نقلت اذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر في مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قوله ان خطاب الرئيس محمود عباس في الاممالمتحدة مساء اول من امس كان مفاجئاً في حدته واتهامه اسرائيل بارتكاب جرائم ابادة في قطاع غزة وضرورة معاقبتها. وكان عباس قال في الخطاب: «لن ننسى ولن نغفر»، مشيراً الى رفضه العودة الى المفاوضات. وأضاف انه سيطرح مشروع قرار امام مجلس الامن لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، من دون تحديد هذا السقف الزمني. ودعا الى محاسبة اسرائيل على «حرب الإبادة» التي شنتها على قطاع غزة. وقالت اذاعة الجيش ان المعلومات التي وردت الى اسرائيل كانت تفيد بأن الرئيس الفلسطيني سيطرح افكاراً عامة في خطابه، لكن الامور اختلفت عند إلقاء الخطاب المليء بالكراهية والحقد والتحريض والكذب ضد اسرائيل، ما اثار حفيظة حتى الاسرائيليين المعتدلين في محاولة عباس فرض امر واقع على الحلبة السياسية. وأضافت ان عباس «احد قادة الحرس القديم، يسير على نهج زعيمه ومعلمه (الرئيس الراحل ياسر) عرفات، ويرفض عملياً ان يقدم اي تنازلات جوهرية في المواضيع الأساسية، وكل ما يقدمه هو وعود شفهية وتمسك لفظي بعملية السلام». وتابعت: «ان اوساطاً في واشنطن اصيبت بالذعر من خطاب الرئيس عباس، وأبلغت اسرائيل مباشرة برفضها مضمون الخطاب ومحتواه»، مؤكدة ان تل أبيب حذرت الرئيس الفلسطيني من اي خطوات تصعيد على الأرض في اتجاه تحقيق مطالبه. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» مساء امس عن مصادر في مكتب نتانياهو قولها ان «هذا خطاب تحريضي بحت ومليء بالكذب والافتراءات، من يريد السلام ويعتبر نفسه شريكاً فيه، لا يتحدث بهذه الطريقة ولا هذه اللغة». ليبرمان وعلق وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على خطاب عباس بالقول: «كلامه يؤكد أنه لا يريد السلام، ولا يمكن ان يكون جزءاً من أي حل سياسي منطقي. لم ينضم عباس الى حكومة حماس من فراغ». وأضاف: «عباس يشكل امتداداً لحماس باستعماله الإرهاب السياسي، ويوجه اتهامات لإسرائيل لا أساس لها من الصحة، وما دام يشغل منصب رئيس السلطة الفلسطينية، سيبقى الخلاف قائماً، وعباس يكمل طريق عرفات بشكل مختلف في تعميق الصراع». في هذه الأثناء، اعتبرت الكاتبة الإسرائيلية في صحيفة «هآرتس» عميرة هاس أن الخطوات والصياغات التي اختارها عباس أو كاتبو خطابه، توضح أنه تنازل عن الإسرائيليين كجمهور مستمع، من خلال استخدام «احتلال كولونيالي، وحرب إبادة نفذتها إسرائيل، وإسرائيل دولة فوق القانون» وغيرها. وأضافت ان العنوان السياسي الرئيس للخطاب هو أن الفلسطينيين لن يعودوا إلى المفاوضات بشكلها السابق من دون تحديد هدف محدد، وهو دولة في حدود 1967 إلى جانب إسرائيل، أو من دون تحديد جدول زمني ملزم. واعتبرت أن الكلمات والتصريحات التي اختيرت تشير إلى محاولة لتعديل ما سمته «الانطباع السيء» الذي تركته الخطابات السابقة له على أبناء شعبه، ففي هذه المرة، تحدث إلى الفلسطينيين باللغة التي تعكس الواقع الذي يعيشونه. وتضمّن الخطاب رسائل وشعارات أطلقت في السنوات الأخيرة في التظاهرات ضد تجديد المفاوضات مع إسرائيل، أو أطلقتها تنظيمات فلسطينية غير حكومية في مؤتمرات دولية. كما كتبت أن الحديث عن اختيار صياغات تكتيكية لا يهدف الى تحسين صورة عباس التي تتراجع أمام أبناء شعبه، وإنما لأنه يئس حقاً من المفاوضات مع إسرائيل. ولفتت إلى الفارق الكبير بين عباس الذي يتحدث في الخطاب عن الإنجازات الكمية والنوعية لحركة المقاطعة الشعبية الدولية، ضد «سياسة الاحتلال والأبرتهايد»، وبين عباس الذي قال مرة إنه يعارض مقاطعة إسرائيل، وإنه يعتبرها «جارة». كما أشارت إلى الفجوة السحيقة بين قوله في خطابه «لن ننسى، ولن نغفر، ولن نسمح لمجرمي الحرب بالهروب من العقاب»، وبين من أحبط عام 2010 تمرير «تقرير غولدستون» في مجلس الأمن، والذي فحص في حينه شبهات بارتكاب جرائم حرب إسرائيلية في الحرب العدوانية في كانون 2008 و2009، والتي أطلق عليها «الرصاص المصبوب». وأضافت أن من سمع عباس يقول في مكتبه لمجموعة من الشبان الإسرائيليين إن «التنسيق الأمني مقدس»، سيجد صعوبة في تصديق أن الشخص نفسه يقول اليوم إن «الدمار الذي تسبب به العدوان الأخير لا مثيل له في العصر الحديث»، باعتبار أن أجهزة الامن المسؤولة عن هذا الدمار هي ذاتها التي تنسق معها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية «تنسيقاً دائماً ومقدساً».