كشف مسؤول في وزارة الداخلية التونسية التي يتولاها علي العريض القيادي في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، أن «قيادات عليا» في الوزارة أدرجت مادة «التثقيف الديني» ضمن مقررات التعليم في مدارس الأمن، في إجراء رأى فيه مراقبون خطوة أولى نحو «أسلمة» جهاز الأمن في البلاد. وقال رياض بلطيف المدير العام للتكوين بوزارة الداخلية لاسبوعية «آخر خبر» التونسية: «وردتني ملحوظة عمل (...) في ما يخص برنامج -أو مادة- التثقيف الديني (...) رأت القيادات العليا أنه من الصالح إلقاء محاضرات تدوم ساعتين (أسبوعياً) في كل مدرسة» أمنية. وأضاف أن المحاضرات ستلقى «عن طريق خطباء وأئمة وأساتذة جامعيين». وأوضح أن موضوع «كل المحاضرات» هو «الاعتدال (الديني) والوسطية في تونس»، مؤكداً أن المحاضرات «لقيت قبولاً واستحساناً في كل المدارس» الأمنية. ولم يكشف المسؤول هوية من أصدر «ملحوظة العمل» المتعلقة بتدريس مادة التثقيف الديني وعما إذا كانت «الملحوظة» وردته مكتوبة أم شفوية. وأدلى رياض بلطيف بهذه التوضيحات رداً على نشر الأسبوعية في عددها قبل الأخير مقالاً قالت فيه إن بلطيف هو من «أضاف» مادة التثقيف الديني إلى مقررات التعليم بالمدارس الأمنية. ولفتت الصحيفة إلى «التكتم الرسمي الكبير الذي أحاط بموضوع التثقيف الديني بالمدارس الأمنية». وقالت: «الأخطر هو جهل المكونين الأكاديميين بوجود مثل هذا التكوين، فهل يعني أن هذه المسألة سرية؟». ونبّهت إلى أن «موضوع المحاضرات (الدينية) غير ثابت وانه يتطرق إلى زوايا أيديولوجية مختلفة من شأنها أن توجّه المتكون أو المتربص (المتدرب) وتخلق لديه خلطاً بين المفاهيم القانونية والدينية». وتساءلت: «من هؤلاء الأئمة الذين تتم دعوتهم لممارسة التثقيف الديني؟ وما علاقتهم بالعمل الأمني؟ وما هي المعايير التي يتم استقدامهم على ضوئها؟ وهل تمت مراقبة المواد المقدمة؟ وهل يحتاج تأسيس الأمن الجمهوري في تونس إلى تكوين من هذا القبيل؟». وذكّرت الصحيفة بأن وزارتي الشؤون الدينية والعدل وقّعتا أخيراً اتفاقاً يسمح للأئمة بزيارة السجون التونسية ل «تأطير» المساجين. وتنتقد أحزاب المعارضة باستمرار توافد شيوخ دين تصفهم بأنهم «وهابيون» من دول خليجية على تونس لنشر مذاهب وأفكار «متشددة» في البلاد. وتساءلت الصحيفة: «هل ستقودنا هذه العقلية أيضاً إلى إخضاع جيوشنا إلى هذا التكوين الغريب الذي نشتم منه رائحة حزبية وسياسية معلومة (..) ورغبة جامحة (من حركة النهضة) في الهيمنة على مفاصل الدولة؟». ونقلت عن رضا الرزقي المتحدث باسم نقابة قوات الأمن الداخلي غير الحكومية، أن «الأمنيين يحتاجون إلى تكوين يرفع من مستوى أدائهم المهني خلال ممارسة العمل وليس إلى دروس دينية». وقالت أيضاً إن «الديموقراطيات العريقة لم تلجأ إلى التكوين الديني»، وإن القوات المسلحة «يجب أن تتدرب (فقط) على الحياد وتطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان والمعايير الكونية إضافة إلى التكوين الصناعي والتقني الخاص بكيفية التعامل مع التظاهرات والمنحرفين بصورة عامة». وذكرت بأن حركة النهضة «بدأت» منذ سبعينات القرن الماضي «تعمل على اختراق» وزارات الداخلية والدفاع وجهاز الاستخبارات في تونس عبر تشجيع اتباعها على الدراسة في الأكاديمية العسكرية والمشاركة في مسابقات التوظيف بجهاز الأمن «أو عبر التقرب من عناصر عسكرية متدينة». وأضافت أن الحركة تمكنت بفضل هذه الاختراقات من تأسيس أجهزة عسكرية وأمنية واستخبارية «موازية» لأجهزة الدولة وأنها أعدت لتنفيذ انقلاب على نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، إلا أن زين العابدين بن علي الذي خلف بورقيبة سبقها إلى ذلك. ونقلت عن الاستاذ الجامعي علية العلاني المختص في شؤون الجماعات الإسلامية بدول المغرب العربي، أن «التنظيمات الإسلامية في طبيعة أدبياتها وفكرها تؤمن بالتسرب إلى المؤسسة العسكرية» والأمنية.