لم يبدِ وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس حماسة كبيرة لإرسال مزيد من القوات الأميركية الى أفغانستان، وربط القرار بتقويم قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال الوضع الميداني، موضحاً أن الأخير يعمل على تحضير تقريرين منفصلين حول الحرب لن يتطرق اولهما الى الزيادة. وحذّر مهندس الاستراتيجية الأميركية بروس ريدل في حديث الى «الحياة» من ضيق الوقت، معتبراً أن انجازات الحرب على افغانستان «مهددة» اليوم، و «المطلوب منع حركة طالبان من السيطرة الكاملة على البلاد». ولمح غيتس الى احتمال ان يصدر ماكريستال تقريراً ثانياً بعد الاول المرتقب بين عشرين الشهر الجاري، موعد الانتخابات الرئاسية في أفغانستان، وقبل اجتماع الحلف الأطلسي (ناتو) في أيلول (سبتمبر) المقبل، يمكن ان يتضمن طلباً بزيادة عدد القوات. وقال: «الوضع الحالي في أفغانستان مشوش، اذ ارست طالبان وجوداً لها في بعض المناطق، والعمليات العسكرية الحالية وتلك التي ستنفذ في الشهور المقبلة تهدف إلى الحد من سيطرتها وتأسيس وجود حكومي قوي ودائم يمنح الأفغان الثقة بإجراءات حمايتهم من أي أعمال تخويف وانتقام». وكانت تقارير صحافية أميركية توقعت أن يسعى ماكريستال الى حض الرئيس باراك أوباما على إرسال قوات اميركية اضافية إلى أفغانستان التي تشهد زيادة مطردة في نشاطات التمرد والهجمات التي تنفذها «طالبان» ضد القوات الاجنبية. وافادت صحيفة «واشنطن تايمز» بأن أعضاء في الكونغرس ومستشارين في البيت الأبيض طالبوا أوباما بمضاعفة عدد قوات الجيش الأفغاني من 175 الفاً إلى 400 ألف جندي، وعدم الاكتفاء بقراره السابق الخاص بزيادة عدد القوات الأميركية في البلاد إلى 68 ألف جندي نهاية السنة الحالية. وأكد غيتس أنه من السابق لأوانه توقع ما الذي سيطلبه ماكريستال، مشيراً الى ان الادارة تأمل في احداث تقدم خلال سنة، موضحاً أن كتيبة أخرى ستتجه الى أفغانستان، و «سنراقب الوضع على الأرض ونتعامل على أساسه مع أية زيادات محتملة». لكن الوزير لم يخف حذره من ارسال قوات اميركية اضافية، مؤكداً أن تقوية قوات الأمن الأفغانية تشكل الخيار الأفضل «لعدم خلق مزيد من مشاعر العداء لدى المدنيين»، مضيفاً أن «هذه الأهداف يمكن تحقيقها على المدى القصير، فيما يحتاج انجاز الأهداف البعيدة المدى مثل بناء مؤسسات وركائز الدولة الأفغانية الى عقود. وشدّد على أهمية الدور الباكستاني، معلناً أنه سيزور إسلام آباد قربياً. الى ذلك، صرح المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية الخبير الحالي في معهد «بروكينغز» بروس ريدل بأن واشنطن والقوات الدولية في أفغانستان تواجه مهمات صعبة في المرحلة المقبلة. ورأى الخبير الذي أشرف على وضع استراتيجية الادارة الأميركية حيال أفغانستان ويعتبر احد المقربين من البيت الأبيض اليوم، أن الزخم المعنوي والسياسي في حوزة «طالبان»، بعدما وسعت نطاق نفوذها خلال السنوات السبع الماضية الفائتة الى 160 منطقة، في مقابل 30 بعد إطاحة نظامها نهاية عام 2001. واشار ريدل الى ان مهمات المرحلة المقبلة ستشمل احتواء تهديد «طالبان» وأعمال التمرد، ومنعها من استعادة نفوذها السابق عام 2001، حين جعلت أفغانستان بقعة لتخطيط اعتداءات ارهابية ضد الغرب. وحذَّر من أن عامل الوقت ليس الى جانب الولاياتالمتحدة، وانه يجب الاسراع في ارسال موارد للحرب. وأيّد ريدل وزير الخارجية غيتس في اعتبار الانتخابات المقبلة في افغانستان محطة تفاؤل، في ظل توقع اقبال أكبر على الاقتراع من عام 2004، «ما سيعزز ثقة المدنيين بالحكومة التي ستنبثق عن هذه الانتخابات وسيساعد في تعزيز النية التحتية للدولة الأفغانية». واشاد ريدل بأهمية الوساطة الأميركية في العلاقات الأفغانية الباكستانسة، و «هو ما تحتاج اليه أفغانستان لإيجاد صيغة للتعامل مع ملاذات الارهابيين التي تشكلت في باكستان خلال السنوات الماضية». ويرجح خبراء نشوب حرب طويلة في أفغانستان مكلفة سياسياً وعسكرياً للرئيس باراك أوباما، علماً ان الولاياتالمتحدة انفقت 223 بليون دولار منذ غزوها أفغانستان نهاية عام 2001، إلى جانب التكلفة التي تكبدتها بسبب العمليات العسكرية المباشرة وتضاعفت من 982 مليون دولار عام 2003 إلى 9.3 بلايين دولار العام الماضي، فيما بلغت حصيلة ضحايا الجيش الأميركي 706 جنود حتى الآن.