دخل مصرف كبير في جنوب أفريقيا في خلاف مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم بسبب حملة إعلانية يعبر فيها شبان عن مخاوفهم من التقدم المتعثر لما يعرف بالدولة متعددة الألوان التي دعا إليها نلسون مانديلا. ووصفت حملة "يمكنك المساعدة" التي أعلنها فيرست ناشونال بنك ذراع مجموعة فيرست راند المالية بأنها محاولة لتنشيط السعي لبناء نظام ديمقراطي غير عنصري على أنقاض نظام الفصل العنصري. وفي الإعلان الذي أذيع لأول مرة الأسبوع الماضي تظهر فتاة عمرها 17 عاما في مدرسة في حي سويتو الفقير في جوهانسبرج تعبر فيه عن مخاوفها من الجريمة والفساد ونظام التعليم العام الفوضوي. لكن الحملة أثارت ردودا غاضبة من حزب المؤتمر الوطني مما يكشف حساسية الحزب الموجود في السلطة منذ 19 عاما والمحصن فعليا بأغلبية الثلثين في البرلمان. واتهم الجناح الشبابي في الحزب البنك بالخيانة و"بمحاولة عرجاء لبعث شكل ما من أشكال الربيع العربي في جنوب أفريقيا" بينما وصفت رابطة المرأة بالحزب الحملة الإعلانية التلفزيونية التي لم تذكر حزب المؤتمر الوطني بالاسم بأنها "مسيئة ومتحيزة سياسيا." ورفض كبير المتحدثين باسم الحزب في بيان الإعلان ووصفه بأنه "لا يحترم كبار السن" وقال إن الحزب "سيتواصل" مع رؤساء البنك مما اثار المخاوف بشأن حرية التعبير في أكبر اقتصاد في أفريقيا. وهذه القضايا جميعها موضوعات سياسية قائمة منذ فترة طويلة اعترف الحزب بأنها مشكلات لكن شدة رد فعله تشير إلى المخاوف من انتخابات عامة من المقرر أن تجرى في نيسان/أبريل العام القادم. وبينما لا توجد فرصة فعليا لأن يخسر الحزب الذي ساعد على إنهاء عقود من حكم الأقلية البيضاء السلطة يقول محللون إنه قلق على شعبيته بين شباب جنوب أفريقيا الذين ولدوا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري. وبينما لا يرى ملايين السود تحسنا يذكر في ظروفهم المعيشية على الرغم من النمو الاقتصادي القوي منذ عام 1994 يشعر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أيضا بقلق من أن تعهد مانديلا (94 عاما) في حملته "بحياة أفضل للجميع" بدأ يظهر فارغا. وقال وليام جوميد وهو محلل سياسي في جامعة ويتس بجوهانسبرج "من الواضح أن حزب المؤتمر الوطني حساس للغاية لاحتمال أن يفقد أصواتا بسبب الإدارة غير الكفؤة للبلاد في بعض الأماكن ولأنه لا يفي بوعوده بالوظائف والنمو." وأضاف "بالرغم من أن الحزب موجود في السلطة منذ فترة طويلة إلا أنه لا يزال يعاني من عقد نقص." وقال فيرست ناشونال بنك إنه لن يذعن للضغوط كي يسحب الإعلان الذي اعتمد على مقابلات مع 1360 شابا من جنوب أفريقيا يتحدثون دون نص مكتوب و"من القلب". وينفي البنك وجود أي دافع سياسي وراء إصداره ملخصا منفصلا للمقابلات التي أجراها والتي ضمت بالفعل انتقادات الشبان التي ادانت في الغالب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وقياداته. وفي جوهانسبرج وهي مركز تجاري في جنوب أفريقيا ويعيش فيها ربع سكان الدولة البالغ عددهم 52 مليونا لم يبد سوى أربعة في المئة فقط من الشبان رأيا إيجابيا في قيادة جاكوب زوما الذي جاء للسلطة في عام 2009 . وتشير الاقتباسات التي أذاعها فيرست ناشونال بنك إلى أن الناخبين الذين يدلون بأصواتهم لأول مرة يتبنون رأيا سلبيا عن حكومة زوما بسبب الفضائح العديدة التي تعاني منها.