث صادر عن فرع إدارة المجاهدين في منطقة جازان للعام الحالي عن ضبط 37692 متسللاً من جنسيات مختلفة و2328 مهرباً. وأوضح الإحصاء أنه تم ضبط 116.191 قطعة ذخيرة حية متنوعة، و1626 قطعة سلاح متنوعة، و2075 مخزن أسلحة متنوعة، و8 قنابل يدوية، وقارورتين معبأتين بالبارود، و4084 كرتوناً من الألعاب النارية، بجانب 8245 كرتوناً صغيراً من الألعاب النارية. وبين الإحصاء أن دوريات المجاهدين صادرت 606.027 حزمة قات، تزن 138 طناً و557 كيلوغراماً بجانب طني حشيش و525 كيلو و376 غراماً، إضافة إلى مصادرة 1412 حبة كبتاغون و3460 جركلاً متنوعاً من المسكرات تزن 93 طناً و616 لتراً، فضلاً عن إلقاء القبض على 3240 سيارة تم استخدامها لأغراض التهريب و213 دراجة نارية ومبلغ 84318 ريالاً. كما سجلت 572 قضايا اشتباه وتزوير و6094 رأس أغنام وأبقار. وأعاد التحول السياسي في اليمن بوصول «الحوثيين» إلى صنعاء أخيراً وتوليهم زمام الأمور داخل العاصمة اليمنية إلى سكان القرى الواقعة على الشريط الحدودي في منطقة جازان، ذكريات معركة 2009 التي عرفت بمعركة «الخوبة» التي واجهت فيها القوات المسلحة السعودية عصبة تابعة للحوثيين اقتحموا أراضي المملكة، وسيطروا على بعض القرى قبل تحريرها. ووصف محافظ محافظة الدائر بني مالك الواقعة على الشريط الحدودي الفاصل بين المملكة واليمن محمد بن هادي الشمراني، الأوضاع على الحدود السعودية اليمنية ب«الآمنة والمطمئنة»، مؤكداً عدم تسجيل أي حال أمنية سوى بعض عمليات التهريب والتسلل، التي تم التصدي لها من رجال الأمن المرابطين على الحدود. وأوضح الشمراني في حديث ل«الحياة»، أنه تم دعم الحدود السعودية - اليمنية بأفراد وآليات بالتزامن مع قرب موسم الحج، وبذلك بهدف التصدي لأي عملية تسلل أو تهريب، وحفظ أمن الحدود. مشيراً إلى دور «مثمر» يقوم به رجال القبائل في التعاون مع رجال الأمن في القبض على المخالفين. ولا يقتصر التنسيق بين رجال الأمن والقبائل على الجانب السعودي فقط، إذ إن شيخ شمل آل زيدان يحيى بن محمد الزيداني أكد ل«الحياة» وجود تنسيق مثمر آخر مع القبائل في اليمن تحكمه «معاهدات بيننا ووثائق» وقال: «هناك تعاون كبير مع رجال الأمن لإحباط أي محاولة تسلل أو تهريب على الحدود السعودية - اليمنية، إلا أنني أعيد وأكرر أن الوضع آمن جداً وليس هناك ما يدعو للقلق، وبفضل الله لا توجد أي تحركات على الحدود». وفي السياق ذاته، اعتبر أستاذ الاتصال في جامعة صنعاء الدكتور محمد الكافي التطورات الأخيرة في اليمن «أمراً متوقعاً»، لاسيما مع فشل أداء حكومة الوفاق، إذ أثبتت حزب الإصلاح والإخوان المسلمين في اليمن فشله في إدارة الحكم خلال السنوات الثلاث الماضية، التي تراجعت فيها المكافآت والوظائف أمام آلاف الخريجين من الجامعات، فضلاً عن تردي الخدمات في عهد هذه الحكومة المشلولة، بحسب الكافي، الذي أشار إلى أن حكومة التحاصص والمقاسمة لم تنجز شيئاً من أهداف الثورة، فلا ماء ولا كهرباء ولا أمن في الشوارع، ولهذا «كان باستطاعة أي محلل أن يتنبأ بأن هناك تغييراً مقبلاً». واستبعد الكافي أن يكون هناك أي اقتتال أو اضطراب على الحدود السعودية مع اليمن بوجود الحوثيين، «فهناك اتفاق بين اليمن والسعودية تم التوقيع عليه من البرلمان اليمني، ونحن الآن نحلم باتحاد الخليج العربي وهو المشروع الذي قدمه الملك عبدالله، فالحدود لم تكن العائق في العلاقات بين الشعوب والقرار في المملكة واليمن لن يكون بيد فصيل، لأن المصالح أكبر بين الشعبين». وتمنى الكافي أن ينال اليمن حقه من الأمن والاستقرار والرخاء كبقية دول الخليج، وأضاف: «اليمن هو البوابة الجنوبية للخليج وهو القوة البشرية والزراعية والمخزون الاستراتيجي لدول الخليج، ولا يمكن أن يتركه الخليجيون بهذا الشكل، لأنه جزء منهم ولأن مصلحتنا واحدة». بدوره، اعتبر المحلل السياسي الدكتور عبدالله الشمري ما يجري في اليمن «تحولاً خطراً ومُحيراً، فيما يفسر البعض رد الفعل عليه من دول الخليج بأنه «نأي عن النفس»، محذراً من أن الغفلة عن اليمن قد تؤدي مع مرور الوقت إلى بناء عمق عسكري وسياسي لإيران جنوب السعودية على غرار عمقها العسكري والسياسي في لبنان.