قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم إن إصلاح العالم العربي يجب أن ينطلق من إصلاح الأوضاع الداخلية لكل من دوله داعياً إلى تعديل آلية عمل جامعة الدول العربية لتكون قراراتها بالغالبية لا بالإجماع. واقترح خلال كلمة ألقاها في مؤتمر «الوطن العربي والعالم» في الكويت أمس تأسيس «منظمة الدول المطلة على الخليج للتعاون» وتضم إيران لأنه «لا بديل للطرفين عن التعايش». وبدأ هذا المؤتمر، الذي انعقد بدعوة من «مجلس العلاقات العربية والدولية»، أعماله التي تستمر يومين بحضور مسؤولين ومفكرين خليجيين وعرب وأجانب. ويناقش المشاركون حاضر ومستقبل علاقات العرب بالعالم في محورين رئيسيين هما «العرب و الغرب»، و»العرب ودول الجوار». وافتتح رئيس المجلس محمد الصقر المؤتمر بكلمة رأى فيها أن العرب «أمة مقهورة... قهرها الغرب و خذلها التعصب». وقال إن إنشاء مجلس العلاقات العربية والدولية «كهيئة مستقلة منبثقة من المجتمع المدني العربي جاء نتيجة لتداعي مجموعة من الشخصيات المهتمة بالشأن العربي العام « وإنه ينطلق من «منظور منفتح على استيعاب واحترام كل المكونات القومية والثقافية والدينية». ولاحظ «تزامن فكرة إنشاء المجلس مع تداعيات الربيع العربي». وألقى الشيخ حمد بن جاسم كلمة شدد فيها على الإصلاح الداخلي لكل دولة عربية «وليس بالضرورة أن يكون ذلك في شكل ثورة» بل «الإصلاح المدروس والمتدرج والمواكب للتطلعات الشعبية» لأن هذا «أجدى وأرسخ من إصلاحات متعجلة تفرضها الضغوط وفورات الحماس». ودعا الجامعة العربية إلى «تأسيس آلية مشتركة تجمعها مع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومنظمة الآسيان واتحاد أميركا الجنوبية» وإلى «تفعيل الديبلوماسية الشعبية تحت مظلة الجامعة العربية». كذلك تناول الملف الإعلامي داعياً إلى إطلاقه «دون حسيب أو رقيب» حتى «يزداد فهم العالم واحترامه لقضايانا». وقال «كفانا مكاتب إعلامية بالية وموظفين بلا كفاءات وأساليب إعلامية روتينية متخلفة». وتحدث بن جاسم عن تطوير العلاقات العربية مع أفريقيا والاستثمار في المجال الزراعي خصوصاً في دول مستقرة نسبيا في شرق أفريقيا وفي جمهورية جنوب أفريقيا . وعن إيران قال إن علاقة العرب بها «راسخة تاريخياً وجغرافياً وقادرة على الصمود في وجه الأزمات و التوترات الطارئة» وإنه لا بديل عن التعايش معها. وعن تركيا قال إنها «مؤهلة لتصبح شريكاً اقتصادياً وسياسياً مهماً للعالم العربي بفضل ديناميكية قيادتها». وحمل بشدة على النظام السوري «الذي قدم للعالم صورة شائهة ومشينة عن العرب قد يصعب محوها قريباً من الذاكرة حيث يموت آلاف الأبرياء بنيران الدبابات والطائرات كل ذلك لكي يبقى شخص واحد في الحكم». وفي الجلسة الحوارية الأولى عن «العالم العربي والغرب» تحدث الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة «مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات» فرأى أن الآمال التي علقها العرب على الرئيس باراك أوباما في شأن القضية الفلسطينية خابت وإنه فشل في فترته الأولى في مواجهة جماعات الضغط الموالية لإسرائيل. و سأل «والآن بعدما كسب ولاية ثانية هل سيحسن أداءه؟». وعن الدور الإقليمي للولايات المتحدة قال إن انسحابها من أفغانستان العام 2014 «يجب ألا يكون تركاً لهذا البلد لمصيره كما فعلنا في التسعينات». ودعا إلى دعم الشعب السوري وقال «يجب تزويد المقاومة السورية بالأسلحة المضادة للطائرات والدبابات حتى تتساوى الكفتان ويُجبر بشار الأسد على التفاوض السياسي». كذلك انتقد استبعاد دول الخليج من الحوار الغربي - الإيراني وقال «يجب إدخال دول الخليج في مفاوضات 5+1 النووية مع إيران لأن هذا الملف متصل بأمنها الاستراتيجي». وفي المحور نفسه تكلم نائب وزير الخارجي الأميركي السابق ريتشارد ارميتاج فرأى أن أميركا حالياً في حالة إعادة توازن بعد الحربين في أفغانستان والعراق وقال «لا يمكن أن نعطي ظهورنا لحلفائنا» مشيراً إلى استمرار تواجد 50 ألف جندي أميركي في المنطقة منهم 13500 في الكويت مشدداً على أن «الالتزام الاستراتيجي الأميركي قائم». واعترف أن الغزو الأميركي - البريطاني للعراق عام 2003 فتح الملف الطائفي في اكثر من مكان في المنطقة. ورأى أرميتاج أن الرئيس أوباما «لم يستبعد أبداً الخيار العسكري مع إيران» وقال «عليها (إيران) إنهاء تدخلاتها في العراق ولبنان وسورية والبحرين». وعن سورية استبعد تدخلاً أميركياً قريباً وقال «ما لم تصبح للجيش السوري الحر قيادة وطنية واضحة فإن أميركا ستتردد في دعمه». وتوقع أن يفتح المستقبل أجواء افضل دائماً للعلاقة بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي «وقريباً سيزيد عدد المسلمين في أميركا على عدد اليهود وهذا يعني أن فهم الأميركيين للإسلام سيكون دائماً للأفضل». ومن ضمن المشاركين في المؤتمر محمد بن عيسى وزير خارجية المغرب سابقاً (الوطن العربي والاتحاد الأوروبي) ورئيس المجلس الروسي للعلاقات الدولية ايغور ايفانوف ورئيس الوزراء العراقي السابق أياد علاوي (الوطن العربي وروسيا). وسيناقش المؤتمر اليوم علاقة العرب بروسيا والهند واليابان والصين ومع دول الجوار إيران وتركيا وإسرائيل وبأفريقيا.