اتهمت أوساط رفيعة في وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بتعمّد تأجيج مخاوف الإسرائيليين من «خطر نقل أسلحة كيماوية من سورية إلى حزب الله» لدوافع سياسية داخلية في مقدمها تسريع تشكيل حكومة جديدة برئاسته من خلال بث الانطباع بين الأحزاب المرشحة للانضمام إلى توليفته بأن ثمة قضية تتعلق بأمن إسرائيل أكثر إلحاحاً من المسائل والمطالب التي تطرحها هذه الأحزاب. وانتقدت هذه الأوساط بشدة نتانياهو على «رفع سقف المخاوف من التطورات في سورية من دون سبب حقيقي» وعلى رغم أنه ليس هناك أي قلق من أن يكون حدث أي تجاوز من جانب النظام السوري للخطوط الحمر التي حددتها إسرائيل بشأن السلاح الكيماوي». وطبقاً لمسؤول كبير في الوزارة تحدث إلى صحيفة «معاريف» أمس لا يزال «ميزان القوى بين قوات النظام السوري والمتمردين على حاله». وقال آخر أن إسرائيل تتابع التطورات داخل سورية عن كثب وأنه بحسب المعلومات المتوافرة فإنه لم يحصل أي تدهور في ما يتعلق بحراسة السلاح الكيماوي ولم يتم تخطي خطوط حمر في هذا الشأن». وأردف أن صورة الوضع في سورية في كل ما يتعلق بوضعية مخازن الأسلحة الكيماوية لم تتغير في الأسبوعين الأخيرين على نحو يستدعي تضخيم نتانياهو لهذه المخاوف. وأشار إلى إن تسريب الخبر عن الاجتماع الذي عقده نتانياهو غداة الانتخابات العامة الأسبوع الماضي مع قادة المؤسسة الأمنية للبحث في مستقبل هذا السلاح لم يكن صدفةً وأن معظم المعلومات التي سربت عما دار في الاجتماع لم تكن صحيحة، لكن وسائل الإعلام انجرت وراء عدم الدقة وخدمت من حيث لا تعلم الأهداف الخفية لنتانياهو. وتشهد إسرائيل في الأسبوع الأخير نشراً متواتراً في وسائل الإعلام عن «انهماك» نتانياهو في «الملف السوري الكيماوي»، مثل النشر عن نصب منظومة «القبة الحديد» الدفاعية على الحدود مع سورية، أو الأنباء عن رفع تل أبيب وواشنطن التنسيق الأمني بينهما في بطارية صواريخ دفاعية تحسباً لاحتمال نقل أسلحة كيماوية من سورية إلى «حزب الله» أو جهات إرهابية». كما نقلت الصحيفة عن ديبلوماسيين غربيين تأكيدهم على أن نتانياهو استخدم الوضع الأمني المتردي في سورية لينقل رسالة إلى رؤساء الأحزاب الذين يجري معهم اتصالات لتشكيل الحكومة بأن ثمة ضرورة لتشكيل حكومة واسعة سريعاً. وقال اثنان من الديبلوماسيين إن رفع سقف المخاوف من التطورات داخل سورية يرتبط بمسائل سياسية داخلية في إسرائيل، و «قد عمِد نتانياهو إلى دب الذعر والخوف على غرار ما فعل العام الماضي في الملف الايراني والتهديدات المتواترة بعملية عسكرية ضد ايران واصفاً هذا السلوك ب «التخويف الذاتي». وأضاف ديبلوماسي أوروبي مطلع على الأوضاع في سورية أن المعركة في سورية يمكن أن تتواصل وقتاً طويلاً «لكن حتى اللحظة لم يطرأ أي تغيير على الوضع القائم ومخازن الأسلحة تحت حراسة مشددة». ويبدو أن هذا التأجيج لم ينطلِ على حزب «العمل» الوسطي الذي أقرت كتلته البرلمانية موقف زعيمها شيلي يحيموفتش عدم المشاركة في حكومة برئاسة نتانياهو. وخلافاً للتوقعات لم يؤيد أي من الأعضاء ال15 إجراء مفاوضات ائتلافية مع نتانياهو مؤكدين وجوب أن يقدم الحزب من خلال مقاعد المعارضة خياراً للناخب الإسرائيلي يكون بديلاً لتحالف اليمين. ومع ذلك لم يتردد أعضاء في الحزب في توجيه انتقادات ليحيوموفتش على خلفية قرارها تغييب ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي عن الحملة الانتخابية، ورأى بعضهم أن الحزب خسر عشرة مقاعد كان ممكناً أن يحققها لو لم يغيّب الملف السياسي. في غضون ذلك يتوقع أن تسلّم لجنة الانتخابات المركزية النتائج الرسمية للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز لتمكينه من الشروع في مفاوضات مع جميع الأحزاب حول هوية مرشحها لتشكيل الحكومة الجديدة، علماً أن غالبية من أكثر من 63 نائباً على الأقل ستدعم ترشيح نتانياهو.