انتقد عبدالباسط سيدا عضو المكتب التنفيذي في «المجلس الوطني السوري» المعارض طريقة تعامل «اصدقاء سورية» مع الأزمة في بلاده، وقال إنهم «يتعاملون بعقلية ادارة الأزمة لا المعالجة»، وحذر في حديث الى «الحياة» من أن ذلك «سيطيل من عمر الأزمة ويؤدي الى بروز نزعات تطرف خطرة في المجتمع السوري والاقليم بأكمله». وشدد سيدا، وهو كردي تولى رئاسة «المجلس الوطني» في دورته السابقة انه «لا يوجد حزب كردي يدعو الى الانفصال» لكنه أقر بوجود «هواجس» متبادلة بين العرب والكرد حول سورية المستقبل، موضحاً أن «المجلس الوطني» طرح «اللامركزية الادارية مع توسيع صلاحيات الحكم المحلي» لحل المسألة الكردية في اطار وحدة سورية. ولفت سيدا الى ان المسألة الكردية «إحدى أهم المسائل وربما أعقدها التي يجب التعامل معها بحكمة وموضوعية من مختلف الأطراف». وأضاف ان «الكرد تعرضوا لاضطهاد مركب: اضطهاد تعرض له سائر السوريين، كما تعرضوا لاضطهاد خاص كونهم كرداً» وأوضح ان هذا الاضطهاد الخاص «تمثل في صيغتين، الأولى الحرمان من الحقوق، حيث لا حقوق ادارية أو سياسية وثقافية اجتماعية، الى جانب جملة من المشاريع والاجراءات والتدابير التمييزية مثل مصادرة الأراضي وسحب الجنسية والتعريب القسري والحرمان من الوظائف واهمال المناطق وتهميشها». وأضاف: «في المرحلة الراهنة هناك هواجس تطرح سواء من الجانب الكردي أو من الجانب العربي» مشيراً الى ان «الجانب الكردي يبحث عن طمأنة حول كيف ستكون سورية في المستقبل وما موقع الكرد من المشروع الوطني السوري، وما هي الضمانات». وتابع: «من الجانب الآخر العربي هناك هواجس، مثل هل هناك مشروع انفصالي أو مشروع دولة (لدى الأكراد)؟» معتبراً «كل هذه المسائل موضوعية ولا بد من أن تعالج بحكمة وموضوعية». وأضاف: «كي نتخلص من تلك الهواجس لا بد من عقود ونصوص مكتوبة تطمئن الجميع، والى جانب ذلك لا بد من تعزيز الثقة، وفي حال توافرها ستصبح معالجة المسائل التفصيلية سهلة». وهل للمعارضة رؤية لتعزيز الثقة بين العرب والكرد، قال سيدا: «نحن في المجلس الوطني السوري طرحنا وثيقة وطنية حول القضية الكردية، مطمئنة ومشجعة، ونأمل بأن تكون قاعدة لأي مشروع وطني سوري قادم، وأهم ملامحها يكمن في الاعترف الدستوري بالهوية القومية للشعب الكردي والاقرار بالحقوق القومية لهذا الشعب في اطار وحدة سورية، اضافة الى ذلك الغاء العمل بسائر المشاريع التمييزية التي تعرض لها الشعب الكردي ومعالجة آثارها وتعويض المتضررين، والتعامل مع القضية الكردية بوصفها قضية وطنية عامة وتعريف السوريين بها». واستبعد سيدا وجود دعوات كردية تنادي بالانفصال وقال: «لا يوجد حزب كردي في سورية يطالب بالانفصال لأن الخصوصية الكردية في سورية تختلف عن الخصوصية في العراق وايران وتركيا، وحتى في تلك البلدان لا توجد دعوات انفصالية». ولفت الى ان هناك «عملية تداخل، لذلك فالحل المطروح لا بد أن ينسجم مع خصوصية الوضع، أي أن لا نبحث عن قوالب جاهزة ونقوم بفرضها على الواقع الخاص». وأوضح سيدا «هناك دعوات للفيديرالية أو غير ذلك، وهذه مسائل يمكن ان تناقش، لكن في نهاية المطاف كيف يمكن ان نحقق تلك المطالب؟ وهل الخصوصية السورية مهيأة لهكذا توجهات؟» وأضاف ان «المجلس الوطني السوري يطالب باللامركزية الادارية مع توسيع صلاحيات الحكم المحلي، وحينما نأتي الى التفاصيل يجتمع المختصون ليتوصلوا الى حل مقبول من كل الأطراف بعدما نتفق على الخطوط العامة». وأوضح سيدا ان «اللامركزية تعالج مشكلة الهواجس الكردية. فاللامركزية نظام معتمد في كثير من دول العالم، وهو نظام ناجح. والمهم الاعتراف الدستوري بوجود المكون الكردي وبهويته وبحقوقه القومية». وأضاف ان هذا الاعتراف «مسألة محسومة داخل المجلس الوطني»، ولفت الى ان «الائتلاف تأسس على قاعدة وثيقتي القاهرة إذ تتقاطع وثيقة العهد الوطني في الكثير من الجوانب مع الوثيقة الوطنية حول القضية الكردية، علماً أن الائتلاف لم يلتزم حتى الآن برنامجاً سياسياً، وهذه سلبية، فهو استند الى برنامج القاهرة» مشيراً الى انه «حتى وثائق القاهرة هناك ملاحظات في شأنها من الجانب الكردي أو من بعض القوى الأخرى التي تقول إن هناك نقاطاً لا بد من تطويرها». من جهة أخرى ذكر سيدا ان «الثوار يتقدمون على الأرض، على رغم الآلة القمعية التي يستخدمها النظام والدعم الذي يحصل عليه من حلفائه». ولفت الى ان «مجموعة اصدقاء سورية ما زالت تتعامل بعقلية ادارة الازمة وليست معالجة الأزمة»، معتبراً ان هذا الاسلوب «يطيل في عمر الأزمة ما يعني المزيد من القتل والخراب والتدمير والمزيد من التطرف. وكلما طال الوقت كلما ازدادت حالة الاحباط والقهر وفقدان الأمل في المجتمع الدولي، وحينئذ تكون الارضية مهيأة لبروز نزعات متطرفة ومثل هذه النزعات خطرة على المجتمع السوري وعلى الاقليم بأكمله».