في اليوم الخامس لاجتياحهم صنعاء، تمسّك المسلحون الحوثيون أمس بسيطرتهم الأمنية على العاصمة اليمنية، خلافاً لدعوة جماعتهم بالانسحاب، وتسليم المدينة للسلطات الرسمية. وفيما أكد رئيس جهاز الأمن القومي (الاستخبارات) اقتحام المسلحين منزله والسطو عليه، أرغمت انتقادات سياسية وحقوقية لتصرفات الجماعة، زعيمها أمس على تشكيل لجنة للتحقيق في الانتهاكات التي رافقت اجتياح أنصاره العاصمة. وإذ أيّدت وزارة الدفاع اليمنية الاتفاق مع الحوثيين، أكّدت حيادها ورفضها الانجرار إلى الفتن. في غضون ذلك، أكّدت مصادر أمنية ل «الحياة» «أن أربعة عناصر على الأقل من تنظيم القاعدة قُتلوا (أمس) بضربة نفّذتها طائرة أميركية من دون طيار، استهدفت سيارة تقلّهم في مديرية نصاب التابعة لمحافظة شبوة» وسط اليمن. وبث التنظيم على حسابات تابعة له في مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت أمس، صوراً لإعدام أربعة أشخاص في محافظ البيضاء، بينهم مدير جهاز الأمن السياسي في محافظة الضالع العقيد محمد طاهر الشامي، خطفوا على أيدي عناصر من «القاعدة» الاثنين الماضي ومعهم أربعة آخرون، اتهمهم التنظيم بالانتماء إلى جماعة الحوثيين. وجاءت هذه التطورات عشية احتفال اليمن بالذكرى الثانية والخمسين لثورة «26 سبتمبر» التي أنهت حكم الإمامة علماً أن جماعة الحوثيين تُتّهم بالسعي إلى استعادته. وكشف القيادي في الجماعة علي البخيتي في منشور على صفحته الرسمية في «فايسبوك»، أن توجيهات أعطيت لأنصارها بإعادة المنازل والمنشآت التعليمية والحزبية التابعة للإخوان المسلمين (حزب الإصلاح)، وأن جهوداً تبذل للتحقيق في ما أُخذ من بعض المؤسسات العسكرية التي لم تشترك في الحرب. وكان مسلحون حوثيون دهموا منازل خصومهم السياسيين والقبليين من حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان) ومؤسساتهم الإعلامية، ونهبوها واستولوا على كميات هائلة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بعد دخولهم مواقع الجيش ومعسكراته داخل صنعاء. واتهمهم رئيس جهاز الأمن القومي علي حسن الأحمدي باقتحام منزله ونهب بعض محتوياته، لكنه نفى سيطرتهم على مقر الجهاز أو المرافق التابعة له، رغم محاصرته خمسة أيام. واعترف الأحمدي بإطلاق شخصين للجماعة كانا محتجزين لدى الجهاز في مدينة عدن، من دون أن يحدد جنسيتهما، في حين أكدت مصادر ديبلوماسية أنهما من عناصر «الحرس الثوري» الإيراني المحتجزين بتهمة تهريب أسلحة للحوثيين، وسلّما لوسطاء من دولة خليجية، تولوا نقلهما إلى خارج اليمن. إلى ذلك، انتهت أمس المهلة المحددة لتسمية رئيس للحكومة المقبلة، بموجب اتفاق «السلم والشراكة الوطنية» الذي وقعه الحوثيون مع الأطراف السياسيين، لإنهاء الأزمة. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن جماعة الحوثيين تضغط ليكون رئيس الوزراء شخصية قريبة منهم، أو على الأقل لم يسبق أن أعلنت مواقف عدائية من إزاءهم. وأعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان أمس تأييدهما اتفاق «السلم والشراكة» مع الحوثيين، وأكدتا في بيان أن «القوات المسلحة ستظل عنوان اليمن وسيادته ووحدته ومصدر عزته وفخره، وستبقى مؤسسة وطنية حيادية ولاؤها لله والوطن والشعب، ولن تنجر إلى أتون الصراعات والفتن». ولفتت إلى أن «أنصار الله (الحوثيين) مكوّن سياسي كغيره من المكوّنات، وسيتم التعامل معهم في إطار النظام والقانون وبما تمليه المصلحة الوطنية العليا للبلاد». ولوحظ أن البيان لم يشر إلى مصير الأسلحة التي استولوا عليها منذ اجتياح العاصمة الأحد الماضي.