مرحباً بالأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز في «الشرقية» التي عرفتكم وعرفتموها وغادرتم عنها ولم تغادركم، مرحباً بك في موطن الحضارة الأكبر في خليج العرب وتراكم حضارة الإنسان من الفينيقيين إلى دلمون، ومعقل الإجابة الطوعية العظمى للرسالة الإسلامية، إذ بني عبد القيس وبعوثهم إلى طيبة تنادي منذ ذلك التاريخ لبيّك أبا القاسم وسعديك، آمنّا بالله فاحمِلنا إلى خيره وهداه، وهنا صرح البناء العربي المجيد، وميزان هويته، ومنطلق بعثات الوعي الإسلامي أيام الجهل الكئيب، مرحباً بكم أيها الأمير في المكان الذي منح الوطن من ثمره ومن نفطه، ودوّن للتاريخ سماحته، وأصدر للحركة الثقافية العربية تضامنه في قضاياها الأممية المكافحة ضد خصوم الأمة، وسجّل للتاريخ هنا الشرق السعودي زمام الوحدة للوطن جنوبياً شمالياً، ونجدياً حجازياً، من أرضه الوطنية إلى ساحله العربي الكبير. مرحباً بكم أيها الأمير وقد جرت الأقدار جل مبدعها بعودتكم بإرادة ملكية لتكون حاكماً إدارياً لأهم أقاليم الوطن في نظرة العالم الاستراتيجية، وهو يراقب خطّه وخطواته، وبالتالي سدد الله خطاكم وباتت قراراتكم وحراككم وعلاقتكم مع شعب المنطقة، الذي هو أهم عنصر في مهمة الحاكم الإداري، محل اهتمام ومراقبة عربية وإقليمية ودولية، ويسعدنا أيها الأمير أن نعينك على أداء هذه الرسالة، وتحقيق رضا الله في أهل الشرقية الكرام وإرادة المليك الإصلاحية، وجعل «الشرقية» قاعدة وحدة واستقرار بالحكمة وحسن إدارة الزمام، أقول الرأي من دون مزايدة ولا مداهنة بل إخلاصاً لله وكرامة الأوطان. أيها الأمير... أُحدثكم هنا باسم «الشرقية» كُلها، بنبضها وهويتها ووطنيتها وروحها العربية الإسلامية الخفّاقة، أُصدّر قولي بأننا جميعاً نتمنى أن تنجح مهمتك ورسالتك الوظيفية الاستراتيجية أمام الوطن والعالم بنجاح جسورك الداخلية، وهنا وهناك إذ وطننا السعودي، طموحٌ إصلاحي لكل أبناء الوطن للدفع نحو الإصلاح الوطني الشامل للمؤسسات والنظم الكافلة للحقوق والحريات الراشدة، وإطلاق خطط التنمية وإنقاذها من حيتان الفساد التي ابتلعت الأخضر واليابس، ول«الشرقية» مسؤوليتها التي نبدأ بها في هذا الملف وهو الحفاظ على المال العام والأرض ونقل حلمهم عبر خطط تنمية تَعبر في أقنية نظيفة من المسؤولية والإدارة، حتى إذا استوت «الشرقية» على الجودي وازدانت معالمها وسواحلها أذن مؤذنٌ بينهم لنعم الأرض أرضك، والشعب شعبك، وبوركت ميامن أميرك. أيها الأمير... تَصِل «الشرقية» وأنت بها خبير، إذ موازين العالم تغيرت، وطموحات الناس تقدمت، وآمال الشباب تطورت، في أرض أهلها كَفلوا بينهم أساليب الحوار والتواصل، وحقّق هذا الوعي وهذه المسؤولية حركة توازن مجتمعي تُنظم العلاقة بين التيارات الفكرية والمجتمعية، وتحافظ، على رغم الخلل وبعض الزلل، على توازنٍ مقبول، أسّس له وعيها الحضاري القديم وثقافتها الشرعية التعددية، ولكن جرت تجاوزات عليها كالتي تعرض لها بعض شخصيات المدارس الشرعية في الأحساء وخالفت بوضوح قرارات المليك في تأسيس الخطاب الإسلامي للمملكة من كونه قائماً على فقه المذاهب الأربعة، لكن حكمة الشيوخ والمجتمع عبرت بهذه الأزمة التي قد تؤدي كف أي مؤذ متعصب إلى إشعال الفتنة بها، سواء أكان مسؤولاً أم متطوعاً. في مسار آخر نحتاج لفتح مدارات الحوار والتواصل الثقافي ومعالجة الاحتقانات التي يعيشها النادي الأدبي في كلٍ من الإحساء والدمام ليكون بعد تدخلات وزارة الثقافة في مسار، أو نتاج الانتخابات، ليكون نادي «الشرقية» في مساريه الأدبي والثقافي حيوياً متقدماً مبدعاً لا صراعياً مشتتاً. أيها الأمير... في ملف التنمية والصحة والبيئة ستجد أبرز معالم الحاجة المّاسة للمنطقة التي تعيش وضعاً حرجاً، خصوصاً في الأحساء التي تعاني من كابوس مخيف في نقص الأسّرة والتخصصات الطبية المتقدمة كمستشفيات ومراكز اختصاصية عالية الجودة. وهنا ملف البيئة الذي يعصف بالمنطقة منذ عقود بسبب غازات «أرامكو»، ومصانع الأسمنت وغيرهما، التي تأخذها الرياح الشمالية إلى المناطق السكنية، وسبق أن تقدمت باقتراح وكررته بأن تنشئ «أرامكو» صندوق تعويض لتنفيذ مشاريع بنية تحتية للخدمات الصحية والبيئية وغيرها، تعويضاً لكل أهالي «الشرقية» عما أصابهم، ومهم جداً أن تنتقل المنطقة في مسار التنمية إلى برنامج أكبر، وفي هذا الصدد نسجل تقديرنا للدور الحيوي الذي قام به المهندس فهد الجبير في أمانة الأحساء وما شهدته من انتقالة، على رغم وجود فساد لا يخفى على أحد، لكن الرجل، وبشهادة كل منصف، ندرك ما قام به، وهو ابن المجمعة المنصف، ونؤكد أيها الأمير على ضرورة بقائه لاستكمال مهمته ببرنامج أكبر مع إعادة التشكيل الوظيفي تحته في الأمانة، مع تقديرنا لوجود أزمة في حاضرة الدمام التي هي العين الثانية للشرقية وحاجتها لمن يحمل المهمة ويصحح المسار بعد التصدع الذي جرى في المشاريع الكثيرة. أيها الأمير... افتتح في الخبر بإرادة ملكية كريمة فرع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في توجه مهم يؤكد أن القائد وفريقه الحواري الخاص بقيادة فيصل المعمر والصديق فهد السلطان ينطلقون مجدداً من رؤية الملك التي أعلنت الحوار للعالم ووطننا أولاً، وقدّمنا رؤيتنا وتعاوننا ممتد لهم متى ما دعانا الوطن، وأُركّز في هذا المسار على أن ما جرى من أحداث في «القطيف» باحتقان داخلي أو تقاطعات إقليمية، لدينا هنا في «الشرقية» قدرة لمعالجتها حوارياً وسياسياً بدعمكم، فالدولة قادرة أن تعالج كل مسار بالفعل السياسي والحوار لدفع أي اختراق، و«القطيف» إحدى حواضر «الشرقية» المهمة وشركاء البيت الوطني، ولسنا هنا في غيبة عن التدخل الإيراني المضطرب من خسائره، ولسنا في صدد التشكيك في حماية أمننا القومي منه، لكننا على ثقة بأن جسور الحوار والضبط السياسي مع الداخل عند كل أزمة ومعالجة قضايا الشأن العام من كل تيار، حقوقياً وعدلياً، هو المدار الوطني للمعالجة مع بقاء رصدنا وقوتنا الاستراتيجية. مرحباً مجدداً أيها الأمير، ونقول بإخلاص اللهم سدد في رضاك مسعاه. * كاتب سعودي. [email protected] @mohannaalhubail