حوار مع سائق عربة «كارو» في أحد الأحياء الشعبية، خلال الحوار يمعن السائق الصغير في المراوغة والإجابة على تساؤلات المحاور باقتضاب وتوجس يحمل شيئاً من ثقافة تلك الأحياء العشوائية المحيطة بأطراف القاهرة، والتي امتدت رقعتها خلال العقود الثلاثة الماضية. ينتقل الحوار مع سائق العربة الصغير إلى حوار آخر مع عامل أحد مزلقانات القطار. صوت العربات الثقيلة للقطار على القضبان في الخلفية يحمل شيئاً من الرهبة والتحذير من الكارثة. فالحوار مع عامل المزلقان الحانق على أوضاع العمل سبق أحد الحوادث الأليمة التي شهدها المزلقان ذاته بأيام. الحوار مع عامل المزلقان وسائق الكارو الصغير نموذج للمواد التي تم بثها أخيراً من خلال مشروع «راديو لوا» بالقاهرة والذي بث مادته الإذاعية من خلال «الإنترنت» قبل نحو شهر. وهو مشروع فني لراديو محلى انطلق من استوديو صغير للبث الإذاعي في «غاليري أرت اللوا للفنون المعاصرة». قدم الراديو لمستمعيه مواد صوتية متنوعة تضمنت موسيقى تجريبية لفرق فنية من سكان الحي ومواد أخرى شملت لقاءات مع مواطنين وكتاب وشعراء وصحافيين. تضمن مشروع الراديو ورشتين لإنتاج الأعمال الصوتية لفنانين مصريين وأهالي منطقة «أرض اللواء»، قادها الفنانان السويسريان يورغ كوبل وميريام بورغين. وشملت ورشة العمل الأولى تقديم مبادئ تقنية الراديو والمفاهيم التجريبية في الصوت للمشاركين من أهالي المنطقة الشعبية من الأعمار كافة، بهدف إنتاج برامج مثل التحقيقات والمقابلات والمقاطع الصوتية التي ستتم إذاعتها في «راديو لوا» خلال ساعات البث. وطور المشاركون في الورشة الثانية مفاهيم حول برامج الراديو التجريبية، إذ تم تقديم مجموعة من الأعمال الإذاعية المثيرة للاهتمام لمناقشتها بين المشاركين والتحدث حول أبحاث البيئة الصوتية والإطلاع على التأليف الصوتي على الكومبيوتر. وكان على كل مشارك في الورشة أن يطور 6 برامج من أجل إذاعتها على «راديو لوا». قُدم هذا المشروع بدعم من المؤسسة الثقافية السويسرية «بروهلفتسيا»، والمعهد الدنماركي المصري للحوار، والمركز الدولي لدعم الإعلام، وهو مشروع فني بالأساس يستخدم وسيط الراديو لمراقبة الأشكال المختلفة من التواصل بطريقة موسيقية ومرحة، إذ قام فنانون وموسيقيون وأهالي «أرض اللواء» ونطاق متنوع من الضيوف من مختلف الانتماءات الاجتماعية والسياقات بالمشاركة في صناعة المواد وإذاعتها. كما يسعى «راديو لوا» إلى نوع من البناء الصوتي الاجتماعي الذي يتفاعل مع البيئة المباشرة ويوفر طرق جديدة للاستماع للسيمفونية اليومية الخاصة في مدينة القاهرة. فكرة المشروع التي قدمها الفنانان السويسريان أثناء إقامتهما الفنية في القاهرة كانت محددة بفترة زمنية لا تتعدى الثلاثة أسابيع، غير أن النية صارت مؤكدة، كما يقول الفنان حمدي رضا مدير قاعة «آرت اللوا» على مواصلة العمل بالفريق نفسه، ليستمر «راديو لوا» في بث برامجه من خلال الغاليري على مدار العام. يورغ كوبل، درس الفنون في جامعة زيوريخ للفنون ثم تابع أبحاثه في مجال التحليل الصوتي الإلكتروني للموسيقى في الأستوديو الإلكتروني في بازل، بالإضافة إلى معارض عدة وعروض أخرى، إذ قدم عروضاً صوتية عدة وأعمالاً تركيبية في سويسرا وفي الخارج. قدم المشروع البحثي «ناو1» والذي تناول الإدراك السمعي للوقت، كما قام بالتأليف الموسيقي لعازفين ومسرحيات إذاعية، وأسس مجموعة «ميتانويا» في عام 2011. الفنانة ميريام بورغين، لها أعمال واسعة المجال، من الأعمال التركيبية إلى السينوغرافيا والعروض الأدائية، بما في ذلك الفيديو والسمعي. تتناول مشاريعها ومشاركاتها مفاهيم الهوية والتشابك الثقافي باستخدام وسائط مختلفة، وتبحث في أعمالها الإذاعية في الثقافة الشفهية والحكي في غرب أفريقيا، وتستمر في مشروعها الحالي في البحث في الأشكال المختلفة للسرد والوعي المكاني، بالإضافة إلى عملها في التدريس في مدارس فنية عدة في سويسرا.