يبحث مصرف «يو بي اس»، كما المصارف العملاقة الأخرى، ومن ضمنها «كريديه سويس»، عن فرص نمو تتيح له الاستمرار في تحقيق عائدات مالية جيدة، في أوضاع مصرفية صعبة ومعقدة جداً. ويرى المدير العام التنفيذي للمصرف، سيرجو إرموتي، أن مخارج تجارية محدودة بالنسبة للمصارف السويسرية موجودة في منطقة آسيا - المحيط الهادئ، تنصبّ كلها لمصلحة خدمة مديري الثروات الأوروبيين الذين يملكون شبكات من الزبائن في آسيا. ولافت أن هؤلاء المديرين، وغالبيتهم من أوروبا، غير متحمسين لتأسيس أعمال تجارية دائمة لهم في القارة الآسيوية، فمعظمهم يريد الاعتماد على شبكة من المصارف الموجودة في آسيا، لإدارة أعماله براحة من بُعد ومن دون تكاليف لا معنى لها. ويقول إرموتي في حديث إلى «الحياة» إن «عدداً كبيراً من المصارف المحلية والإقليمية، يخطط لتطوير أعمال إدارة الثروات من النواحي كافة، بيد أن التكاليف المالية للتطوير عالية جداً، كما أن المصارف الآسيوية تعاني نقصاً حاداً في الخبرات التي تخولها تنفيذ مخططات التطوير هذه بنجاح». هكذا، يبحث الجميع، من زبائن أوروبيين ومصارف آسيوية، عن وسطاء ماليين تابعين لمصارف دولية عملاقة، لتحقيق أهدافهم المحلية «جزئياً». ويركز مصرف «يو بي اس» السويسري على تثبيت موقعه التجاري في سنغافورة وهونغ كونغ وهما المحوران الأكثر جاذبية لرؤوس الأموال من الدول الآسيوية الناشئة وأوروبا وحتى أميركا الشمالية. ويبدو أن خدمات «يو بي اس» المصرفية في منطقة آسيا - المحيط الهادئ لن تكون مخصصة للزبائن الأميركيين، فالميول لدى إدارة المصرف، وفق تصريحات إرموتي، هي انها مخصصة للأوروبيين عموماً، علماً أن هذا المصرف السويسري الضخم اعتمد آليات مالية حديثة قادرة على امتصاص أي أزمة مالية تعصف بالعالم، بقدر المستطاع. بالطبع، لن يتمكن المصرف خارج سويسرا، من التحرك بحرية كاملة لكنه سيضع تحت تصرف المديرين الأوروبيين، الذين يريدون ادارة أعمالهم في آسيا، سلة من الاستشارات لتحسين أداء استثماراتهم الآسيوية. وفي ما يتعلق بالضغوط الضريبية الأميركية وغيرها على «يو بي اس»، يشير إرموتي إلى استعداد مصرفه لتقديم تنازلات مهمة فيمقابل نجاحه في تحقيق طموحاته الخارجية. فالأسواق الأميركية ليست مهمة، كما كانت سابقاً بالنسبة لسويسرا، التي تريد الانفصال مع مصارفها، عن طرق قديمة لتحقيق الأرباح. والطرق الحديثة، وفق إرموتي، تعتمد على بناء شبكة من نخبة الزبائن الدوليين بهدف تقديم أفضل الخدمات الدولية لهم ومن بينها منتجات مالية خاصة بأعمال التأمين والسندات الرامية إلى تنويع الاستثمارات. يُذكر أن صندوق استثمارات «يو بي اس» الآسيوي ما يزال مردوده جيداً ويناهز 3.3 في المئة سنوياً. وعن مواجهة المصارف الدولية، ومن ضمنها «يو بي أس»، مصاعب فاقت التوقعات لتأسيس موطئ قدم لها في منطقة آسيا - الهادىء، يشير إرموتي إلى أن الاستراتيجيات التي وضعها مصرفه أخيراً مقبولة وتعتمد على توطيد شراكات مع مشغلين ماليين آسيويين. في مطلق الأحوال، لا يُمكن التنبؤ بمسار هذه الشراكات على الأمد الطويل. ويركز «يو بي اس» على تقديم خدمات جماعية في أسواق المال الآسيوية الصغيرة. إلى الآن، لدى المصرف ثلاثة فروع، في أستراليا واليابان وتايوان، فضلاً عن خمسة فروع في الصين. ويمكن القول أن مصرف «يو بي اس» يريد قيادة تغيير في عالم الصيرفة الخاصة في منطقة آسيا - الهادىء. فالأمر لن يقتصر على القيام بعمليات بيع وشراء لمصلحة الزبائن. فكل مدير مصرفي في آسيا عليه أن يتمتع بنظرة تجارية مستقبلية تجعله يربح ثقة الزبون لسنوات طويلة. فمعادلة «اربح أقل على حساب توطيد ثقة العميل» ناجحة وفق رأي إرموتي. وعن ملف مديري الأقسام في مجال الصيرفة الخاصة، العاملين في منطقة آسيا - الهادىء والتابعين لمصارف أوروبية وسويسرية وحتى خليجية، يتوقع إرموتي أن يتراجع عددهم من أربعة آلاف إلى 2500 في السنوات الخمس المقبلة. فتكاليف تأليف فريق عمل آسيوي خبير، يساعد الزبائن في الاستثمار في شكل ناجح وذكي، سترتفع أكثر من ضعفين في السنوات السبع المقبلة. وعادة، تمتص هذه التكاليف أكثر من عشرة في المئة من عائدات المصارف الكبرى. كما أن إجراء بحوث مالية واقتصادية عامل مهم يساعد المصارف في مجاراة التطورات التي طرأت داخل ظاهرة «العولمة المصرفية». بالنسبة للأسواق الأميركية، لا يتوقع إرموتي حلاً مع مصلحة جباية الضرائب الأميركية، التي تواصل قيادة دعاوى قضائية عشوائية ضد المصارف السويسرية الكبرى، قبل عام 2017. ولا يتوقع أن تكون مقاضاة مصرفه ذات ثقل يحضه على طلب مساعدات من حكومة برن. في مطلق الأحوال، لن يستغني المصرف عن تواجده في بورصة «وول ستريت» مهما كان الثمن. لكن الانسحاب من الأسواق المصرفية الأميركية والتوجه إلى أسواق العقارات الأميركية الفاخرة أضحت هدفاً من أهداف «يو بي اس» هناك.