ليس ضرورياً أن تكون من قاطني نيويورك أو حتى من زوارها لتعرف ما قد يعرفه شخص عادي، في أي مكان في العالم تقريباًَ، عن معضلة المساكن في هذه المدينة التي تستمد رمزيتها وصورتها المعولمة من أمرين أساسيين: فنون برودواي... وطبعاً المباني التي تطاول السحاب. ويكفي أن تكون من مشاهدي مسلسل «فريندز» الذي دُبلج وتُرجم إلى لغات عدة، لتدرك حيوية إيجاد مسكن إيجاره معقول، خصوصاً بالنسبة إلى المدينة التي يبدو الفرد العازب، رجلاًَ كان أو امرأة، صنوها وربما هويتها، أسوة بناطحات سحابها. ولو لم يكن المسلسل اختتم مواسمه العام الماضي، لربما كان كتّاب حلقاته ولّفوا حلقة خاصة ل «الأصدقاء» تشاندلر وروس وفيبي وغيرهم، تدور أحداثها حول مشروع بلدية نيويورك تشييد أول مبنى للشقق الصغيرة جداً المقدّمة بأسعار معقولة. ولربما ركّزت هذه الحلقة المفترضة على أزمة صداقة، إذ قد يفكّر أحد الأبطال الشباب في ترك المجموعة والسكن بمفرده، إذ لن يعود مضطراً إلى تقاسم السكن مع رفاقه بسبب غلاء المدينة ومساكنها. أما المشروع الذي عرضته بلدية نيويورك أخيراً فحمل تسمية «ماي مايكرو إن واي» (شقتي الصغيرة في نيويورك)، وفاز بمسابقة لتشييد أول مبنى لشقق صغيرة جداً في المدينة، في إطار مبادرة لتيسير حصول السكان العازبين على الشقق، علماً أن هذه الفئة من السكان في تزايد. ويُتوقع تشييد هذا المجمع السكني المؤلف من 55 شقة جاهزة، في أرض تابعة للبلدية في حي «موراي هيل» - شرق مانهاتن. وتتراوح مساحة كلٍّ من هذه الشقق الحديثة بين 23 و 34 متراً مربعاً، وتضم شرفات صغيرة. وستخصص نسبة 40 في المئة من الشقق لذوي الدخل المنخفض أو المتوسط، ويُتوقع تدشين المجمع السكني في أيلول (سبتمبر) 2015. وكان رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ، أطلق هذه المبادرة في تموز (يوليو) الماضي، في مسعى لحلّ مسألة السكن في المدينة التي ترتفع فيها إيجارات الشقق إلى مستويات خيالية ويتزايد فيها عدد العازبين. ووفق معطيات البلدية، تضم نيويورك نحو 1,8 مليون شقة تتسع لشخص أو اثنين، فضلاً عن مليون شقة صغيرة مؤلفة كل منها من غرفة واحدة. فهل يلهم المشروع الجديد موسماً إضافياً من «فريندز»؟