ستحدد الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثانية في الدور الأول من كأس الأمم الأفريقية ال29 لكرة القدم المقامة في جنوب أفريقيا حتى ال10 من شباط (فبراير) إلى حد كبير مصير المنتخبات الأربعة خصوصاً لقاء غانا مع مالي. ويشهد ملعب نيلسون مانديلا باي في دوربان اليوم لقاء مصيرياً آخر بالنسبة إلى طرفيه على حد سواء الكونغو الديموقراطية والنيجر، فالأول محتاج إلى الفوز الذي سيرفع رصيده إلى أربعة نقاط بعد تعادله مع غانا (2-2)، ويضعه على السكة الصحيحة قبل المواجهة الأخيرة والحاسمة مع مالي، والثاني قد يخرج خالي الوفاض، بعد أن مُني بهزيمته الثانية على التوالي بعد الأولى في الجولة الأولى على يد مالي بالذات (صفر- 1). سيكون اللقاء مفصلياً بين غانا ومالي، المنتخبان المتقاربان في التصنيفين الأفريقي (4 في مقابل 3) والعالمي (26 في مقابل 25)، لكن المبارة الافتتاحية لكل منهما لا تؤكد ذلك، إذ بدا الفارق بعيداً في المستوى، ويميل إلى مصلحة غانا بإشراف المدرب المحلي كواسي ابياه الذي عزا النتيجة إلى أخطاء تكتيكية ارتكبها لاعبوه أدت إلى التعادل بعد أن تقدموا (2 -صفر). في المقابل، وعلى رغم تصريحات الإشادة باللاعبين وبأدائهم من جميع مدربي المنتخبات المشاركة، لم يقدم مالي العرض الذي يتوافق مع تصنيفه وترشيحه، ليكون أحد المنافسين على اللقب، فضلاً عن أن فوزه على النيجر كان صعباً، وبهدف متأخر أثار لغطاً حول صحته من الجانب الخاسر الذي اتهم التحكيم بتحمل كامل المسؤولية. وبعيداً عن كل ذلك، سيكون ملعب نيلسون مانديلا باي (45 ألف متفرج) هو الفاصل غداً، وخلافاً لنظرائه، اقتصد مدرب المنتخب الغاني المرشح الأوفر حظاً لحجز أحد البطاقتين إلى ربع النهائي، رامياً المسؤولية على لاعبيه «الذين تراخوا في نهاية اللقاء، وارتكبوا أخطاءً تكتيكيةً، سنعمل على تلافيها مع مالي». وقدّم لاعبو غانا، في مقدمهم جيان أساموا وكوادوو أسامواه لاعب العين الإماراتي ويوفنتوس الإيطالي، وكريستيان إتسو وإيمانويل أغييمانغ بادو مع لاعبي الكونغو الديموقراطية، أفضل عرض حتى الآن، وبغض النظر عن الأهداف التي سجلت فيه، فهو اللقاء الوحيد الذي لم يكن رتيباً على مستوى الأداء على مدى أكثر من 90 دقيقة. وعمل مدرب مالي الفرنسي باتريس كارتيرون على رفع معنويات لاعبيه، على رغم أنه لم يكن مقتنعاً بالمستوى، وإنما فقط بالفوز الأول والوحيد في المباريات ال6 الأولى، «ما سيعطينا ثقة كبيرة في المواجهات المقبلة». ويجب ألا ينسى كل من المنتخبين أنهما وقعا قبل عام في مجموعة واحدة، ففازت غانا في الدور الأول (2 -صفر)، وثأر مالي في مباراة المركز الثالث بالنتيجة ذاتها، ويتعين أيضاً على جيان أن يتذكر أنه يواجه الحارس مامادو ساماسا الذي صدّ له ركلة جزاء، وصار مالي بفضله ثالثاً في البطولة السابقة الذي تعمق في اختصاصه بعد أن صد ركلة جزاء لمنتخب النيجر في الجولة الأولى. سارع «الساحر الأبيض» الفرنسي كلود لوروا بعد التعادل مع غانا إلى اعتبار أن هذه النتيجة تؤكد نسيان اللاعبين خلافاتهم مع اتحاد بلادهم حول موضوع المكافآت، وأنها «توجّه إنذاراً لكل الكرة الأفريقية». ولم يتوان لوروا في إطلاق الوعود بطريقته التهريجية المعروفة ب«إعادة الكونغو الديموقراطية إلى ما كانت عليه عام 1974، عندما تأهلت للمرة الأولى والأخيرة إلى نهائيات كأس العالم». ويضيف لوروا الذي يشارك في هذه المسابقة الأفريقية للمرة السابعة، وأحرز لقبه مرة واحدة مع الكاميرون عام 1988 في المغرب، في هذا السياق «سنمضي خطوة خطوة حتى نرفع الأداء إلى مستوى بطولة كبيرة مثل كأس الأمم الأفريقية». وكان منتخب «الفهود» يحسب له ألف حساب في أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، إذ أحرز اللقب الأفريقي مرتين (1968 و1974)، وتأهل مرة واحدة إلى نهائيات مونديال 1974 في ألمانيا (الغربية). ورقص الحارس الكونغولي روبرت كيديابا بعد هدف التعادل رقصة مميزة على المؤخرة والقدمين معاً، لا يستطيع أن يحد معالمها أرباب الألعاب البهلوانية، ولا حتى أشطر الحيوانات أي أقربهم إلى الإنسان، وهو بالفعل كذلك بذقنه الكث ورأسه الحليق الذي يعلوه جديل مجذوب بربطة بيضاء، ويتدلى حتى على عنقه. ويملك الكونغو كثيراً من العناصر التي تصنع الفوز، خصوصاً القائدين تريزور مبوتو وديوميرسي مبوكاني، وهما صاحبا الهدفين في اللقاء الأول، وتريزور لوالوا لومانا وسيدريك ماكيادي. وعلى المقلب الآخر، لم يقدم «غزلان المينا» النيْجريين ما يشد الانتباه إليهم في المباراة الأولى، وما زالوا يتحسرون على الخسارة أمام مالي الذي كان «بقرار تحكيمي متعمد» من التونسي سليم الجديدي على حد تعبير محمد تشيكوتو، مدافع مستقبل المرسى التونسي. وقال تشيكوتو متسائلاً: «مثل هذا الأمور تحدث دائماً مع النيجر في كأس الأمم الأفريقية، لا أفهم لماذا دائماً هناك مشكلات في التحكيم مع النيجر»، علماً بأن منتخب بلاده تأهل إلى النهائيات للمرة الثانية على التوالي في تاريخه، وخرج من النسخة السابقة في غينيا الاستوائية والغابون قبل عام من الدور الأول بعد أن تلقى ثلاث هزائم.