تنازلت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية عن سقف مطالبها لوزارة العدل، مكتفية بطلب تنظيم زواج القاصرات، وأن يكون للقضاء دور قبل استكمال إجراءات الزواج من دون أن تترك للمأذون فقط. وسبق أن وجهت «حقوق الإنسان» خطاباً لوزير العدل الدكتور محمد العيسى طالبته فيه بضرورة إبلاغ مأذوني الأنكحة بعدم إبرام أي عقد نكاح تكون فيه الفتاة قاصراً، بيد أنها تراجعت عن مطالبها إلى حد طلب تنظيم زواج القاصرات. وأوضح المتحدث الرسمي نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان ل«الحياة» أن الجمعية رأت عدم إمكان تطبيق مطلب منع زواج القاصرات، فاكتفت بطلب تنظيم مثل هذه الحالات، مع مراعاة أن يكون للقضاء دور أكبر في اتخاذ القرار من دون أن يترك الموضوع للمأذون فقط. وقال: «إننا في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ومن واقع عملنا منذ ثمانية أعوام لم نسجل سوى حالات قليلة جداً في ما يختص بزواج القاصرات، وكانت هذه الحالات نتيجة لظروف خاصة بأسرة الفتاة القاصرة، كأن يكون ولي أمرها والدها أو أخاها وعنده ظروف صعبة يحاول إيجاد حلول لها من خلال تزويج أخته القاصرة». من جهته، انتقد المحامي عبدالرحمن اللاحم أداء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية مبيناً أنها لا تتعامل باحترافية عندما تتناول قضايا عدة في آن واحد، مشيراً إلى أن الملفات المختصة بجمعية حقوق الإنسان أصبحت أكبر منها، ومن غير الممكن إدارتها بهذه الطريقة، وأن الحل يكمن في تفرع جمعيات مختصة منها. وأوضح اللاحم أن عدم تحديد سن للزواج يعود إلى ممانعات شرعية من بعض الجهات الدينية التي تعتقد أن هذا الأمر يخالف الشريعة الإسلامية، معتبراً أن القضية تدخل ضمن المباح ويجوز للدولة أن تقنن المباح كاشتراطها للفحص الطبي قبل الزواج، فالصراع الآن ديني وليس قانونياً.وأكد أن المملكة التزمت بقانون حماية الطفل الدولي ولا بد لها من تحديد سن لزواج الفتيات القاصرات، ومن يحل هذه المسألة هي الجهات التشريعية في البلد، والجهات القضائية لا تشرع بل تطبق القانون. وتأسفت الكاتبة والمهتمة بشؤون المرأة والطفل الدكتورة أميرة كاشغري في تصريح إلى «الحياة» على خفض مستوى مطالبات جمعية حقوق الإنسان تجاه موضوع زواج القاصرات، مؤكدة أن زواج القاصرات جريمة لا تحتاج إلى أي مزايدات، لأنه إجرام في حق الطفولة، ويجب أن يمنع منعاً صريحاً مع إعلام المختص بذلك. وأوضحت كاشغري أن العبرة في قضية زواج القاصرات ليست بعدد الحالات، ولكن بفداحة التأثير والأثر النفسي والاجتماعي للحالات الحاصلة، مع ضرورة وضع حد لهذه الممارسات المؤلمة والقاسية التي تؤرق المجتمع، معبرة عن خيبة أملها تجاه «المجمع الفقهي» إذ لم يصدروا قرارات حيال زواج القاصرات وأن الوضع بحاجة إلى قانون لا فتوى.