يجهد فريق شبابي فلسطيني في غزة لوضع اللمسات الأخيرة على أول فيلم كرتوني ثلاثي الأبعاد يجسد القضية الفلسطينية في قالب فني، ويأمل في أن يشكل هذا الفيلم نافذته على العالمية. ويعمل الفريق المكون من 12 فناناً ومصمماً على إنهاء الفيلم قبل نهاية الشهر الجاري لعرضه في غزة والضفة الغربية، قبل الانتقال إلى دور سينما عربية وغربية. وتلقى الفنانون والمصممون تدريبات، استمرت تسعة أشهر، على إنتاج أفلام الكرتون، قبل أن يبدأوا أخيراً إنتاج فيلم «خيال الحقل» الثلاثي الأبعاد والذي يروي، في 40 دقيقة، قصة الطفلة الفلسطينية «ريما» وأسرتها في قرية على الحدود مع الأراضي المحتلة، فقدت والديها في حادث سير وترتبط بخيال الحقل (الفزاعة) الذي يمثل حارس الأرض الأمين. وتزداد القصة إثارة عندما يقتلع جندي إسرائيلي «خيال الحقل» من وسط المزرعة، وتبدأ الطفلة مع رفاق المدرسة رحلة البحث عن «صديقها»، ما يرمز إلى معاناة اللاجئ الفلسطيني، وفقاً للمخرج خليل المزين. المزين (49 سنة) حاصل على شهادة في الإخراج السينمائي من أكاديمية سان بطرسبورغ الروسية، وأخرج أفلاماً وثائقية ونال جوائز عربية ودولية عديدة، ويقول إن الفيلم يعدّ التجربة الحقيقية الأولى لإنتاج كرتوني ثلاثي الأبعاد في غزة يهدف إلى ترسيخ الهوية الفلسطينية: «اعتاد العالم رؤية أطفال فلسطين وسط الدمار والحرب، لكن هذا الفيلم يركز على أحلامهم البسيطة، والحكم متروك للمشاهد»، ويفخر المزين بإشرافه على تأهيل شباب في العشرينات من العمر للمشاركة في إنتاج الفيلم. وفي قاعة صغيرة مجهّزة بكومبيوترات مزودة ببرامج مخصصة لإنتاج أفلام الكرتون، ينكبّ الشبان على العمل، وهم المنتمون إلى مؤسسة «زيتون للرسوم المتحركة والألعاب الالكترونية» التي أنشئت العام 2008 كمركز تابع لكلية العلوم التطبيقية في غزة. أسيد ماضي (23 سنة) مصمم شخصيات ومشرف إضاءة. بدأ العمل في هذا المجال منذ 2010 ويقول: «صمّمت شخصية ريما وحرصت على إبراز ملامحها الفلسطينية الجميلة... نريد نقل معاناة الأطفال الذين لم يسلموا من بطش الاحتلال، بطريقة مميزة ومحببة». ولا يبالي أسيد بعدم تلقيه راتبه للشهر الثاني على التوالي، ويتمنى أن يصل بهذا الفيلم إلى العالمية التي يحلم بها. أما زينب بكري، وهي مصممة بيئة، فتعتقد أنها نجحت في تصميم بيئة مناسبة لحياة ريما ومنزلها وقريتها والحدود مع إسرائيل، إضافة إلى الملابس التي ترتديها الطفلة وصديقاتها ومظهر جدتها العجوز بثوبها الفلاحي المستوحى من الفولكلور الفلسطيني. وتبدو الفتاة واثقة في الوصول إلى العالمية «لأننا ننتمي إلى الفكرة ولا يهمنا العائد المالي، ونأمل بالنجاح في تسويق الفيلم لأن عالم الكرتون يصل بشكل أسهل من الأفلام الوثائقية أو الروائية». وتشير زميلتها آية أبو حمرة، وهي مصممة شخصيات، إلى صعوبات كثيرة واجهت إنتاج الفيلم، مثل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وأزمة التمويل، لكنها تأمل في أن يجد الفيلم طريقه الى هوليوود. يدعم البنك الدولي مشروع تدريب طاقم الإنتاج والإخراج، ب147 ألف دولار، ومنها 40 ألفاً لإنتاج الفيلم. ويقول مدير مؤسسة «زيتون» يوسف عبد الهادي: «خصص مبلغ 40 ألف دولار للفيلم، عندما كانت مدّته المتوقعة خمس دقائق، ثم تطورت الفكرة لتكون 40 دقيقة، ما رفع الكلفة إلى 70 ألف دولار وهي أكبر من إمكاناتنا»، مؤكداً إصرار الفريق على استكمال الإنتاج على رغم عدم توافر المال لدفع الرواتب «ونأمل في تسويقه محلياً وعربياً وعالمياً لتغطية نفقاته». وكان الفريق أنتج العام 2009 فيلماً للرسوم المتحركة باسم «الحلم» ومدته دقيقة، كأول تجربة في غزة. ويُسقط الشبان الأصوات على شخصيات الفيلم في استديو صغير أنشئ حديثاً. ويتحدث عبد الهادي بحماسة عن بدء فريقه الإعداد لإنتاج أول مسلسل كرتوني سينمائي ثلاثي الأبعاد بعنوان «الحروف»، يمتد 30 حلقة، وكل حلقة في دقيقتين، لتعليم العربية لغير الناطقين بها، وستموله شركة «كيدار» اللبنانية للإنتاج الفني.